يبدو أن أمام صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم وعلى طاولته كثيرا من الأولويات التي يتطلب التعامل معها بصورة تفصل ما سبق في الماضي عما يحدث حاليا في الحاضر، أي تكون هناك معالجات حاسمة ومبتكرة لقضايا التربية والتعليم، ولعل من أبرزها المناهج التي ثبت علميا أنها غير مواكبة ولا تكفي لخروج أجيال علمية مناسبة، وقضية تأجير المدارس وكفاءة المعلمين وتطوير مهاراتهم في التدريس، وغيرها.
إلا أننا من واقع كثير من المجريات نضيف إلى قائمة تلك الأولويات قضية حديثة تتجه إلى أن تصبح كرة ثلج يصعب حسمها مستقبلا، وفيها أصبح المعلم يتجه إلى المحاكم لاستعادة حقوقه الضائعة، ومن المؤلم حقيقة أن تشاهد معلمين أو معلمات وهم في أروقة المحاكم يطالبون بحقوقهم، وارى انه كان يجب على الوزارة انصافهم وأخذ حقوقهم خصوصا إذا كان الأمر لا يحتاج إلى شك.
سمو الأمير خالد الفيصل نعلم يقينا أن ملفات الوزارة متخمة بأعباء وشكاوى وقضايا ثقيلة، ولكننا نثق بعد الله تعالى في أنكم ستمضون بالعملية التعليمية إلى بر الأمان وفك الخناق الحالي عنها، وتقويم مسارها بحسب ما نطمح، ولكننا نأمل أن تضع قضية معلمات في قطاع خاص تحت عنايتكم وإعادة توجيهها بصورة منصفة، والقضية التي وقفت عليها شخصيا وأضعها أمامكم لعلها نموذج أو عينة في كثير من المدارس وتحدث لكثير من معلمي المدارس الأهلية التي تتبع للقطاع الخاص.
وحيثيات تلك القضية قائمة على أن مجموعة من المعلمات في إحدى المدارس الخاصة بالمنطقة الشرقية تقدمن بعدد من الشكاوى يطالبن فيها بوضع حد لمعاناتهن من انتقاص دعم الدولة لرواتبهن والذي لم يصل إليهن هذا الدعم منذ أكثر من سنتين، وبعض هؤلاء المعلمات لديهن خبرة تفوق الثلاثة عشر عاما، وكانت رواتبهن خمسة آلاف ريال، وقبل سنتين جاء أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- بالدعم لرواتب المعلمين والمعلمات في القطاع الخاص وذلك من خلال صندوق الموارد البشرية، ويضاف هذا الدعم الموحد إلى الراتب الأساسي بواقع الفين وخمسمائة ريال لكل معلم أو معلمة، يعني من كان راتبه خمسة آلاف ريال بكل بساطة يصبح راتبه بعد الدعم سبعة آلاف وخمسمائة ريال، القضية لا تحتاج إلى شرح.
تلك المدارس، للأسف، تحاول تغيير المسار بعدة طرق وهذا في الواقع اجحاف بحقوقهن وخبراتهن الطويلة، كيف يتم توحيد الرواتب بحيث يتساوى راتب من عملت خمس عشرة سنة مع أخرى عملت سنة واحدة، ونحن هنا أمام قضية مزدوجة، حرمان من الدعم ومساواة غير منصفة، وليس هناك مبرر لهذا الاجحاف، وأكرر أسفي أن تضطر أولئك المعلمات للتوجه إلى المحاكم للحصول على حقوقهن الضائعة، في وقت يواجهن فيه قطاعا شرسا من الملاك ورجال الأعمال وجميعهم لديهم محامون ووسائل تجعلهم الطرف الأقوى، في وقت نتساءل فيه لماذا يدعم صندوق الموارد البشرية المدارس دون تدقيق؟ لا يتم رفع الدعم عن أي معلم أو معلمة إلا اذا فصل بخطاب رسمي وتم حذف اسمه من سجلات التأمينات الاجتماعية، وأيضا خطاب من إدارة التعليم وهي التي تشرف على هذه المدارس يوضح أن هذا المعلم أو المعلمة تم الاستغناء عن خدماته، في هذه الحالة فقط يتم رفع الدعم، هذا أفضل من ابقائهم على رحمة هؤلاء الملاك وسيطرتهم على حقوقهم، ولذلك نأمل من سمو الأمير خالد الفيصل أن يضع حدا لهذا الأمر الذي يذهب بالحقوق ويضيعها ويؤثر سلبا على العملية التعليمية بأكملها حين ينتشر فيها مثل هذه التجاوزات بما لا يتناسب مع التربية والتعليم.