كم من شخص لديه شهادة بكالوريوس يظن أنه متعلم وهو جاهل، وكم من إنسان أتى جيل بعده ولم يستطع التعايش معه بسهولة، ولم يستطع ملاحقة العصر ولا يعرف كيفية استخدام الأجهزة الذكية ولا حتى مواقع التواصل الاجتماعي مما يزيد جهله جهلاً. ومن يرد اختبار ذلك فلينظر لمن حوله وير كم عدد الذين يعرفهم وقد مات طموحهم وتوقفوا عن الاستمرار في التعلم. استمرار التعلُم يجب أن يكون ثقافة يعيش بها الإنسان ويكون دائما يبحث عن الحق ويبحث عن إصلاح نفسه وإصلاح عقله. ويبحث عما هو جديد في هذه الدنيا حتى يصبح أكثر نضجا وعمقا في فهمه للأمور. فقد أمر سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يدعوه دائما بزيادة العلم كما في الآية «ربي زدني علما».
نسبةٌ عظمى منا يكمل تعليمه إلى مراحل متقدمة وهو لا يعلم لماذا يتعلم أو كثير ممن يعلمون تكون أفكارهم غالباً غير صحية ما ينتج عنه طريقة تعليم غير صحيحة وتكون النتائج تعليما ضعيفا وينتهي هذا الضعف بالتوقف عن التعليم. لم أذكر في يوم من الأيام أن معلماً ذكر لنا أهمية التعليم أو لماذا نتعلم، قد يقول قلة منهم حصلوا على درجات عليا لكي يتحصلوا على وظائف مرموقة ويهمش أهمية التعليم الحقيقية. وتأتي بعد هذه الوصايا الخاطئة الطرق السيئة للبحث عن الدرجات، بحثٌ عن أقرب الطرق للحصول على ما يشغل بالنا وقتها، وتبدأ أفكارنا تتحول عن تغذية عقولنا بما هو مفيد إلى تدميرها كاستخدام الملخصات أو البحث عن من يعطي درجات أفضل حتى ولو كان المعلم سيئا، وأيضاً، لا ننسى الغش هذا إن لم يكن أول الحلول التي تخطر على البال وإلخ.. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( اطلبوا العلم ولو في الصين) وهذا أمر صريح منه يبين أهمية التعليم، وهو لم يحدد فترة زمنية قصيرة بل وضَح أن يكون التعليم مدى الحياة في قوله: (العلم من المهد إلى اللحد) مما يبين لنا أهمية الاستمرار في التعلم، في حين أن كثيرا منا يقيس فترة تعلمه وينهيها مع أول يوم يستلم فيه شهادته ويظن أنه أخذ كفايته من التعليم. وما الشهادة الجامعية إلا مفتاح للتعليم وإضاءةٌ خضراء في أنك تستطيع التعلم وحدك. يكون نجاحها إن استمر الإنسان في البحث عن المعرفة وتفشل في اخر يوم يتوقف عن ذلك.
في النهاية، يجب أن نذكر بالعوائق من استمرار التعليم وهي عائقان. العائق الأول أن يظن الإنسان أنه اكتفى من التعليم وهو أمر ينافي قوله تعالى: «وفوق كل ذي علمٍ عليم». والعائق الثاني هو فقد المهارات التي تساعد في استمرار التعليم. وبعد معرفة العوائق يجب علينا أن نتعرف على الوسائل التي تتغلب على هذه العوائق وهي كما أرى: أولاً، الاستماع جيداً للنصائح الموجهة لك وللأحداث التي حولك، وثانياً، إلزام النفس يومياً بكسب معلومات أو مهارات جديدة من مهارات الحياة حتى تفيدك في تطوير نفسك. وثالثاً، التأمل جيدا في جميع الأمور التي تحدث من حولنا. ختاماً، يجب علينا الاستفادة من المحاضرة الأولى من كل فصل ولكل مادة في توصيل المعنى الصحيح للتعليم بشكل عام والفوائد المرجوة من المادة المراد تعليمها بشكل خاص لطالبنا. وأيضا، علينا أن نعيش دائما ثقافة التلميذ الباحث عن العلم حيث إن العلم هو طوق النجاة وهو أصل كل الحضارات.