جاء العيد بطلته البهية، وقد تأنقت سعوديتنا بأجمل الألوان واكتسى أطفالنا بأزهى الحلل. الناس في كل مكان ولا تعرف هل كانوا مختفين، زحام في كل مكان الشارع، الورش، الأسواق، الحلاقين، الخياطين، حتى لا يكاد يخلو منهم محل أو حجر. الاشارات تغلق وتفتح وكأنها تلعب الغميضة دون أن يتحرك الزحام، والناس تبحلق بالاشارة ثم بك، ثم بالاشارة وبك مرة أخرى وتعيشون جميعاً احدى حلقات تراجيديا (تحدي الاشارة في الوقت الضايع). كلها سويعات ويطل النهار عليك وكأنك النمر الوردي بعد أن برزت عروق عينه، أو جيري وهو يقاوم النوم أو شابلن يترنح يميناً ويساراً. ستسعدك رؤية من تحب وقد اختار ذكراً كان أم أنثى أن يكون أبوهول العيد دون حراك، أو فضل أن يتنكر بزي نجوم ونجمات هوليود وستسعده التفاتتك له وإن كانت من باب انكار الذات أو الدهشة، وسيحدثونك عن آخر الفوضى أو الموضة باعتبار ما يصح وما لا يصح. بعض ضيوفك سيزورك من على مكوك فضائي وكأنه من المريخ لينظر لمن هم أقل منه بربع عين، ولن يكون الأسوأ على أية حال فالأسوأ سيحدثك أن العيد للأطفال، أو يذكرك يا قاسي القلب بمآسي المسلمين وكأنك بفعلك لم تحي شعيرة من شعائر الإسلام أو أنك سننت سنة مستحدثة. مما لا شك فيه أن حوارات العيد وقفشاته ستسعدك وإن تكررت. فالكل سيحلف أنه لم ينم سوى ساعة ووسائدهم تشكو الزور والبهتان، وقد ينسى كذبته ليبادرك (ما نمت إلا ساعتين)، وبعضهم سيتفلت على الكربوهيدرات والسكريات وكأنه في سباق (الحصن/ برنامج مسابقات ياباني أيام الطيبين)، وآخر سيحيي الأرز تحية عسكرية وسيلقي قصائد قيس في خروف العيد. كل هذه اللحظات السعيدة قد تتحول لهستيريا ضحك العيد وفرحته والتي ستصب في ذاكرتنا وستشحذ قلوبنا بدفء اللقاء وحلاوة العيد وإن تكررت أحداثه ووجوهه (وينعاد عليكم بالفرح ).
دقائق معدودة ويهم الجميع بغيبوبة لاصلاح ساعاتهم البيولوجية، ليستيقظوا بعدها ويصرخوا في كل وسائل التواصل الاجتماعي من زحام المطارات والجسر، وكأن العيد لن يكون إلا بالخروج من المنافذ البرية والجوية. وسيثور الكتاب والاقتصاديون لبحث أسباب تسرب المواطنين وهجرة المال للدول المجاورة باعتبار كل شيء موجود؟ الجو الأسري والألعاب النارية والمجمعات التجارية التي تتوسع افقياً بينما تتوسع أوجه الترفيه لدى الآخرين نوعياً و(ينعاد عليكم بالسرور). ولنشترك في تأمل أنشودة العيد الشهيرة التي يعاد بثها سنوياً على أجهزتنا وقد غدت سمة لعيدنا.
أهلاً أهلاً بالعيد مرحب مرحب بالعيد
باركوا وهنوا. سوا واتمنوا
كل العالم يبقى سعيد