أبدى الكثيرون قبولهم واستحسانهم فكرة اتجاه وزارة العدل اشتراط «رخصة القيادة الزوجية» قبل إتمام عقود الزواج، وذلك لتأهيل الأزواج للحياة الأسرية المقبلين عليها، في خطوة تهدف إلى تقليل حالات الطلاق المرتفعة في المملكة. في اعتقادي أننا بحاجة لهذه الخطوة ليس للهدف السابق فحسب، بل لحاجتنا إلى تحسين أجواء الحياة الزوجية للأسرة السعودية وذلك بمحاولة خلق قناعات ومبادئ أساسية يستفتح بها الأزواج حياتهم، وتكون بمثابة حصانة ضد الأفكار السلبية المستقبلية التي قد تقتحم حياتهم نتيجة صعوبات الحياة، فهناك أزواج لا يفكرون في خيار الطلاق كحل لإنهاء حياتهم الزوجية التعيسة لوجود أبناء بينهم، ويكون مصدر التعاسة في حياتهم على الأغلب قناعات وأفكارا كانت منذ البداية متضاربة خاصة فيما يتعلق بالحقوق والواجبات، مما يترتب عليه اعتقاد كل طرف بأنه (المبخوس حقا).. وهذا أمر ليس بمستغرب خاصة أن كل طرف كان منتميا لبيئة اجتماعية مختلفة عن الآخر في حياته السابقة، كما أنهم لم يحظوا في بداياتهم بالاطلاع على أساسيات التوافق النفسي والفكري والحقوقي بين الأزواج من مصدر محايد وموضوعي وعلمي، وكان مصدر خبراتهم وتعلمهم محيطهم الثقافي العائلي فقط..
إن عملية تأهيل الفرد منا لأي عمل يقبل عليه خطوة مهمة جدا، لكنها خطوة لا تؤخذ في الاعتبار كثيرا إلا من نواح سطحية وشكلية في أكثر الحالات، على سبيل المثال يزج بخريج البكالريوس عندما تتاح له فرصة وظيفية في مكان ما بعد تخرجه مباشرة بدون إعطائه وقتا كافيا للتدريب على مهام العمل الموكل بإدائها، معتقدين أن التدريب المكثف من نصيب المؤهلات العلمية الأقل! لذا نجد أن الموظف في بداية حياته الوظيفية خاصة الخريجين حديثا يرتكب سلسلة من الأخطاء خلال بدايات عمله قد تمتد إلى عام، معتقدين أن هذه الطريقة هي الصحيحة للتعلم، وذلك من مبدأ أن الفرد يتعلم من أخطائه! طبعا هذا الأمر غير مقبول وهذه القاعدة يجب أن لا تنطبق نهائيا على المسؤوليات خاصة تلك التي تمس حقوق العمل والآخرين، يجب أن تجتث تلك السياسة التي تقول: «ارمه في البحر يعوم» من قواعد التعلم واكساب الخبرة..
طبعا المثال السابق لا يختلف عن قضية الزواج؛ فكثير من الأسر تزج بابنتها في حياة أسرية مع زوج ربما لم تره قبل الزواج بطريقة مباشرة إلا مرة واحدة فيما يسمى بالنظرة الشرعية، وربما حادثته مرة أو مرتين هاتفيا فقط. أنا هنا لا ألوم الأسرة على ذلك فهي تفعل هذا تحت ضغط عرفي ثقافي يعيب كثيرا تواصل الفتاة مع خطيبها قبل عقد النكاح.. لكن هذه العادة والعرف يجب أن تتغير، خاصة أنه ذكر من قبل بعض الآباء وكثير من المختصين أن مساحة التواصل قبل عقد النكاح مهمة جدا ويجب على الأسر القبول بها، وفي رأيي أنها خطوة مهمة تفوق أهمية عقد دورات تدريبية قبل الزواج، فهي التي من شأنها أن تقلل نسب الطلاق، خاصة إذا ما علمنا أن الإحصائيات تشير إلى ارتفاع كبير في نسبة الطلاق في الأشهر الأولى من الزواج، فلن يكون هناك فائدة من إعطاء دورات تدريبية للأزواج وأحد الأطراف بالأساس غير صالح أو مناسب للطرف الآخر.
* باحثة.. دكتوراة في الاجتماع الإعلامي