رغم ما تمت كتابته والحديث عنه ومناقشته مناقشة جدية في جميع الوسائل الإعلامية والمجالس الرسمية والخاصة، لا يزال مجتمعنا يسمع بصورة مستمرة خبر طلب عتق رقبة بمبلغ يصل لعشرات الملايين. وإضافة لمعضلة طلب المبلغ الكبير فإن مراحل وطريقة جمع المبلغ فيه إشغال للمجتمع والكثير من الدوائر الرسمية وغيرها. وبالطبع ناهيك عن الضغط النفسي الذي يتعرض له ذوو من تم الحكم عليه بالقصاص والحالة النفسية التي يمر بها من حكم عليه بالقصاص. وبدأنا في الوقت الحالي نسمع عن الوسطاء الذين للأسف يكون بعضهم ممن هدفه استغلال هذا الأسلوب والذي يبدو وكأنه استغلال ومتاجرة بالرقاب. وكما أن الكل يعلم بأن مطالبة أهل الدم لديهم الحق بالمطالبة بدية معينة أو تقديمهم شروطا محددة للتنازل، إلا أنه من الممكن أن يكون هناك أسلوب موحد لكل الحالات التي يكون فيها إمكانية أو احتمال وقابلية لأهل الدم على التنازل، خاصة اذا كانت عملية القتل لم يكن مخططا لها وحصلت أثناء فورة غضب على سبب تافه لا يرقى للتعدي الجسدي. وفي هذه الحالة عادة ما تكون هناك مشاورات بين الطرفين الأساسيين في مثل تلك الأمور المعقدة ولكن تكون في نهاية المطاف إمكانية للتنازل من أهل الدم. وأنا هنا لا أتكلم عمن ارتكب جريمة قتل بسبق الإصرار والتعمد والترصد، أو يكون المتضرر فيها المجتمع بأكمله من قبل أناس لهم النزعة الإجرامية، أو ممن يهربون السموم إلى مجتمعنا لإفساده أو من يحاولون هز الامن والتلاعب باستقرار البلد. ولهذا وفي وقتنا الحالي من الممكن أن يكون هناك قوانين محددة لما يسمى بعتق الرقبة. فمن الممكن أن يتم سن قوانين في الدائره الرسمية تكون واضحة المعالم. وتكون الدية على شكل مخصصات معينة لأصحاب الدم. مثل تقديم مبلغ محدد غير مبالغ فيه لأصحاب الدم او تأمين مسكن مناسب. وأهم نقطة هي الاعتناء بأسرة القتيل عن طريق تأمين مقاعد دراسية تكون مدفوعة من أموال الدية، إن كانت المقاعد الدراسية في مدارس أو جامعات خاصة أو تأمين مصاريف علاجية من الدية نفسها وإضافة لذلك صرف مبلغ شهري لأسرة المتوفى. وبهذا تكون الدية غير مبالغ فيها طوق أمان وحماية من العوز دون ضرر للآخرين. وكذلك إبعاد الوسطاء ممن قد يستغل الديات المبالغ فيها التي تكون قد وصلت إلى عشرات الملايين. وبذلك يكون هناك أسلوب واضح للعناية الطويلة الأجل لأسرة فقدت احد ابنائها لكيلا يتعرضوا للضياع بسبب فقدان احد أفراد الاسرة. إن تطبيق وسن قوانين واضحة حول الحد من المطالبات المبالغ فيها سيحد من أي ظاهرة لاستغلال مآسي بعض الأسر، وكذلك سينظم أسلوب التعامل مع قضايا الدية، وبهذا سيختفي الضغط النفسي الذي يتعرض له الكثير أثناء المداولات.
ولكن ما هو مهم حول هذا الموضوع الحساس هو أن يقوم البيت في مجتمعنا بدوره في تربية ابنائه على عدم الانجرار وراء لحظات الغضب التي ومع أنها وقتية، إلا أن عواقبها وخيمة. فكم من أسرة ضاعت أحلامها بسبب فورة شاب غاضب على أمور تافهة لو تم الصبر عليها لفترة بسيطة لانتهى الأمر. وكذلك لا بد من كل أب وأم أن يبعدوا أبناءهم عن رفقاء السوء.
* كاتب ومحلل سياسي