في كتابه القادم(Diversity Explosion) انفجار التنوع، يقدم الكاتب والديمغرافي بمعهد بروكنز بالولايات المتحدة الأمريكية وليم فري William Frey لمحة عن مستقبل أمريكا في السنين القادمة، من جانب التنوع العرقي لمواطنيها. ويقرر في كتابه الذي اتخذ له عنوانا فرعيا أكثر دقة لما يعتزم بحثه (كيف سيصبغ التنوع الديمغرافي أمريكا المستقبل) أن الأقليات الهسبانية، والآسيوية، والأفريقية تواصل القدوم بينما العرق الأبيض يتباطأ في النمو وتقل الشريحة ذات العمر الصغير للبيض، وأن المستقبل في السنوات العشر القادمة سيحمل ضموراً للعرق الأبيض.
الباحثون الديمغرافيون يؤكدون أن الولايات المتحدة تشهد موجة كبيرة من الهجرة تعتبر الثانية في تاريخها، إذ يحددون الهجرة الأولى إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأنها قد امتدت من سنة 1880م إلى سنة 1920م، بعد اكتشاف جزيرة اليس (Ellis Island) على الشاطئ الأعلى لخليج نيويورك المطل على المحيط الأطلسي؛ مما مهد وقتها لهجرة الملايين من البيض الأوربيين والأنجلوسكسون مدفوعين من جانب بالاضطهاد السياسي والاجتماعي في أوربا وبالوضع السياسي المتقدم وفرص العيش الواعدة في القارة الفتية أمريكا.
الموجة الثانية للهجرة التي تشهدها أمريكا الآن متواصلة منذ 1970م، وفي غالبها تتكون من فئة الطبقة الوسطى وعزز استمرارها وتواصلها التقدم المذهل في وسائل النقل والسفر والتقنية بشكل عام.
على العكس من أوروبا التي تشهد تصاعد اليمين المتطرف بين شعوبها وخوفا حقيقيا على الهوية، يشكر الباحث فري، والكثير من الباحثين، المهاجرين الى الولايات المتحدة؛ لأنهم في الواقع ينقذونها من مصير بعض الدول الأوربية ومصير اليابان التي تشهد تناقصاً حاداً للشريحة العمرية الشابة، بما يصاحبها من فقدان للأيدي العاملة واستمرار عجلة الإنتاج في موازاة النمو في الشريحة العمرية الكبيرة التي تعاني الشيخوخة مع ما يصاحبها من كلفة في وسائل دعم الحياة والعناية الطبية العالية جداً.
ويقول فري: "إنه لولا الهجرة في السنوات العشرين الماضية وكذلك الإنجاب المتواصل والمستمر للأعراق المهاجرة لكانت أمريكا اصبحت لا تختلف في شيء عن اليابان ودول أوروبا التي تشهد هبوطاً حاداً في الأيدي العاملة ونموا في شريحة المتقدمين في السن وبالتالي عجزاً في الاقتصاد"
يقول وليم فري في كتابه (إنها مهمة كل من ينتمي الى امريكا التأكد من أننا وطن ذو تنوع عرقي منتج ومتعدد) وقد اذهلتني كيف أن قيمة الإنتاج قد زرعها (فري) داخل هذه الجملة كقيمة اساسية لكل مواطن أمريكي.
التعدد العرقي في الولايات المتحدة لا مثيل له في العالم؛ هو مجتمع شخصيته لا تكمن في محددات وراثية كلون البشرة أو ملامح الوجه، فلن تأتي الى ذهنك صورة نمطية حين تسمع عن شخص أمريكي مثلما تأتي الى ذهنك صورة نمطية حين تسمع عن شخص صيني أو جاميكي أو عربي. في المجتمع الأمريكي تختفي الملامح عن رسم الهوية لتحل محلها المبادئ والقيم.
* برنامج التعاون الصحي المشترك
مستشفى الملك فيصل التخصصي بالدمام