DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

التسلط الذكوري .. الخطوة الأولى 1/2

التسلط الذكوري .. الخطوة الأولى 1/2

التسلط الذكوري .. الخطوة الأولى 1/2
التسلط الذكوري .. الخطوة الأولى 1/2
أخبار متعلقة
 
مِن أهم القضايا التي سعدتُ بأنها أثيرت باهتمام وطُلِبَ مني رأي شرعي واجتماعي فيها أثناء وجودي في الولايات المتحدة قضية التسلط الذكوري في الثقافة الإسلامية، وانعكاسه على الواقع في المجتمعات المُسلمة. موضوع حيوي ومهم في تصور كثيرين كشأن أي موضوع «يُدغدغ» حِسّ المظلومية عند المتلقي، فقد تسمع قصة لا تعرف أحدا من أطرافها، بل قد تقرأ رواية من نسج الخيال فتجد في نفسك اصطفافا أو انصهارا وجدانيا مع «المظلوم» خاصة إذا كان ظلما مركّباً ومنوّعا.  لكن ذلك لا يعني أن تبدأ «حفلة شتائم» ولا أن «تتعنصر» ضد عرق، ولا أن تجدها فرصة لتنفيس أحقاد، أو تسويغ فشل من أي نوع، ولا أن تقدح في الدِّين الحق وأهله ..الخ، بل يعني أن تحاول أن «تفقه» الشرع حقا، و»تفقه» الواقع كما هو، ثم تُعمل أدوات نظر وحُكم سليمة. هل تُشعر هذه المُقدمة بأني مناوئ لهذه الدعوة؟ إن كان كذلك، ففي المنطوق ما يغني عن المفهوم، وأنا مؤيّد تماما لأي تصحيح في أي جانب حقوقي في مجتمعنا، سواء كان وضع عامة الرعية، أو كان وضع المرأة خصوصا، لأنني أريد العدل والحق كاملا لأختي ولزوجتي ولابنتي، ولا أريد أن أكون ظالما، ولا جزءا من مشهد ظالم مُظلم، لذا فإني أعترف بوجود تعدٍّ ممنهج على بعض الحقوق، وأنه قد يوجد في وعي المجتمع ما يشبه «الثوابت» ليس لها أساس من شرع الله - تعالى - ولو على قول مُحقّق؛ لكنَّ كثيرين يتعاملون معها على أنها أحد «أركان الإيمان»! لقد قُلتُ لمحاورِيَّ في أمريكا: علينا أن نرسم أصولا إن اتفقنا عليها؛ فيمكن الخوض في المسألة ب1/ عِلْم، 2/ عَدْل، وإن لم نتفق عليها؛ فهذا يعني - ببساطة – أن علينا أن نتحاور فيما يسبق ذلك منطقيا.  ومن العجب أني شعرتُ بأن تأصيلا مهما كهذا لم يكن في حسبان القوم، رغم أن بعضهم يصنّف نفسه على أنه مناضل، وآخر - وهذا أطمّ - مختص في القانون، ويعكف على بحث مقارن يتصل ببعض ذلك، وقد كوّن رأيا يُزْبِد في نصرته قبل أن يكتب سطرا واحدا كما صوّرَ لي! وكانت الأصول التي عرضتها كما يلي: الأصل الأول: أنّ مرجعنا هو الكِتاب والسُنة بفهم الصحابة وإجماع المفسّرِين والفقهاء أو قول جمهورهم، ولا نخرج عن مجمل أقوالهم، لأن ذلك يعني - ببساطة - أن كُل الأمة كانت على ضلال لأن الحق خرج عن أقوالهم، وهذا محال شرعا. الأصل الثاني: أن الواجب أن نرجع إلى المصادر الأصلية، بأدوات النظر الملازمة لعلوم الإسلام إن أردنا تحرير ذلك، وإلا فعلى من يُخالِف أن يُثبِتَ أن الأمة كانت لا تُحسن التعامل مع الوحي كِتابا وسُنة طوال القرون الخمسة عشر الماضية! الأصل الثالث: ألا يُعد المجتمع الغربي البهيمي وأعرافه الاجتماعية، وقوانينه الوضعية أصلا نُحاكِم إليه حال المسلمين مهما نقمنا عليهم. ونبّهتُ المحاوِرين الكِرام إلى أن ما يتسلل من خلال الفهم والنّقد، والمقدمات في الذهن - غير المنطوقة - هي أكثر ما يُخشى منه.  فعلى المُحاور أن يتجرد من ضغط وجوده في هذا البلد على فهمه وتصوّره إن كان يريد الإنصاف لا الاستنساخ، كما أنَّ عليَّ أن أتجرد من ضغط واقعي، وهو لا يرضى مني غير ذلك. الأصل الرابع: أنّ الحُكم إذا ثبت في الكِتاب أو السُنة بدلالة واضحة على موضِع النزاع؛ فيجب أن نقبل ونُسلّم، وإلا فإنّ المخالف لذلك مسلوب الإيمان في أدلة كثيرة من أصرحها قول الحق تعالى: { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حتى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ في أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }. فليس بعد هذا إلا إيمان يُعتزّ به، أو نِفاق يُبرأ منه. الأصل الخامس: أن ما يجري في أي بلد من البلدان الإسلامية لا يكون حُجّة لمُحتجّ، ولا مطعنا لطاعن في الإسلام ما خلا من دليل ثابت واضح الدلالة يعضده، وقد آثرتُ أن نحدِّد بلدا، فحددنا حينئذٍ باكستان بسبب قضية رأي عام دُوِّلَت خلال عام مضى. إن أكبر خلل لاحظته في هذا النوع من الحوارات داخل وخارج السعودية يتصل بعدم ضبط الأصلين: الثاني والخامس. فلعل من شاء يتأمّل فيهما، وبسط الحديث عنهما في المقال اللاحق إن شاء الله.