قد يبدو لكم من العنوان, أن الموضوع رياضي بحت، وقد يكون كذلك وفي كلتا الحالتين خذوه بروح رياضية عالية وروح وطنية خلاقة.
أعجبني مثل شهير لوليام شيد William G.T. Shedd ترجمته بتصرف, يقول ما معناه : السفينة على الفرضة آمنة من الغرق, ولكن هذا ليس ما صنعت له السفن ! " “A ship is safe in harbor, but that's not what ships are made for ".
تأملت الكلمات الرائعة من هذه الحكمة ووجدتني لا شعوريا أربطها بواقعنا (أربط الحكمة وليس السفينة) !! شبابنا هم السفينة بجميع فئاتهم ومستوياتهم في الوظائف المتعددة سواء كانت حكومية أو قطاعا خاصا بما فيهم حكامنا في كرة القدم.!!
كما تعلمون ان السفينة التي لا تبحر ولم تصمم لمواجهة الامواج العاتية في عبور البحار والمحيطات وتحمل على ظهرها الركاب والبضائع لم تقم بواجبها الذي صنعت من أجله.
قد تخفق مرة بسبب مناخ قاسي أو حمولة زائدة نتيجة سوء تصرف، وقد يكون الاخفاق ناتجا عن وجود جبل جليدي لم ينتبه له القبطان ... الخ نتيجة سوء الاحوال الجوية.
إذا انعدمت الثقة في شبابنا خوفا من الاخفاق وأصبحنا نستقدم الخبير الاجنبي في الاقتصاد والصناعة, والتدريب والتطوير والتخطيط والرياضة - رغم علمنا بأن الخبرات المحلية في شبابنا لا تقل كفاءة وجدارة عن غيرهم إن لم تكن خبرات شبابنا أجدر - فسوف يبقى شبابنا في خانة الاحتياط أو في الاوقات الضائعة كما يحدث مع الحكم السعودي في دوري جميل.
من يشكك في قدرة شبابنا وقدراتهم, نشكك في قدراته حول معرفة القيمة الحقيقية المتمثلة فيما يملكه شباب الوطن من خبرات.
أذكر لكم مثالا حيا وليس للدعاية والله: كنت في زيارة لمصفاة رابغ مع وفد فرنسي من شركة ساتورب SATORP) ( دخلنا قلب المصفاة النابض - غرفة التحكم CONTROL ROOM , هل تعلمون ان من يديرها هم الشباب السعودي الذي لم يتجاوز عمر أكبرهم 30 سنة. كانوا طلاب ثانوية بالأمس, أتيحت لهم الفرصة من خلال تدريب جيد، وأعطيت لهم مميزات وحوافز , فكانت النتيجة ان اعتمدت شركة بترو رابغ عليهم وأعطتهم الثقة في ادارة غرفة التحكم.
وقس على ذلك غيرهم من الشباب السعودي في عدد من الشركات الأخرى مثل أرامكو السعودية, سابك, صدارة, ياسرف وساسرف, هذه الاسماء مجرد عينة والامثلة الجيدة حول نجاحات شبابنا واضحة.
وعلى النقيض, يقص علي أحد زملائي معاناته من عدم الثقة فيه من قبل دائرته, بينما تعطى الثقة لكل من يطلق عليه خبير رغم ان صاحبي هو من يعلم ويطور كل خبير جديد ينضم لتلك الادارة.
إنها عقدة الخبير الاجنبي التي جعلت مقياس الخبرة يقتصر على صاحب العين الزرقاء والرقبة الحمراء, قلت لصاحبي: «لا تحزن ولا تقلق خلك متفائلا وانظر للامور من زاوية الجمال لترى كل شيء جميلا».
استوقفني، وقال: حتى جميل لم يكتمل! لم أفهم قصده, بعد ان شاهدني مندهشا أوضح كلامه بشيء من الطرافة، وقال: "أقصد دوري عبداللطيف جميل, الاستديو جميل, وشبابنا المحللون يازينهم وزين الكرفتات ورغم كل هذا الزين لم نجد من يعطي الحكم السعودي الثقة, فقط أعطي الساعة، وغيره من الاجانب أعطيت لهم الساحة والمساحة!".
عزيزي القارئ , أترك لك ان تحلل العنوان والموضوع بطريقتك, وان تقارنه مع وضعك في عملك مع رئيسك في مجتمعك, هل انت ممن يعطى مساحة للحرية والتفكير والابداع والثقة؟ إذا كان الامر كذلك فأنت حكم ساحة!! أما إن كنت تشعر بأنك ضائع في موقعك من الإعراب الوظيفي والمجتمعي، لكن دون تلك الساعة التي يحملها الحكم السعودي في الوقت الضائع ! فأنت حكم ساعة!
مستشار تدريب وتطوير