على مدار الساعة.. تظل قضية الإنسان في وجدان قائد الوطن والأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز "حفظه الله" حاضرة كاملة الحضور، قضية الإنسان بكل أبعادها، وكامل تفاصيلها.. الإنسان كما يليق أن يتعلم، والإنسان كما يجب أن يتطبب، والإنسان كما ينبغي أن يعيش في وطنه كريما، ويتلاشى كل شيء في ذهن هذا القائد التاريخي أمام أن يرفل إنسان هذه البلاد بأفضل ما تكون عليه الحياة، وتتضخم الإنسانية في قلبه ووجدانه، عندما يتصل الأمر بالمرضى والمحتاجين من أبناء وطنه، يُريد لو استطاع أن يأخذ أنات الوجع من أفواههم، أن يطبب جراحهم، أن يمسح عبراتهم، أن يقول لهم بلسان قلبه وفعل يده: ها أنا معكم.. ها أنتم في صميم فؤادي، مشاعركم مع المرض تؤرقني، وأفراحكم تسعدني.
مقاصد نبيلة بهذه الصفة ولدت فكرة مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود للأعمال الإنسانية، والتي عرفت باختصارها "مؤسسة الملك عبد الله الإنسانية"، وعنيت بتحقيق الأهداف والمقاصد النبيلة لمؤسسها خادم الحرمين الشريفين "يحفظه الله" في خدمة دينه ووطنه وأمتيه العربية والإسلامية والإنسانية كافة في ميادين الأعمال الإنسانية، واحتضنت العديد من المشاريع الإنسانية الباهرة التي أضفت رداءها على نطاقات واسعة.. حيث يكون الإنسان، وتكون الحاجة لتلك اليد الكريمة البيضاء التي تتلمس شكاياته وآلامه لتربت على كتفه وتقدم له ما يحتاجه من العون والغوث الإنساني بأجمل وأفضل ما تكون الرعاية الأبوية التي لا تريد جزاء ولا شكورا.
أمن نفسي وعلى ضفاف هذه المؤسسة الإنسانية.. ظل هذا الملك الإنسان يُمارس أحلى متع حياته في استقصاء حاجات شعبه وأمته، ليبني على ضوئها ما يحقق طموحه وآماله في إعادة البسمة إلى كل شفة جافة، والأمن النفسي لكل نفس قلقة، والهدوء والسكينة لكل من تعرض لواحدة من غوائل الحياة، لذلك وما إن اطلع "يحفظه الله" على بعض التقارير التي تتناول قضية أمراض الكلى في المملكة، وتفاقمها كما جاء في تقرير المركز السعودي لزراعة الأعضاء في عام 2012م، والذي اشار الى وصول عدد المرضى المعالجين بالتقنية الدموية الى 12844 مريضا، مما يشير لمعدل انتشار الفشل الكلوي بما يعادل 499 حالة لكل مليون نسمة بالسنة، بينما بلغ عدد المرضى الجدد الذين يُعالجون بذات التقنية في العام نفسه 3666 مريضا، تتوقع الدراسات أن يرتفع عددهم خلال العام الجاري 2014م إلى 15000 مريض، وذلك لأسباب عدة من أهمها الإصابة بارتفاع ضغط الدم وداء السكري والسمنة والتدخين وانسداد المسالك البولية، الأمر الذي دفعه "أيده الله" للمسارعة في تبني مشروع مؤسسة الملك عبد الله الإنسانية لرعاية مرضى الكلى وعلى نفقته الشخصية، وهو مشروع إنساني بامتياز، لأنه يعتمد على توفير خدمة الغسيل الدموي بأحدث وأرقى التقنيات الطبية وبالمجان لكافة أبناء الوطن والمقيمين على أرضه.
تكون الحاجة لتلك اليد الكريمة البيضاء التي تتلمس شكاياته وآلامه لتربت على كتفه وتقدم له ما يحتاجه من العون والغوث الإنساني بأجمل وأفضل ما تكون الرعاية الأبوية التي لا تريد جزاء ولا شكوراأوقات قياسية وحرص "سلمه الله" على أن يتم الإسراع في إنجاز هذا المشروع بدعم تشغيلي وإشرافي من الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني خلال زمن قياسي، وهو الرجل الذي طـالـما راهن على عـامل الـوقت في أي مشـروع يقف خلفـه، وكلنا شـاهـد كيف تـم إنجاز مـدينة الملك عبد الله للعلوم والتقنيـة، ومديـنة الملك عبد الله الرياضية في جدة، بكل ما فيهما من العظمة، وخلال أوقات قياسية مذهلة.
المرحلة الأولىورغم ملاحقة الوقت.. إلا أن سعيه الدؤوب وراء هذا المرفق الحيوي، وسؤاله الحثيث عنه ساهم في إنجازه بذات القدر من السرعة، وبأعلى ما توفره المواصفات الطبية من الجودة، مع دعمه بأفضل الكفاءات الطبية والإشرافية من ذوي الخبرة العالية في علاج أمراض الكلى، والتأكد من أن جودة الخدمة المقدمة تستجيب للمعايير المعترف بها عالميا، إلى جانب الالتزام بالمعايير الطبية العالمية لمكافحة العدوى، وانطلقت خدمات المراكز المخصصة لغسيل الكلى في مرحلتها الأولى في العاصمة الرياض بواقع فرعين، الاول مركز جنوب الرياض: ويقع على الطريق الدائري الجنوبي في حي شبرا بين مخرجي 24 و 25 على مساحة تبلغ 3200 متر مربع، ويضم 98 وحدة غسيل كلوي، والثاني مركز شمال الرياض على طريق الملك عبدالعزيز في حي الياسمين على مساحة تقدر بـ 3291 مترا مربعا، ويضم 128 وحدة غسيل، إضافة إلى فرع ثالث في مدينة جدة يقع في الجهة الشمالية لمبنى الصواري "لاند مارك" على طريق الملك عبدالله، ويضم 206 وحدات غسيل للكلى، على مساحة اجمالية تبلغ 7586 مترا مربعا، وتم لهذه الغاية توفير 1000 جهاز معزز بأحدث تقنيات الغسيل الدموي في هذه المراكز، ليكون المخصص منها حتى الآن للرياض وجدة 475 جهازا.
المرحلة الثانيةوتشمل المرحلة الثانية من المشروع تدشين مراكز مماثلة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وحائل والقصيم ورفحاء، وسيتم فيها تخصيص 230 جهازا للغسيل الكلوي، بينما سيتم تخصيص 295 جهازا لمراكز أخرى سيتم الإعلان عنها لاحقا، ومن المقرر أن تصل الطاقة الاستيعابية القصوى لهذا المشروع الإنساني الكبير بعد اكتمال مراحله في مختلف مدن المملكة ليستوعب أكثر من 5000 مريض، على مراحل تدريجية لن تتجاوز سبع سنوات.
واشتملت مرافق المشروع الإنساني والخيري إلى جانب الألف جهاز مع كافة مستلزماتها، على مبان مجهزة ومصممة وفق أعلى معايير الجودة من قبل شركات وبيوت خبرة طبية دولية، وتتوفر فيها كل المرافق اللازمة لتقديم خدمة طبية نوعية من أجهزة التناضح العكسي، إلى النظام الكهربائي الذي يضمن استمرارية التيار بمولدات احتياطية، ومحطات خاصة للغازات الطبية، كما تم التعاقد مع شركات متخصصة ورائدة في خدمات التشغيل والإدارة، إلى جانب ربط هذه المراكز بشبكة عنكبوتية واحدة لضمان استفادة المريض في موقعه من خدمات هذه المراكز، يُضاف إلى هذا توفير البيئة الخاصة للعاملين في تلك المراكز من سكن خاص للأطباء والفنيين وأطقم التمريض، يتوفر فيه كل ما يلزم من وسائل الراحة، التي تسمح للعاملين بإعطاء أنبغ ما لديهم من مهارات طبية لخدمة المرضى والمراجعين.
مواصفات العالية وقد انجز الملك الأب والقائد الإنسان بهذا المشروع الطبي الخيري الكبير -بمواصفاته العالية جدا وخدماته التي لا تتوفر عادة إلا في المراكز الربحية ذات النجوم الخمسة ، وبمجانيته لكل من يحتاج إلى خدماته- عملا لا يليق إلا بقامته الفارعة على مستوى الإنسانية، والتي استدعت إليه الجوائز من كل حدب وصوب، لتتشرف به وبما يقدمه على هذا الصعيد الذي أصبح أقرب الساحات إلى قلبه، وأكثرها حظوة في ضميره المرهف «حفظه الله» وأمده بالصحة والعافية لإضفاء أبويته وإنسانيته على هذه البلاد وأهلها ومن ينعم بالإقامة على أرضها الطاهرة.
