لم يشأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - والأب الروحي لمؤسسة الحرس الوطني، تلك المؤسسة الوطنية والعسكرية التي تعهدها - أيده الله -، عبر عقود طويلة، أن يكتفي بتطويرها كجهاز عسكري وقوة وطنية تقف إلى جانب الجيش للذود عن حمى الوطن، وحماية مواطنيه وأرضه ومقدراته وحسب، وإنما أراد أن يجعل من الحرس الوطني مؤسسة وطنية تتدفق منها السواقي في كل الاتجاهات.
إلى جانب دوره العسكري، ساهم الحرس في تأسيس أفضل معطيات التنمية في الثقافة والحفاظ على التراث الوطني، وفي الخدمات الصحية النوعية، وفي بناء الوعي العام، وفي التعليم في مختلف مستوياته ومجالاته، وفي التوعية الدينية الفاعلة بوعي، والمنطلقة من سماحة الدين الحنيف، ونبذ الغلو والتطرف، وفي تحقيق الأمن الوظيفي لأبناء الوطن، وفي الثقافة العسكرية وبرامجها المختلفة.. حتى تحول هذا القطاع العريض بسهر هذا القائد الفذ ونفاذ بصيرته إلى جهاز وطني متعدد الأدوار. لا يُمكن أن يولّي المرء بصره في أي اتجاه وأي مضمار يخدم الوطن وتنميته إلا ويجد الحرس حاضرا وبكثير من النبوغ فيه، وهذا ما عبّر عنه عدد من المثقفين الرموز عربا وأجانب، ممن أتيحت لهم الفرصة للمشاركة في مهرجان الجنادرية، والذي بات يُعد الآن واحدا من أبرز المهرجانات الثقافية على مستوى الأمة العربية، حيث عده الكثيرون الوجه الأكثر تألقا والذي يعكس عمق رؤية قيادته لدور المؤسسة العسكرية في تأصيل علاقاتها في مجتمعها ومحيطها.
كذلك هو الحال بالنسبة للقطاع الصحي في وزارة الحرس الوطني، والذي استطاع أن يضع هو الآخر بصمة فريدة ونوعية في نفس الوقت على الخدمات الصحية التي يحظى بها المواطن السعودي، ليس فيما تقدمه مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في الحرس الوطني من نجاحات على هذا الصعيد وحسب، وليس من خلال دخول هذا القطاع في وزارة الحرس إلى العالمية من خلال عمليات فصل التوائم وحسب، وإنما من خلال تبني هذه «الوزارة / المؤسسة» مشروع أول جامعة صحية متخصصة هي جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، والتي دشن مؤخرا الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، وزير الحرس الوطني مدينتها الجامعية في محافظة الأحساء، إنفاذا لتوجيه خادم الحرمين الشريفين في دعم البيئة الصحية الأكاديمية في كل من العاصمة الرياض والأحساء وجدة، وهي المدينة التي تتربع على مساحة 642 ألف متر مربع، وتضم الكثير من المنشآت الأكاديمية والإدارية، والمنشآت الرياضية، ومرافق الخدمات، حيث تشكل هذه المدينة الجامعية إضافة نوعية بثقل نوعي للخدمات الصحية في المملكة والتي تفوق فيها الحرس الوطني. في هذا الإطار سجل الحرس الوطني من خلالها حضورا باهرا بلغ العالمية، كما هو الحال مع برنامج فصل التوائم السياميين، والذي ألغى الحدود والمسافات مع كافة الدول والمجتمعات، ليقدم خدماته الإنسانية إلى مختلف القارات، متجاوزا بذلك دولا عريقة في مجال الخدمات الطبية.
وإذا كان من الصعب جدا أن نستعرض في مثل هذا المقام كل تلك الأشواط الطويلة التي قطعها الحرس الوطني في مضمار التنمية والتحديث في مختلف المسارات التي قدم فيها مساهماته الوطنية بفضل رؤية قيادته وبُعد نظرها، إلا أن حضور الحرس الوطني كمؤسسة وكوزارة في حياة الناس بكافة تفاصيلها ما يغني عن ذلك، خاصة ونحن نشاهد كيف يتحرك سمو الأمير متعب بن عبدالله الذي تولى زمام الأمور فيها بعد أن تحولت إلى وزارة في مختلف جهات الوطن الأربع، ليتابع عن كثب مسيرة هذه الوزارة المظفرة التي نثق في أنها لن تتوقف عند أي محطة مهما كانت متقدمة، نسبة لحجم الطموح الذي زرعه باني هذا القطاع وصانع أمجاده في أوصالها، وجعله أحد أبرز جيناتها.
الحرس الوطني صفحة مضيئة في سجل الانجازات الطبية
مركز الغسيل الكلوي بجدة التابع لمؤسسة خادم الحرمين الشريفين العالمية للأعمال الإنسانية
إسهام مباشر للحرس الوطني في بناء الانسان وتعمير المكان