أكتب هذا المقال اللاهث من مدينة الرباط المغربية مكانا، وفي الرابعة فجرا زمنا، وفي الأسبوع الأول من الشهر الأول من السنة الهجرية الجديدة 1436هـ تاريخا، ولم تعتد اليد بعد على تغيير الرقم الأخير من كتابة السنة الجديدة.
أكتب هذا الموضوع من شرفة غرفة فندق بهي يطل على المدينة وبعض معالمها، فتبرز في أعلاها البنايات الحمراء والبيضاء الغالبة على سائر الألوان الأخرى، وقبل الاسترسال في ذلك، أود أن أشير إلى أن ثمة موضوعات متعددة تتزاحم في رأسي الآن من بينها :
ـ انطباعات عامة عن دورة الشاعر أبي تمام الطائي التي عدنا متخمين حبا به وله من مدينة مراكش، حيث أقيمت الدورة الرابعة عشرة لمؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري واحتفالها باليوبيل الفضي لإنشائها، وهذه الأسفار الرائعة من الإصدارات المصاحبة لها.
ــ يطل يوم عاشوراء بتموجاته بين الحرص الشديد على إدراكه صوما، بصوم ما قبله، وصومه هو، وصوم ما بعده امتثالا لما جاء في الحديث النبوي الشريف الوارد عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، والإرث التاريخي لهذا اليوم وما قيل فيه على مستوى الديانات والحضارات الأخرى التي قبل الإسلام.
ـ وموضوع ثالث وهو ما يلمسه المسافر خارج المملكة من فرق شاسع جدا في أسعار السلع الاستهلاكية العامة بينها داخل المملكة وخارجها، وحتى القريبة جدا منها، الذي لا نشعر به في بلادنا الغالية، وأننا نعيش - ولله الحمد - في نعمة ورخاء بسلع مدعومة حكوميا ورخيصة مقارنة بالدول الأخرى، ولا نشعر بها إلا إذا سافرنا.. وبكلمة : فكل الأسعار خارج المملكة مرتفعة، وفي داخلها مناسبة ورخيصة.. والحمد لله على ما نحن فيه، وأعز الله حكومتنا الرشيدة.
ـ وموضوع آخر وهو تلك الأصداء الجميلة التي لموضوع الأسبوع الماضي عن ثقافة الأسماء، التي كنت أود استعراضها على شكل رسائل، حيث وردت معلومات هامة وجميلة وجديدة فيها، لعل أبرزها تلك التي وردت من قارئ كريم حول كلمة «با» التي تسبق بعض الأسماء الحضرمية كـ «بامعروف وباوزير ... إلخ»
وغيرها من الموضوعات التي تتزاحم في فكري.
وأعود للموضوع:
في الحقيقة إن المغرب العربي بلد مفتوح / مقفول
مفتوح على الجميع، وللجميع دون استثناء، ولقد وصلتني معلومة مؤكدة أن المملكة المغربية الشقيقة هي أقل دولة في العالم يدخلها زوارها بتأشيرة دخول «فيزا» وهذا أمر فريد تمتاز به المغرب، ولهذا يرافقك في الشارع المغربي عدد من رعايا الدول العالمية الكثيرة، حيث يمضي كل إلى غايته.
أما أنه مقفول فهو مازلنا - نحن المشارقة - غير منفتحين - في رأيي - بما فيه الكفاية - مقارنة بسوانا من الدول والشعوب الأخرى - على المغرب الشقيق، ومازال الوجود السعودي والخليجي والعربي المشرقي محدودا جدا في أغلب صور الحياة السياحية والاجتماعية والثقافية والتاريخية والاقتصادية في المغرب.
ـ يقترب من نافدة الشرفة طائر رمادي اللون يدور حول نفسه، وأضعُ رأس القلم على الزجاج اقترابا منه ويراه لكنه لا يطير .
ـ تتوالى الصور ، ويبدأ النهار في البزوغ أكثر مع كتابة المقال.
ـ الأقواس والنقوش والرواقات الأندلسية مفروشة في معظم البنايات وتلفت انتباه الزائر .. فتقف أمام إحداها تستحضر حقبا من تاريخ مضى رسمه المرابطون والموحدون والأغالبة والأدارسة والعمامرة، وسائر الأسر والعوائل التي مرت وحكمت هذه البقعة العربية الرائعة من الوطن العربي.
كما تستحضر تلك الدويلات والممالك التي امتدت تفاعلاتها إلى المغرب قادمة من الأندلس.
وأختم هذا المقال بأبيات من قصيدة شاركت بها في الأمسية الشعرية الثانية في فعاليات الدورة المذكورة في أول المقال ممثلا المملكة بين عشرة شعراء من الدول العربية مثلوا بلدانهم : أرى نجومي .. وقد ضاؤوا بمجلسهم
وجاوزوا الزمن المحدود بالهرب يسابقون لكي ترنو محاجرهم
إلى حبيب ابن أوس شامخ الحسب مراكش باسمه المنقوش قد لبست
ثوب المعالي ونالت دروة الرتب * شاعر وكاتب، والمدير الإداري
لنادي الأحساء الأدبي