انقضى رمضان، وحاول المشاهد الحقيقي للفضائيات الخليجية أن يجد ما يستحق المشاهدة، إلا أن الجميع خذلوه كالعادة! جملة ما عرض في السياق المسمى (كوميديا) تجنياً، يمكن في أحسن الحالات تسميته «سكيتشودراما» قائمة على الارتجال والشكليات التي تناسب عروض الهواة القصيرة. وأرجو ألا يغضب بعض الأصدقاء في الوسط الدرامي حين اسمي ما يعرض على الفضائيات الخليجية وتلك الممولة بريالات سعودية تحديداً بـ «سكيتشودراما»؛ ففي حالات كثيرة لا يتعدى ما تجودون به الـ «أتشو-دراما».. وهذه الظاهرة الصوت/فنية لن تسمح المساحة بتعريفها أو شرح آلية عملها.
من المهم اليوم إدراك أن ما فعله الهواة حديثا وحقق حضورا ومشاهدات كبيرة رقمياً عبر منصة يوتيوب أو برنامج كيك إلخ، ما هو إلا استنساخ مكبسل (نسخة مضغوطة) لما نجح في تحقيق حضور لكم قبل سنوات سيادة وزعامة الإنترنت، وها أنتم تصرون وتحاولون أن تصنعوا منه دراما على مدى ثلاثين حلقة! العين لم تعد تتقبل هذا أيها السادة المحترمون! فالتواجد اليومي للمقاطع الشابة (القصيرة النفس) لن يترك لكم مساحة كافية للنجاح بعد سنة من الانتظار. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، أي شاب أو حتى مراهق بنصف موهبة تمثيلية أو حتى ربع موهبة قادر على نكش شوشته وتلوين لهجته وأن يضحك الجمهور المتعطش لأي «صرقعة» أو «هسترة» كما تعلمون! وهذا ليس فناً تقوم عليه صناعة، بل هـذه الاجتهادات هي مجرد فقرة اسكتشاوية تستهدف مشاهداً بعينه وفئة عمرية محددة لا داعي لتسميتها هنا حتى لا نأتي بالمزيد من دواعي الغضب!.
العجيب في المسألة أن شباب الإعلام الجديد يبادر بعضهم إلى التوقف عند نقطة محددة رغم نجاحه العددي والمادي، ويتفرغ لأمور مثل تأسيس مكاتب إعلام جديد أو مؤسسات إنتاج رقمي، لكن أنتم تريدون الاستمرار للأبد!! ودعونا نذكر أنفسنا معكم أن من توقف ليس مطالباً بأكثر من خمس دقائق من المحتوى المرئي بتكاليف إنتاج من العيب الخوض فيها! أما أنتم فمطالبون بتقديم ثلاثين دقيقة لمدة شهر بميزانيات قادرة على تأسيس مسارح ومراكز تأسيس فني في عدد من المدن الصغيرة في المملكة!!
قلنا مرارا وتكراراً أن الكوميديا هي فن السخرية من السلوك الإنساني وليس الشكل الإنساني المرتبط بالمظهر فقط. وعلى كل هذا أن يرتبط برباط سببي وعاطفي من خلال الأحداث في حالة صنع الدراما. قد يكون هذا المطلب صعبا على وعي بعضكم وإدراكه للأدبيات التي ينتج عنها فرز للمنتج الإبداعي المكتوب في حالتيه (الكوميديا والتراجيديا)؛ هذا لأنكم تتجاوزون دوركم المرتبط بالأداء فقط وتتدخلون في لعبة الكتابة بالإلزام والإنتاج بالإرغام وحتى الإخراج بالإيهام! وتنتهي اللعبة دوما إلى حفل استعراض كركترات (شخصيات) تستجدي الضحك من الجميع.. والكل مدعوون إلى هـذه الوليمة البصرية من خيبة رجاء كل من تفاءل ومارس الانتظار!