إن الكمبيوتر اللوحي سيرفيس (Surface pro3) هو ليس مجرد كمبيوتر لوحي، إنه أيضاً مظاهرة رائعة من قيمة المثابرة وهو جزء من استراتيجية مغايرة، ربما ستؤتي أكلها فيما بعد.
من الصعب أن نتحمس لكمبيوتر لوحي هذه الأيام، بالنظر إلى أن هذا المنتج يتم تسويقه تقريباً وكأنه منتج تجاري من فئة الهواتف الذكية، وذلك بفضل الانفجار في عام 2013 للأجهزة الصينية العاملة بنظام أندرويد، والتي استطاعت الحصول على حصة مقدارها 62 في المائة من السوق.
لكن الجهاز الجديد، (Surface pro3) يبين تماماً كيف أن أسلوب مايكروسوفت يختلف عن أسلوب شركة أبل، التي ما تزال رائد السوق في الكمبيوتر اللوحي. شركة أبل تفخر بأنها تطرح المنتجات فقط عندما تتأكد من أنها ستكون صرعة في السوق. «من المهم تماماً بالنسبة لنا أن نحقق المنتج بالشكل الصحيح بدلاً من أن نكون الأول «كان ذلك تعليق تيم كوك، الرئيس التنفيذي في شركة أبل»، في بيان مبكر حول الأرباح.
بالمقابل، سارعت مايكروسوفت في طرح منتجات لم تكن جاهزة للجمهور العام. الكمبيوتر اللوحي الأول Surface شهد تخبطاً مدوياً. والمراجع إريك لايمر في مجلة جيزمودو كان سخياً عندما كتب عن الكمبيوتر اللوحي الأول Surface Pro إنه «طمس الخط الفاصل بين مثالية المستقبل والمنتج الإشكالي».
كانت فكرة مايكروسوفت أن تدمج الكمبيوتر اللوحي مع الكمبيوتر النقال (لابتوب) حتى يتمكن الناس من استخدام نفس الجهاز للعمل والتسلية. غالباً كل من يمتلك جهاز كمبيوتر لوحيا يمتلك جهاز كمبيوتر نقالا - 96% حسب معلومات مايكروسوفت - لذا سيكون شراء جهاز واحد بدلاً من الاثنين جذاباً.
مع نُسخ الإصدار الأول من الكمبيوتر اللوحي Surface، لم تجعل مايكروسوفت وجهة نظرها مقنعة عملياً. كانت الأجهزة أسمك وأثقل من الكمبيوتر اللوحي ولكن لا تصل الى درجة مثل الكمبيوتر النقال العادي. شاشاتها ذات العشر بوصات كانت صغيرة جداً بالنسبة لاستخدامات العمل، وكانت تراك باد معادية للمستخدمين بشكل واضح، ومنصة الوقوف كانت تميل الى الإغلاق عند إدخال مقبس سماعات الرأس، وبدلاً من كونه يجمع بين صفات الكمبيوتر اللوحي والنقال، فإنه لم يكن أياً منهما، بل كان هجيناً مضحكاً مثل البطريق برأس القطة.
إن طرح الكميات الكبيرة من المنتج يبدو أنه ساعد مايكروسوفت على تفهم الخطأ الذي وقعت فيه. الآن نجد أن Surface Pro 3 هو أقل كثيراً من حيث السماكة، وأخف وزناً من الإصدار السابق. تبلغ سماكته 9.15 مليمتراً (أي أقل من سنتمتر واحد)، وبالتالي فهو أسمك قليلا من أي باد إير (7.37) مليمتراً، ووزنه 799 غراماً أي أنه أثقل بحوالي 80 في المائة. قد يكون من المفيد أن نتذكر، مع ذلك، أن أول آي باد كانت سماكته 127 مليمتراً، ووزنه 726 غراماً. ومع الأخذ بعين الاعتبار حجم الشاشة الأكبر الآن - ومقداره 305 سنتمترات – فإن الكمبيوتر السطحي أصبح الآن جهاز كمبيوتر لوحياً أكثر إقناعاً.
تريد منك شركة مايكروسوفت أن تقارن منتجها بالكمبيوتر اللوحي أبل أير، الذي هو أفضل جهاز كمبيوتر نقال في العالم. الآن لقد تم إصلاح مشكلة صغر حجم الشاشة، ومع مواصفات تقنية مماثلة، فإن الكمبيوتر النقال Surface يمكن أن يكون مناسباً من حيث سعره، ومسنده والتراك باك يعملان بشكل جيد. لا تنس كذلك أن بإمكان الشخص أن يرسم عليه. فهناك قلم رقمي مرفق مع الجهاز، وهو يعمل دون الفاصل الزمني المزعج الذي تجده في كثير من الكمبيوترات اللوحية الأخرى.
هناك شيء واحد سلبي وهو نظام التشغيل، ويندوز 8، من المحتمل أن يكون الأكثر صعوبة في التعامل معه منذ أيام استخدام نظام دوس. ومع ذلك، فإن الحقيقة أن نسختها الكاملة من ويندوز تعمل بمعالجات إنتل القوية قد قطعت شوطاً كبيراً في حل أكبر مشاكل تطبيقات مايكروسوفت الموجهة للسوق. لكن تظل الحقيقة وهي أنها لا تملك ثروة تطبيقات الهواتف الخلوية المتوافرة على (iOS) والأندرويد. كما أن الجهاز يشغل برامج وندوز مثل أي جهاز لابتوب جيد، وهناك الكثير من هذه الأجهزة.
اقتربت مايكروسوفت من أن تجعل منتجها مثيراً لاهتمام الناس الذين، مثلي، يودون استخدام جهاز واحد للعمل والقراءة ومشاهدة الأفلام ولعب الألعاب من حين لآخر. وفي حين أن المنتج ربما لا يكون قد وصل إلى محطته الأخيرة، إلا أن من الواضح أنه يسير في الاتجاه الصحيح. بالنسبة لشخص متعلق بأجهزة أبل مثلي، ما تزال أكبر عقبة هي الانتقال إلى نظام التشغيل وندوز. كما أن سعر الجهاز يأتي قريباً في المرتبة الثانية. ذلك أن تكلفة الجهاز Surface تعادل تقريباً تكلفة الجهاز ماكبوك إير من أبل.
إن الأموال التي خسرتها مايكروسوفت على Surface حتى الآن – التي تبلغ 1.2 مليار دولار تقريباً – ربما يمكن إلى حد كبير اعتبارها ضمن تكاليف الأبحاث والتطوير. تشير التقارير إلى إن إنفاق مايكروسوفت على الأبحاث والتطوير في عام 2013 بلغت 10 مليارات دولار، بالتالي نستطيع أن نجعلها الآن 11.2 مليار دولار. لكن أبل أنفقت 4.5 مليار دولار على الأبحاث والتطوير في السنة الماضية، وهو مبلغ يفوق كثيراً الأموال التي أنفقت في السنوات التي شهدت تطوير الآي بود والآي فون والآي باد، لكن منتجاتها الجديدة ما تزال تشبه قطط شرودنجر، بمعنى أنك مرة تراها ومرة لا تراها. إن أسلوب مايكروسوفت التجريبي إلى حد كبير منهج أكثر صدقاً، على الأقل بالنسبة للمساهمين، من المنهج المتكتم عند تيم كوك. إنه مجهود تعاوني، بمعنى من المعاني، لأن الشركة تحصل على تغذية راجعة من ملايين الناس الذين يشترون النسخ – التي تكون تجريبية بحكم الواقع العملي – من منتجاتها التي تنطوي على إعادة تعريف للفئة نفسها.
أنا متفائل بالنسبة إلى مايكروسوفت. سيكون من المؤسف تماماً إن لم يؤد عنادها إلى نتيجة إيجابية في نهاية المطاف.