هي سنة أولى مدرسة للطلبة المستجدين، إلا أنها تتمركز في اليوم الأول بصورة خاصة، ذلك اليوم الذي له كبير الأثر على نفسية المستجد، واندماجه في عالمه الجديد، وفئة المستجدين كما هو معروف تتطلب جهدا مضاعفا من قبل الوالدين - جزاهم الله عنا خيرا - الذين يعيشون خلال هذه الفترة مرحلة صعبة للغاية من مراحل أعمار أبنائهم، وهي في واقع الأمر لحظة يرافقها القلق والترقب والخوف من ردة فعل الطفل بعد إلتحاقه بعالمه الجديد : المدرسة، إلى الحد الذي جعل بعض أولياء الأمور - وبقبول رسمي من المدارس - مرافقة أبنائهم داخل الفصل خلال الأسبوع الأول من الدراسة على أقل تقدير، وهذا الإجراء يكون في حالة عدم قدرة الطالب على التأقلم والانسجام مع حياته التعليمية الجديدة، والمختلفة كليا!!
هذا يعني أننا حيال مسؤوليات عديدة : تتحملها المدارس والأسرة والمعلم، وأشدد هنا على عنصر المعلم الذي سيستقبل هؤلاء الأطفال وسيكون مسؤولا عنهم مسؤولية مباشرة، وهي مسؤولية ليست باليسيرة مطلقا في أن يحيل خوف الطفل ورهبته، أو عدم قدرته على التأقلم إلى العكس تماما، بحيث يصبح منجذبا الى المدرسة والفصل والأصدقاء وتلقي العلم. ولا شك في أن للمدرسة دورها الكبير في هذا الجانب خاصة في الأسبوع الأول من الدراسة، فينبغي عليها تهيئة فصولها وساحتها وممراتها بما يضمن الجاذبية لفئة المستجدين بشكل خاص، ناهيك عن تجهيز الفعاليات المحببة للطفل التي تتغلب على رغبته في النعاس، أو العودة إلى المنزل!
هنا يمكن أن يقول قائل: إن برنامج التهيئة معمول به في مدارسنا منذ زمن، فنجيبه بنعم : هو موجود؛ بيد أن المقصود والمطلوب أبعد من ذلك بكثير، كتوفير ما يحقق للبرنامج الفاعلية والنجاح، كي يتحول من مجرد تقليد إلى حالة ابتكار وابداع وتجديد، وبالتحديد حين لا تمتلك المدرسة مبنى يليق، أو يرتقي للمستوى المطلوب، والذي نعلمه أننا عانينا وربما لا نزال نعاني من المباني المستأجرة التي تفتقر لأدنى احتياجات البيئة التعليمية اللائقة، ولا شك في أن انعكاس البيئة التعليمية على الطالب ايجابا أو سلبا هو نتاج حقيقي لمستوى المكان الذي يتلقى فيه التعلم.
نعود مرة أخرى لمحور المعلم، أو العنصر الأبرز في هذا كله، فوعي المعلم والمعلمة - على حد سواء - بخطورة هذه المرحلة، وما تتركه من أثر مستقبلي لدى الطالب هو أمر غاية في الأهمية. كما أن لطفهما وحنوهما وتبسمهما في وجه هذا الطالب المستجد كفيل بكسر ذلك الحاجز العتيد بينه وبين المدرسة، على الرغم مما لمرحلة الروضة بوصفها مرحلة تهيئة من دور بارز في توفير هذا الاستعداد. وعلى الرغم من هذا يبقى التعليم العام مختلفا في ظروفه ووضعه، وتبقى هذه المسؤوليات على رأس قائمة اهتمامنا، وعلى كل منا القيام بدوره على أكمل وجه: أسرة ومدرسة ومعلم، وها هو العام الدراسي الجديد يسجل انطلاقته ويذكرنا بواجب الشكر والتقدير لكل المعلمين والمعلمات على ما يبذلونه من جهد من أجل أجيالنا.