إن الناظر الى حال الساحة الشعرية اليوم يجد أنها انجبت لنا كما هائلا من الشعراء والشاعرات ولا تزال في رحم هذه الساحة أجنه لم تر النور بعد، وهذا الانجاب غير المنظم اصاب الساحة بزخم شعري كبير جدا، ولا ننكر ايجابيات هذه الكثرة وسلبياتها، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت المتنفس ووسيلة الظهور غير المقننة والتي تعطي للجميع حرية التواجد بلا قيود ولا محسوبيات، مما منح كثيرا من المواهب الشعرية المميزة فرصة البروز حيث كان لحضورها وطرحها الحظوة والقبول عند المتلقين والمهتمين بالشعر الشعبي، فقد كسبوا الجماهيرية والانتشار وحظيت نصوصهم بالقبول والثناء وكونوا قاعدة جماهيرية لا يستهان بها، وكل ذلك لم يأت من فراغ إنما كان لتميز ما يقدمونه اليد الطولى في بلوغهم هذه المنزلة. وفي الجانب الآخر وجدنا جيل الصحف والمجلات يحاولون التقليل من بروز الشعراء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي واحتلالهم هذه المكانة، ولذا ومع شديد الأسف اصاب اغلبهم جنون الثقة وانفلونزا التشبب واصبحوا يكتبون لمجرد الحضور أمام أعين الناس ودفعهم لذلك ذاك الوهم المسيطر على اذهانهم بانهم لا يقدمون الا الجيد والمقبول وان الجمهور بات معجبا بكل ما يطرحه هذا الاسم سواء كان المطروح جدير بالإعجاب أو لا، ظنا منهم انهم نحتوا اسماءهم على صخور التميز وانه من الصعب محو ما نقش على الحجر متناسين بان عوامل التعرية المتمثلة في سمو ذائقه المتابعين ستزيل هذا النحت مرة تلو مرة، ومع تعاقب النصوص الرديئة ستزول معالم المنحوت وتخرجهم من حلبة المنافسة وتفقدهم ثقة جمهورهم العريض الذي كان دائم التعطش لتلك الاطروحات الشعرية الفارهة، ومن ثم اتى في جانب اخر شعراء وشاعرات لم يستطيعوا منافسة هذا الجيل لا بغث ولا بسمين، فاصبحوا يبررون لأنفسهم بانهم اكبر من ان يتواجدوا في ساحة اختلط فيها الصالح بالطالح متغافلين عن مقوله (البقاء للأفضل) وكم من اسماء برزت ولمعت وأضاءت الاذهان، وما لبثت غير يسير ثم بدأت كواكبها بالأفول وخرجت من مجرة الإبداع الى عالم التيه وضياع الهوية الشعرية والجمالية والإبداعية، وهم بهذا الحضور القاصر او الغياب غير المبرر تركوا ساحة الشعر وميادين الأدب مرتعاً للمستشعرين من الجنسين.
لهذا فإن الثقة بالنفس وبالتميز وبالصدارة جميلة والإيمان بولادة مبدعين جدد مطلوب، والغياب المثير للشفقة مرفوض.
وقفة:
صار الوفاء والنقاء والصدق والطيبة
أموات يصعب على الآمال تحييها