قبل بضعة أيام كنت ومجموعة من الأصدقاء في رحلة لإحدى العواصم، قضينا فيها عدة أيام وكان برفقتنا شاب يرشدنا للأماكن التي نريد الذهاب إليها.
هذا الشاب ليس من أهل تلك البلاد، بل كان مغتربا فيها للدراسة، لاحظنا أنه كان ساهما واجما، كثير التفكير، شارد الذهن، فاعتقدنا أن خلف ذلك صدمة أو مصيبة حلت به.
وبالفعل صدق الظن فحين سألناه أخبرنا بأنه فسخ خطوبته قبل يومين! وعن السبب قال: إنه والدها، وما ساءه أنها وقفت بجانب والدها مع أنه لم يكن على حق على حد قوله.
حاولنا تسليته، وأخبرناه أننا نقدر هذه الصدمة، وهذا الألم الذي يشعر به، لكن الوجه الجميل لهذه المصيبة أن المشكلة لم تكن بعد الدخول، أو بعد وجود أولاد بينهما.
وكذلك ما يسلي المسلم يقينه بأن ما يحصل له هو الخير؛ بشرط الصبر عند الضراء، والشكر عند السراء، حدثته عن كلام قاله لي عمي قبل أن أتزوج، وهو شيخ قارب الثمانين ، قال لي: «لا تحزن إذا تقدمت لشخص تعرفه خاطبا ابنته؛ فلم يزوجك.
فلقد عتبت على قريب ردني، فخطبت أم أولادي التي معي الآن، فصرت كلما تذكرت ذلك الذي ردني دعوت له، لأنه ردني، ذلك أني أيقنت بعد ذلك أن زوجتي خير لي من ابنته، حيث زادتني الأيام قناعة بمناسبة زوجتي لي وعدم مناسبة ابنة قريبي «.
حينما يتقدم شاب لخطبة فتاة يتم قبوله، وتقبل فتاة شابا تقدم لها، ويبدأ كل منهما الاستعداد للزواج.
وفجأة ينسحب أحدهما بعذر أو دون عذر، من تلقاء نفسه أو بضغطٍ من أهله فلنتذكر دائما قول الحبيب المصطفى (صلى ﷲ عليه وسلم) : «عجبًا لأمرِ المؤمنِ إن أمرَه كلَّه خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمنِ، إن أصابته سراءُ شكرَ، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراءُ صبر، فكان خيرًا له».
وكما قيل: لو اطلع أحدنا على الغيب لما اختار إلا ما اختاره ﷲ له.
حاولوا تجاوز الهمّ إلى الاهتمام بالذات، وسؤال ﷲ التوفيق، وأن يعوضكم خيراً مما فاتكم، استبدلوا الألم بالأمل.
