يشكل الوعي الاجتماعي خطوة مهمة في تطوير الذات وخلق الانسان المبدع المتفهم وبالتالي الواعي الذي يساهم في بناء المجتمع وتطوره.
إن تطوير الوعي الاجتماعي يبدأ من الذات أولا، وبابه مراقبة الإنسان لنفسه أي مراقبة أفكاره ومشاعره وسلوكه وملاحظة تلك الأفكار التي تشعره بالغبطة والحيوية والانفتاح والأفكار التي تسلبه طاقته وتشعره بالضعف أو الألم والمعاناة والانغلاق على الذات.
إن الانسان من خلال مراقبته لنفسه سيصل إلى أن مشاعره معظمها وليدة أفكاره وأن سلوكه وليد أفكاره ومشاعره ولذلك فإن عملية التطوير الذاتي تبدأ من مراقبته الأفكار وأثرها على النفس ليرتقي باستبدال كل فكرة سلبية بفكرة إيجابية مناسبة حتى يملأ الإنسان عقله الواعي واللاواعي بأفكار بناءة تزيح ما علق بذهنه من الماضي من أفكار كانت تعيق تطوره حتى يساعده ذلك في نفس الوقت على التطور والارتقاء.الأسرة لها الدور الأكبر في تشكيل وعي وشخصية الإنسان ويلي ذلك المدرسة والمؤسسة التربوية ثم المؤسسات المدنية في المجتمعإن الانسان كلما أنار طريقه بالتصحيح والرقي تقلصت مساحة الظلام في جوفه والمحيطة به حتى ينعم هو ومن حوله من الناس بذلك النور أكثر فأكثر، وتجد الذين وصلوا لمرحلة مناسبة من التطور الذاتي يصبحون قادرين على العطاء، فهم بدورهم يدخلون هذا الوعي لمحيطهم الاجتماعي أو المهني بطريقة مناسبة ترفع مستوى الوعي وتفتح له آفاقا جديدة.
إن الوعي الذاتي إذاً كلما عم توسع تأثيره في أكبر شريحة من المجتمع، وأقوى وسائل ترقيته وتوسيعه هي التربية أولا ثم التعليم ثانيا ثم الإعلام ثالثا بمختلف أنواعه وآلياته كشبكة الإنترنت في عصرنا الحاضر.. فلها دور كبير في تشكيل وعي المجتمع لذا يجب توجيه الاهتمام لها وجعلها وسيلة من الوسائل المهمة في نشر الوعي الذاتي.
إن الثقافة وحدها ليست معيار التطور الاجتماعي، إنما هو الوعي الشامل لجميع مجالات الحياة الذي يضم الفلسفة والدين والعلم والفن، فعندما يزداد وعي المجتمع تزداد ثقافته أما ازدياد الثقافة فلا يعني بالضرورة ازدياد الوعي فالثقافة لها دور بناء إذا بنيت على أسس المحبة والتسامح والتواضع والعطاء أما إن افتقدت لهذه الأسس فهي ثقافة تتسم بالأنانية والتعالي على الآخر ورفض رأيه والحوار معه.
إن التخلف الاجتماعي حالة من حالات الجهل، وأسبابه كثيرة وقديمة، بعضها سياسي وبعضها الآخر اقتصادي وبعضها اجتماعي والمستفيدون من حالة الجهل هذه يسعون إلى تكريسها منذ القدم، والوعي الذاتي لم يلق من الاهتمام ما يعزز فاعليته في مجتمعاتنا وإن كان الملاحظ أن علوم الوعي الذاتي آخذة في النمو والمتوقع أن يكون لها دور أكبر في المستقبل وأن تكون رائدة في رفع مستوى الوعي الاجتماعي وبالتالي تطوير المجتمع.
إن عملية التطوير لا يمكن فيها الفصل في المجتمعات بين المرأة والرجل والشباب والأطفال والفقير والغني والعامل والعاطل وإنما بين كل إنسان وآخر حسب حاجته لشمول التطوير، فعملية التطور الذاتي تتسم بالفردية إذ يمكن للفرد أن يتطور بمعزل عن كل المحيطين به إن هو امتلك الإرادة الكافية وسلك الطريق الصحيح.
كما أن الأسرة لها الدور الأكبر في تشكيل وعي وشخصية الإنسان ويلي ذلك المدرسة والمؤسسة التربوية ثم المؤسسات المدنية في المجتمع، لتضيف إلى شخصيته وخبراته أشياء أخرى قد تتلاقى مع مخزونه الفكري السابق من الأسرة وقد تتعارض معه لكن كل ذلك يتغير بمجرد أن يأخذ الإنسان قرارا بالوعي الذاتي إذ يصبح هو صاحب الدور الرئيس في البحث عن الحقيقة في كل مجال واعتناقها فكريا وشعوريا وسلوكيا.
إن الانسان الواعي يصل لمرحلة تصبح فيها كل أقواله متطابقة مع أفعاله ويصبح قادرا على احتواء كل الوجود بمحبته الواعية دون أن ينبذ أحدا أو يصم آذانه عن آراء الآخرين أو يصطدم معهم فالحوار الواعي الذي يتقبل الآخرين وآراءهم لغة الإنسان المتطور ذاتيا.
إن الإنسان قد يحتاج أحيانا العيش بعيدا عن الصخب وكثرة المنغصات ليصفو تفكيره، فالعزلة عن المجتمع ليست زهدا أو خوفا بل استعدادا وتأهيلا لذاته مصغيا لها يحاورها ويعالجها بعيدا عن الاحتكاك بالآخرين إلا من قصده لطلب عون أو مشورة حتى يصبح لديه الوقت الكافي ليبلغ مرحلة الاختيار والعطاء الفكري الواعي الحقيقية، أما العزلة التي سببها زهد أو خوف فهي إما حالة يأس وإحباط وإما حالة ذعر اجتماعي وكلاهما وهم مسقط.