لا شك أن يوم الوطن ذكرى عزيزة تجسد ملحمة تاريخية وتوحيد كان شبه مستحيل لضم أطراف متنازعة وشخوص متنافرة فى شبه قارة كان البقاء فيها للاقوى والنفوذ فيها لشخص تلفه حاشية من العمومة وأبنائهم، كان ثالوث الهلاك «الجهل والفقر والمرض» يلف بكل قرية وهجرة، يمسي الشخص ليله آمنا مطمئنا يتباهى بالمال والبنين فيصبح الصباح ويجد ما حوله قاعاً صفصفاً «لا مال ولا بنون» سلب الغزاة ما سلبوا وقتلوا من قتلوا، إنها سيناريوهات يومية لا مفر منها الا اليها، كان الحاج ينتعل نعليه فى نجد حاجاً فتتقطع به السُبل ويهلك قبل أن يؤدي فرضه ويسلب قبل أن يضحي بشاته.
حياة قاسية ومجتمعات مشتتة لولا الشيم العربية الأصلية التى يتمسك بها أبناء البادية لمات الفقير جوعاً على أبواب سرادق الاغنياء، حتى قيض الله برحمته شاباً يافعًا تجمعت فيه صفات الرجولة الحقة والاصرار والماضي التليد فسار الملك الموحد عبدالعزيز «رحمه الله» بقليل من العتاد والعدة وكثير من العزم والشجاعة والنخوة وبقلب عامر بالايمان له أهداف تلخصت فى هدف واحد وهو توحيد القلوب قبل توحيد الديار على منهج «الدين الإسلامي الحنيف».
الملك عبدالعزيز قاد أعظم فتح للاسلام بعد فتح مكة المكرمة وسجل بحروف من نور جهاد المخلص البار لوطنه وأمته بعيداً عن الطائفية والحزبية والراديكالية والشعارات الجوفاء، ورسم خارطة الطريق لأجيال قادمة وأعلن تخريج نسخ من شخصيته تمثلت فى أبناء بررة، فكان لهذا الوطن الحظ الأوفر والصفوف الأولى فى قيادة العالم الإسلامي والعالمي بفضل السياسة الحكيمة الواضحة البعيدة عن الدسائس والأحقاد، حتى وقف العالم مشدوهاً وهو يراقب هذه النهضة غير المسبوقة لهذه البلاد فى شتى المجالات سُر الصديق ومات العدو غيظاً وكمداً، فلله العزة من قبل ومن بعد، والله المستعان.