سارِعي للمَجْدِ والعَلْياء وارفعي الخَفّاقَ أخضَرْ
يَحْمِلُ النُّورَ الـمُسَطَّرْ رَدّدي اللهُ أكْبَر يا مَوطِني
موطني قد عَشْتَ فَخْرَ المسلمين عاشَ الملِكْ للعلمْ والوطنْ أربعة مقاطعٍ شعريةٍ جميلة لطالما ردَّدناها صغاراً في طابور الصباح المدرسي، والكون من حولنا يغرِّد بسعادة بالغة نختمها بابتساماتٍ شقيَّة حين نُردد بصوتٍ خافت "طن ططن.. طن ططن".
تلك المساحة الصباحية كانت كفيلةً بأن تشحذ هممنا لبقية اليوم، ولعلها تشحننا بطاقةٍ إيجابية مفعمة بالحب والولاء للوطن الكبير الذي يُحبُّنا ونُحبه دون أن نَعِي حينها ضآلة قاماتنا ومحدودية تفكيرنا "لماذا؟" لكننا نحبه. ما أجملها من أيام، كبُرنا وكبُر معنا حُبَّنا وولاؤنا للوطن، وبقي معنا من طفولتنا تلك البهجة التي تجتاحنا حين نرى علم المملكة العربية السعودية يخفق بشموخٍ بالغ أينما ذهبنا بلونه الأخضر الباهي، الذي يُشيع الراحة ويبعث السرور في قلوب الجميع. كيف لا وهو يحمل كلمة التوحيد الخالدة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" شعاراً ومنهاجاً ودستور حياة، ليُذكرنا بالقائد الفذ الذي جمع الكلمة بأمر الله - تعالى - ووحَّد الصَّف تحت هذه الراية الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيَّب الله ثَراه - وعلى نهجه القويم مضى من خلفه أبناؤه البَرَرَة، غفر الله لمن لَحِق به منهم، وأطال في عمر مَنْ بَقي ذُخراً وحِصناً حصيناً للإسلام والمسلمين. قصة هذا النشيد الوطني التي مضى عليها أكثر من ثلاثين عاماً، تقول : إنه بدأ يبث بشكلٍ رسمي عبر التلفزيون والإذاعة منذ يوم الجمعة 1/10/1404هـ الموافق 29 يونيو 1984م، بعد أن طلب جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز إعداد كلماته إبان زيارته الرسمية مصر بحيث تطابق المعزوفة الملكية التي تم إعدادها عام 1947م بأمرٍ من الأمير منصور بن عبدالعزيز "وزير الدفاع آنذاك" في عهد المؤسس رحمهم الله جميعا وأسكنهم فسيح جناته. وأُسند الأمر حينها للشاعر السعودي المعاصر إبراهيم بن عبدالرحمن خفاجي "كاتب النشيد الوطني" فأتمه خلال ستة أشهر في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - ثم بدأ ترديده في المدارس والبعثات الخارجية والمحافل الدولية، وحصل نظير ذلك على ميدالية الاستحقاق من الدرجة الأولى مع البراءة الخاصة بها عام 1405هـ تقديراً لجهوده. كما تم تكريمه من قبل الكثير من الجهات عقب ذلك كان آخرها حصوله على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه.
ولن يفوتني أن أُشير إلى أن خفاجي يروق له أن يُلقب بـ "شاعر نادي الهلال" فقد تولى سابقا منصب نائب رئيس النادي عند بداية تأسيسه، وقال فيه:
إذا لَعِبَ الهِلالُ فَخَبِّرُوني فَإنَّ الفَنَّ مَنْبَعهُ الهِلالُ وفي مثل هذه الأيام ونحن نحتفي بالوطن وثوابته ومُنجزاته التي فاقت جميع التوقعات، ردَّدت فتياتنا الغاليات من أيتام الدور الاجتماعية بالمنطقة الشرقية وذوي الاحتياجات الخاصة بمراكز التأهيل الشامل كلمات النشيد الوطني الخالد، ليس بألسنتهن فحسب، بل استشعرنها في كل عِرقٍ نابض بداخلهن ليقولن للعالم أجمع :
ايه أحبك يابلادي ، دون شَك ودون حيرة
كل عِرقٍ لا نِشَدتَه قال: ينبض منْ غَلاها كيف لا ؟ ومَنْ تُشاركهن الحدَث بقلب أختٍ مُحِب، وتجلس بينهن بكل تواضع العالم هي ابنة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، صاحبة السمو الملكي الأميرة سحاب حرم سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة نجل ملك مملكة البحرين، التي حملت على عاتقها مسئولية أن يُقام يومٌ للوطن يليق بأخواتها. ووضعت يديها في أيدي فتيات فريق روافد التطوعي منذ اللحظات الأولى للإعداد، ليتم لها ما تُريد ويتحقق الحُلم الذي لطالما حلمت به كل فتاة من فتيات الدور الاجتماعية، لا سيما وهن يتباهين بين أقرانهن دائماً بأنهن "بنات الملك عبدالله" حتى أنني في حديثٍ طريفٍ جمعني بهن قبل فترة قلت لهن مُمازحة : " لستن وحدكن بنات الملك عبدالله فأنا ابنته، وكلنا بناته "فحاججنني وغضبن مني، فهنَّ لا يردن لهن منافس في قلب والدهن الكبير حتى ولو كنتُ "أنا". كان الأمس "يوم الوطن 84" في ديوانية أسرة الزامل بالخبر يوماً جميلاً سيظلُّ محفوراً في ذاكرتهن إلى الأبد ولن ينسين حضور سمو الأميرة سحاب بنت عبدالله معهن هذه المناسبة واهتمامها بهن.
وسيظللن بقلوبهن النقية يرفعن أكفهن بالدعاء لكل من أسعدهن بكلمة طيبة أو لمسة حانية أو حتى ابتسامة، أقول ذلك وأنا أتذكر كيف لم تسعهن الفرحة حينما وجدن سمو الأميرة عبير بنت فيصل بن تركي حرم سمو أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز بينهن في دار الحضانة الاجتماعية إبان افتتاح معرضهن التشكيلي. فتحلقن حولها وسَردن مطالبهن البريئة بعفوية بالغة تلقتها سموها ببالغ التفهم والتقدير، وكيف تجمع فتيات دار التربية الاجتماعية بالأحساء حولها ليلتقطن الصور التذكارية في ختام ملتقاهن الأول وهي تبادلهن الابتسامة بالابتسامة، جزاها الله عنهن خير الجزاء. فشكرا من الأعماق مضمخاً بفائق التقدير والامتنان للأميرة سحاب بنت عبدالله بن عبدالعزيز هذا الحضور المتألق، والعطاء السَّخي، والذكرى المفعمة بالحب والولاء لوطنٍ وقادةٍ أجلاء، هم لنا آباء فضلاء وأخوة نبلاء.
وشكراً لفريق روافد التطوعي هذا العطاء المتجدد، والأهداف النبيلة، والحدث المتميز، وشكراً لكل فتياتنا الجميلات بالدور الاجتماعية حضورهن الذي أضفى على الحفل حُسناً وبهاء، ومشاركتهن الفاعلة في برنامج اللقاء. ولكل من ساندهن منا كل تقديرٍ واحترام من أقصى الجوف شمالا حتى نجران جنوباً، ومن مكة المكرمة مبعث الوحي والرسالة حتى حدود واحة الأحساء. قبل الرحيل:
سألتني : في يوم الوطن، بماذا ستختمين؟
فقلت : سعودي وأفتخر بأرضي، ولاني بالفخر مغرور
ولا من قيل لي : وش ديرتك قلت : السعـــــودية
لنا الماضي، لنا الحاضر لنا مستقبل من نور
لنا التأثير في الدنيا ببصماتٍ حضـــــــــــارية
من الإسلام منبعها، فمنهاجه لنا دستور
على درب الموحَّد صادق الأفعال والنيَّـــــــة
توحَّدنا بعد كنا ضحيَّة جهلنا والجُور
وصِرنا كِلنا أخوة، نعيش بكل حِبيَّـــــــــــة
أبومتعب أبو كل الشَّعب في برِّها وبحور
إذا ناموا بقى ساهر لتبقى الدار محميَّــــــة
عزيز النَّفس متواضع، ولايرضى بحَنِي ظهور
ولا تقبيل يدينه من اللي جاه لتحيَّـــــــــــة
حماك الله يا بلادي لتبقي حصننا المعمور
تعيشي لو فنينا كلنا نفدى السعوديــــــــة. * رئيسة وحدة الإعلام الاجتماعي النسائي بالمنطقة الشرقية