DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

رفسنجاني مع المرشد الايراني

هاشمي رفسنجاني.. صانع الملوك و«سباك» السياسة الايرانية

رفسنجاني مع المرشد الايراني
 رفسنجاني مع المرشد الايراني
أخبار متعلقة
 
يوصف هاشمي رافسنجاني بأنه صانع الملوك، فقد كان سببا في ارتقاء المرشد الايراني علي خامئني لعرش الملالية بعد وفاة الخميني متجرعا السم في حرب ضروس ضد العراق 1980-1988، رغم الاعتراضات الكثيرة التي كانت تعترض سبيله من قبل رجال الدين، الا أن خامئني ادرك مبكرا ضرورة محاصرة رافسنجاني والإمساك به من كلتا يديه وقدميه، ولهذا كثرت الشكاوى على أبناء رافسنجاني وطاولتهم الاتهامات بالفساد المالي، رغم أن الملالية يتعايشون باتفاق مصالح غير مكتوب بينهم يسيطر فيه رافسنجاني على قطاع الشركات النفطية، وبعض الشركات الاستراتيجية، ولهذا يعد حليفا متميزا لرجال البازار، خاصة وان رافسنجاني يعد ابنا لعائلة ثرية كانت تتاجر بالفستق وتستحوذ على تجارته لسنوات طوال. رافسنجاني شخصية براغماتية جدا، لدرجة تحسبه ليبراليا في مكان، وقوميا متعصبا في مكان آخر ،ومتشددا في أماكن أخرى، فهو يتحدث بعدة ألسن، ويمتلك القدرة على الاتصال والتواصل مع الجميع ،فهو لا يقطع وصلا مهما كان ضعيفا، ويحتفظ بعلاقاته حتى وان بلغت حدا يستوجب القطيعة، ويقال في الشارع الايراني، بأن خامئني يستشير رافسنجاني في قضايا كثيرة، لكنه ايضا يحذر منه كثير الحذر، ومع ذلك فان رافسنجاني من دفع بحسن روحاني الى سدة الرئاسة، بعد إقناعه لخامئني بأن المرحلة الايرانية تحتاج وجها دبلوماسيا يمتلك حصانة قومية، ومع ذلك استخدم خامئني كل الوسائل المتاحة لتحجيم مكانة رافسنجاني، لدرجة منعه من الترشح لرئاسة الجمهورية، وأبقاه في مصلحة تشخيص النظام. مصلحة تشخيص النظام، هي مكان أشبه ما يكون بثكنة عسكرية تقليدية وسط طهران، وسط غابة من الاشجار، والجدر الاسمنتية، حيث يقبع رافسنجاني هناك أشبه ما يكون بمعتقل، وفي احدى المناسبات توقع الحاضرون ان يسمعوا منه قولا مختلفا فيما يتعلق بمشروع ايران النووي، إلا أن من يجهلون رافسنجاني لم يعلموا انه ديناميكي بعباءة ارثذوكسي، وانه خميني الاتجاه والمذهب والفكرة، وفيه روح فارسية غير عادية، غير ان المختلف فيه هو انه يؤمن بأن تحقيق النتائج ممكن بوسائل ووسائط مختلفة، وان المعارضة الدائمة أو الموافقة الدائمة حالة غير منطقية كونها لا تتعامل مع المعطيات وشروطها، ولهذا كان واقعيا بامتياز، فهو يعارض لأجل ايران ويتفق ويتنازل لأجل ايران، وكل ما يعترف به خامئني هو أن رافسنجاني أمينا للثورة والدولة الايرانية، وانه معادل للتوازنات الداخلية التي لا يستطيع الحفاظ عليها بعيدا عنه، وهو الشخصية القيادية التي يمنحها خامئني الضوء الأخضر للنطق بالاختلاف في وجهات النظر في قضايا داخلية وخارجية كان أبرزها موقفه من الشارع الايراني ومن الأزمة السورية ورؤيته عن أهمية العلاقة الاستراتيجية مع السعودية.ظل رافسنجاني أكثر قادة ايران واقعية في التعامل مع دول الجوار العربي والخليجي، وكان مدركا لشروط السياسة ومتجاهلا لحقائق التاريخ، وعارفا بمتطلبات التوازنات في المنطقة، وهو يعلم أن أدوات التأثير السعودي المنظورة وغير المنظورة كبيرة، وأن المملكة إذا رغبت في وضع ايران في دائرة استهدافها فان ايران لا تقوى على المواجهة.وفي لقاء جمع به الصحافيون الأجانب في دارته في مصلحة تشخيص النظام، وعدد كبير من رجال البحث والدراسات السياسية والإستراتيجية، ومعظمهم بالطبع يعمل ضمن اجندة استخباراتية ،تحدث رافسنجاني بلغة شاعرية حزينة عن حقوق ايران في بناء مفاعلات نووية للأغراض السلمية، كان صوته الحزين يثير مشاعر الحضور، ممن يجهلون رنيم اللغة الفارسية، ويجهلون طريقة رافسنجاني في الكلام والحوار، وخاصة عندما يضمنها رسائل خارجية ذكية، قال ان من حق ايران استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، وليس من حق أحد أن يمنعنا من ذلك، ومن حق دول العالم ومنظماته أيضا ان تطمئن بأن مشروعنا سلمي، ولكننا نسأل ترى لماذا من حق اسرائيل وليس من حقنا نحن، وعرج كثيرا على الاسلام ورأيه في أسلحة الدمار الشامل، وتطرق لصدام حسين، لدرجة أوصل رافسنجاني الحضور الى مرحلة البكاء واللطم. رافسنجاني شخصية تبدو غريبة في مجموعة القيادة الايرانية، على الرغم من اتقانهم لفن تبادل الادوار السياسية فيما بينهم، لدرجة يظهر في ايران أكثر من قيادة وأكثر من حكومة، فقد اعتقل ابنه مهدي وابنته فائزة وزج بهما في سجن ايفين الرهيب، على اثر تعاطفه مع تظاهرات عام 1999 المنددة بتزوير انتخابات الرئاسة الايرانية التي جاءت باحمدي نجاد رئيسا لايران، واقيل على اثرها من مجلس الخبراء، ولكنه ظل في مصلحة تشخيص النظام، وصمت عن اعتقال مير حسين موسي ومهدي كروبي، ومع ذلك لم يخرج رافسنجاني عن مظلة خامئني. الازدواجية التي تعيشها ايران رهيبة وهي خلط جرى تركيبه بعناية فائقة بين متطلبات الدولة واشتراطات الثورة، لكن لا يمكن لأي محلل سياسي أن يكتشف سر هذا التناغم بين حالين مختلفين وأحيانا متناقضين، في ثورة دائمة تفتقد عناصر مشروعيتها مع الوقت، ورغبة عارمة في بناء الدولة المدنية كشرط من شروط العصر، ومع ذلك تمتلك السلطة قدرة غير عادية لإعادة الإيرانيين كل يوم وسوقهم جبرا إلى التاريخ الدامي والاستشهاد والحسين والعباس وأبا الفضل، لدرجة ان طلبة ايرانيين يؤكدون أن الادلجة والتربية الدينية اثرت حتى على الشيوعيين في ايران، حتى من يقيمون منهم في دول غربية،اذ سرعان ما يرددون عبارات هي وليدة تربية مؤدلجة رغم تنافيها وفكرهم السياسي. في عام 2010  بدأت العلاقات الايرانية اليمنية تتوتر بفعل التدخل الايراني عبر دعمهم للتمرد الحوثي بالمال والسلاح، وهددت صنعاء بقطع العلاقات مع طهران، ما اضطر وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي لزيارة اليمن، قابله وزير الخارجية اليمني ابوبكر القربى بحقائق دامغة ومعلومات استخبارية مؤكدة حول التدخل الايراني، ولم يستطع متقي انكارها سوى القول إنها ليست من أعمال وزارة الخارجية، في اتهام غير مباشر للحرس الثوري، وكأن في ايران حكومتين كل واحدة غير مسئولة عن أعمال الأخرى، رغم ان السفارات من أعمال وزارة الخارجية، لكن في ايران حصة الحرس الثوري في السفارات  تعادل 70% ان لم يكن 100% في بعض الدول. اللافت أن منوشهر متقي اقيل من حكومة احمدي نجاد وهو يقوم بمهمة رسمية ودبلوماسية في السنغال، بعد اكتشاف المخابرات السنغالية دعما ايرانيا لحركات التمرد والتطرف فيها، لدرجة ان متقي عبر عن انزعاجه من هذه الاساءة بالقول انه عمل مهين وتصرف غير اسلامي وغير دبلوماسي ومخالف للأعراف السياسية، فيما أعلن في حينه احمدي نجاد وهو في اسطنبول أن اقالة أي مسئول وهو على رأس عمله أو في مهمة خارجية لا ضير فيه. هذه الازدواجية ليست أمرا مرضيا في ايران، ليست صراعات بين أجنحة بل هي عقيدة سياسية، تؤمن باجتماع الاضداد في جوف ايراني واحد، هي محاولة لتوظيف الدين والقانون والتاريخ لخدمة المصالح القومية، وهي سوط عذاب يضرب به المجتمع الايراني كل يوم، مرة بسوط الايدولوجيا الدينية لدرجة يفقد فيها وعيه واتزانه وتركيزه مع مرور اجباري على التاريخ الدامي، ومرة أخرى بعرضه على مسارات المظلومية التي تعيشها ايران في مواجهة المجتمع الدولي والمتآمر طبعا على ثورتها. لذا فان ايران متصالحة مع الإقليم والعالم مسألة تبدو غير ممكنة؛ لأن المصالحة مع العالم الخارجي تحتاج لمصالحة داخلية، واعتراف بأن ربيع الايدولوجيا والتعبئة الدينية والطائفية والعالم المتآمر لن يكون لها مقام ومكان في ايران، وستعني تنفس المجتمع الايراني الصعداء من تعبئة دائمة، جعلت مجتمعهم اشبه بمجتمعات العسكرتاريا والتقشف على شاكلة كوريا الشمالية،رغم انهم دولة نفطية، ورغم ان رجال الدين هم رجال المال والبزنس والثراء والسلطة في ايران، وهذا مقلق لهم، وهذا سبب في استمرارية صناعة الاعداء وادامة التوتر مع دول الجوار ومع المجتمع الدولي، وذلك كله لإحكام السيطرة على المجتمع الايراني، فهي باحثة عن مبررات خارجية لتعبئة داخلية فقدت مبرراتها اليوم، والسؤال.. ما المبررات الجديدة لقيادة الشارع الايراني؟ فهل تحاول طهران تسويق الانتصارات الوهمية بأنها دولة اقليمية عظمى، وهو ما سيحدث حالة من الانفصام داخل المجتمع الايراني عندما يجد الاصلاحيون متنفسا حصلوا عليه بقرار أمريكي. لكن ازدواجية ايران وقدرتها على تغيير الاتجاه، ومن الشيطان الأكبر الى الحليف الاكبر، سيضعها حتما على طريق  التغيير، وسيعني ذلك أفول نجم الثورة، وبزوع عهد الدولة المدنية. ظل رافسنجاني أكثر قادة ايران واقعية في التعامل مع دول الجوار العربي والخليجي، وكان مدركا لشروط السياسة ومتجاهلا لحقائق التاريخ، وعارفا بمتطلبات التوازنات في المنطقة، وهو يعلم أن أدوات التأثير السعودي المنظورة وغير المنظورة كبيرة، وان المملكة اذا رغبت في وضع ايران في دائرة استهدافها فان ايران لا تقوى على المواجهة، وهو مقتنع بأن الاثارة الطائفية لا تخدم البلدين، وان ايران رغم امتلاكها ادوات اعلامية، فان مصداقية السعودية في العالم الاسلامي ليست محل شك، رغم ما تبذله ايران من تمويل وشراء ذمم وتبشير سياسي وديني!! سئل مسئول ايراني ما الذي يجعلكم تعتقدون أن بوابة نفوذكم تتكون من خلال اطلالتكم على الخليج والمنطقة العربية، مع ان جيوسياسية وثقافية ايران تكاد تكون في اتجاه حوض القوقاز، فقال عليك دائما أن تلعب مع الكبار، ان تختلس هامشا ومقعدا بينهم، ان تبحث عن الطرق التي تؤدي بك الى تحقيق معنى مرتبط بحقائق وبوقائع يجري اقناع الاخرين بها، الأمر يعتمد على قدرتنا في المواصلة، ومع ذلك فان هذا الطريق ليس سهلا بل ان احتمالات التغيير والرفض له قد تكون داخلية. على الرغم من الخلافات الخليجية الايرانية الناتجة عن الاطماع الايرانية والتدخل في الشؤون الداخلية ، واثارة الفوضى في المنطقة، الا ان طهران تعي بداخلها ان دول الخليج ترفض أن تكون اداة لدعم حالة عدم الاستقرار في ايران الا اذا كانت مجبرة على ذلك، ورغم التصريحات النارية لقادة الحرس الثوري الايراني وتهديداتهم لدول الخليج، الا ان هاشمي رافسنجاني كان شخصية مختلفة جدا في رؤيتها للعلاقات مع دول الخليج، ولعل واقعيته المستمدة من تجارته، جعلته اكثر تفهما وقناعة بان ايران لا يمكنها العيش في بيئة قلقة، في بيئة قائمة على الهواجس الامنية. ويعتبر رافسنجاني الشخصية الايرانية الوحيدة التي اتخذت سياسات واجراءات عملية في علاقاتها مع دول الخليج، والتي قادت عام 1996 إلى توقيع اتفاق وصف بالاستراتيجي بين السعودية وايران، غير ان من طبيعة ايران للأسف التراجع دائما عن اتفاقاتها، ومع ذلك وانت تقترب من الرئيس هاشمي رافسنجاني ومن الرئيس حسن روحاني تلمس أنهما شخصيات واقعية وان عملا من أجل مصالح بلدهما القومية، ولهذا يصف الشارع الايراني روحاني بأنه الابن الحقيقي لسياسات رافسنجاني، رغم ان روحاني يعتبره البعض مثاليا في علاقاته مع المرشد الايراني علي خامئني. في اطار السياسة السعودية والخليجية ناحية ايران، فايران جار تاريخي لا يمكن تجاوزه، ولكن يمكن التأثير فيه وعليه، كما ان ايران ليست رجال الدين فقط، بل ايران قوميات واثنيات واديان مختلفة، وواقع يؤكد ان معالم القوة الظاهرة، هي شكل من اشكال الضعف ايضا، ولهذا فان من سمات السياسة الايرانية القدرة على التغيير والمهادنة والتراجع وعقد الصفقات، ونعتقد ان قوة حضور رافسنجاني في السياسة الايرانية رغم محاولات استبعاده شكليا، هي التي دفعت بالرئيس الايراني حسن روحاني للاعلان ابان تسلمه رئاسة ايران أنه ساع لبناء علاقات متوازنة واستراتيجية مع الرياض، في وقت تعيش مؤسسة المرشد والحرس الثوري الايراني حالة من الصراع الداخلي، الامر الذي جعل رافسنجاني عامودا للتوازن الداخلي والخارجي، وهذا ما سيؤدي الى تحقيق انفراجات في بعض الملفات الاقليمية التي لايران يد طولى فيها. ولعل ما قاله رافسنجاني لصحيفة انتخاب الايرانية حول العلاقات مع السعودية، بأن تحسين العلاقات بين طهران والرياض هو من مسؤولية المرشد الأعلى علي خامنئي قبل أن تكون مسؤولية الحكومة أو أي شخص آخر، وعندما طلب من رافسنجاني التدخل لبناء علاقات ثقة بين الرياض وطهران قال رافسنجاني كيف سأتدخل، وماذا سأقول للسعوديين أنا لست مسؤولاً حتى يسمح لي أن أعلن عن موافقتي أو رفضي لهذا الأمر أو ذاك، فهذه من ضمن مسؤوليات المرشد والسياسات العامة للنظام ثم الحكومة.