(أبحث عن رجل يحبني أنا فقط، أملك 100 مليون وأكثر ورث عن أبي رحمه الله، ولي شركة أديرها، أبحث عن زوج يحبني بس وبعطيه عيوني، عمري 39 أبي طفل بس. السعودية - الرياض).
هذه تغريدة أطلقتها مليونيرة سعودية -كما تدعي وتزعم- فحلق طائر تويتر بها لتبلغ المتابعة والريتويت والوسوم لها رقماً قياسياً خلال الأربع والعشرين ساعة الأولى.
وأياً كان الأمر في مستوى هزله أو جديته، وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع المليونيرة الوارثة في عرض زواجها بهذه الطريقة الحديثة والمغرية للرجال بمختلف أعمارهم وهو -بالتأكيد- من العروض التي تتجاوز الحدود وتتعداها إلى ما وراء البحار.
ونظرة تحليلية من زاوية أخرى لمستوى التفاعل مع هذا العرض، فإننا سنجد من يتفق مع العرض والوسيلة، وهناك من يتفق مع العرض ويختلف مع الوسيلة، أو العكس، وهناك من يختلف مع عرض المليونيرة جملة وتفصيلا.
إلا أن الباعث الشديد لطبيعة التركيز الشديد -في رأيي- على هذا الحدث اللافت، أنه أخذ صفة المباغتة التي تعزف على وتر حساس جداً كثيراً ما يجذب الرجل ويجعله (يتسلطن) مع هذه النغمة التي أتت هاهنا بطابع رومانسي مفعم بالأحلام الوردية، فحين يتوفر المال الوفير بعرض تطلب فيه الأنثى الاقتران بطريقة شرعية مسكونة بأمنية أن ترزق بولد، وهي تعبر بثبات في مرحلة عمرية ثلاثينية تقارب فيها الأربعين، فإن العرض -بلا شك- يصيب فئة غير قليلة من الرجال بالدوار والرغبة الجامحة في خوض التجربة التي يمني النفس فيها بالحصول على مكسب من هذه الصفقة الأنثوية والمالية المربحة، لكن ماذا عن الأمور الأخرى التي تمثل أساسيات مؤثرة في مجتمعنا عند التفكير بالارتباط بزوجة، التي تبدأ باختيار الفتاة المناسبة حسب المواصفات المطلوبة، التي تبدأ من السؤال عن أسرتها، ولا تنتهي بمعرفة جمالها وأخلاقها ومستواها التعليمي.
الأمر هنا -قطعاً- مختلف تماماً فالرقم المليوني الكبير يجعل من أعتى الرجال أكان شاباً أم في منتصف العمر أو حتى متزوجاً ويفكر بالاقتران بهذه المليونيرة أو من في مستواها أمنية تمحو جميع الشروط والمواصفات والطلبات الاستباقية، فالأمر يستحق المغامرة مهما كانت الخسائر، وهنا يبرز السؤال: ألهذه الدرجة يمكن أن يفعل المال في تغيير القناعات وفي اتخاذ القرارات الحياتية، إن الأمر هاهنا يقتصر على زواج وفتح بيت جديد والعرض واضح جداً وشفاف، لكن ماذا عن المقابل ورؤيته للموضوع الذي يقيناً كان الربح الحلم والمرأة الصفقة هو المحرك الرئيس لهذا الاصطفاف الذكوري تجاه هذا العرض الذي يسيل له اللعاب.
ولو افترضنا جدلاً جدية المليونيرة في الحصول على زوج بهذه الطريقة، فإن الموضوع من وجهة نظري لو اتخذ جانب الجدية فإن من الصعوبة بمكان الاختيار والحصول على الزوج الذي يناسبها من جمهور أتوقع أنه سيبدأ بالمئات وينتهي بالآلاف في قائمة الانتظار!
زاوية أخرى يرى فيها البعض أن هذه المليونيرة اتخذت القرار الصحيح في المكان والوقت الصحيح وبالأسلوب الصحيح، فهي تريد زوجاً بالحلال وهذا حق مشروع، ثم إنها أعلنت ذلك بوضوح وشفافية وبشرط مشروع أيضاً وهو إنجاب الولد، وعرضت الأمر في وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي وهو بكل تأكيد الوسيلة الأكثر سرعة وانتشاراً الآن بين جميع شرائح المجتمع لكن ماذا عن الرجال.
وهنا سأطرح سؤالاً واحداً على من أبدى الرغبة الجامحة في الارتباط بهذه المليونيرة، ماذا لو أنها اشترطت عند عقد القران أن تكون العصمة بيدها وأن لا حق له في ريال واحد من مالها إلا باختيارها وحين النظرة الشرعية اتضح أنها أقل بكثير من سقف الحد الأدنى من المواصفات التي يريدها في زوجة العمر.. السؤال ماذا سيكون قراره حينها؟
إذا فالأمر لا يعدو كونه اندفاعا ذكوريا ذا صبغة مصلحية مادية بحتة تجاه ثلاثية الأنثى والمال والجمال هذا الاندفاع الذي تحركه أحلام الثراء السريع والعيش الرغيد الذي سيتخلى فيه عن أي مسئولية حياتية مرهقة.
هناك رأي أخير وهو أن هذه المليونيرة -إن صدقت- قد أنشأت بالإضافة الى الطرافة والضحك والتسلية في المجالس الرجالية والنسائية على حد سواء، قد أنشأت ظاهرة تسليع الزواج بطريقة مبتكرة واحترافية.
يبقى أن أذكر أن من أكثر المؤثرات في الرجال بمختلف مراحلهم العمرية هو مؤثر الشبق الذكوري تجاه ثلاثية الأنثى والمال والجمال، وحين تجتمع الثلاثية فلا تسل عن عقل الرجل واسأل عن نبضات قلبه.
* متخصص تربوي