DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الإخوان المسلمون.. من أحلام السلطة إلى المطاردة بالإرهاب

الإخوان المسلمون.. من أحلام السلطة إلى المطاردة بالإرهاب

الإخوان المسلمون.. من أحلام السلطة إلى المطاردة بالإرهاب
الإخوان المسلمون.. من أحلام السلطة إلى المطاردة بالإرهاب
أخبار متعلقة
 
ضربات متعددة ومتلاحقة تلقتها، مؤخراً، جماعة الإخوان المسلمين في بلداننا العربية والعالم، وأفضت إلى فقدانها السلطة في مصر، وتبخرت أحلامها في سواها من البلدان، وخاصة في موريتانيا، التي كانت تعتبر المكان الحيوي للحركة الاخوانية، البعيد عن الأنظار، ثم جاء قرار المملكة العربية السعودية بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي، ليطردها من معظم الساحة الخليجية، تبعه قرار بريطانيا التحقيق في علاقة الإخوان بالإرهاب، الذي يشكّل تهديداً لملاذ آمن لنشاطات قيادات الجماعة، ودعما للتوصيات، الصادرة الشهر الماضي في العاصمة الفرنسية باريس عن مؤتمر، "الإعلام بين المهنية وتسييس الدين"، وفي مقدّمتها تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابياً، ودعوة الحكومة الفرنسية إلى التواصل مع المجموعة الأوروبية لتفعيل هذا القرار.    ويمكن القول إن الجماعة باتت تعيش عزلة شبه تامة في العالم العربي، مرشحة لأن تأخذ طابعاً عالمياً، مع استثناءات صغيرة، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول طبيعة سلوك هذا التنظيم الحزبي، بعد أن فقد ساحته الأم، والعديد من ساحاته الفرعية، والأهم هو الاجراءات البريطانية والفرنسية والكندية، التي تهدد بفقدان هذا التنظيم الملاذات الآمنة لقياداته في البلدان الأوروبية، والعربية عموماً، الأمر الذي يجعله يعيش في حالة انتقالية، من تنظيم يعيش أحلام السلطة، إلى تنظيم مشتت ومطارد بتهم الإرهاب والقتل.    كان الأجدى بقيادات جماعة الإخوان المسلمين إدراك أن وصولهم إلى حكم مصر، لا يعني إمساكهم بمقدرات البلد وناسه، وأن الفضل يعود إلى ثورات الربيع العربي، التي أخرجتهم من عتمات غرفهم المغلقة إلى الفضاء العام، وأدخلتهم إلى المجال السياسي العام، الذي كان مغلقاً ومصادراً إبان عهود الاستبداد، وبالتالي كان عليهم التنبه إلى أن الوصول إلى السلطة في مصر عن طريق صناديق الاقتراع، لأول مرة في التاريخ العربي المعاصر، يضعهم أمام المسؤولية التاريخية المباشرة عن مستقبل البلاد، وأمام امتحان النجاح والفشل في المرحلة الانتقالية، فضلاً عن وضع سلوك تنظيمهم تحت مجهر ترقب، ورهان مختلف القوى الإقليمية والدولية.   غير أن علامات استفهام كثيرة طاولت سلوكهم وممارساتهم وخطابهم، حيث اعتقدوا انهم منحوا تفويضاً مطلقاً، فراحوا يقصون مختلف القوى السياسية وناسها، واستغلوا مقدرات الدولة ومواردها، لخدمة مصالحهم الضيقة، ولم يكفوا عن استغلال منابر المساجد للدعاية لأفكارهم وأطروحاتهم، والأخطر من ذلك هو توظيفهم سلاح الفتاوى الدينية في حملاتهم الدعائية. فضلاً عن امتلاكهم موارد مالية هامة.   وقد أُطلقت تحذيرات كثيرة من استبدال استبداد العسكر وديكتاتورياتهم باستبداد وديكتاتورية إخوانية، وكانت تجد هذه الأصوات حجتها في ماضي جماعة الإخوان المسلمين وحاضرها، وما عرف عنها من عدم احترامها للديموقراطية، ومواقفها من حقوق الأقليّات الدينيّة والطائفيّة وحقوق المرأة، وميلها الدائم إلى الاستئثار بالسلطة، تحت شعارات دينية، توظف الدين خدمة لأغراض الجماعة السياسية.   وإن كان الإخوان المسلمون قد قطفوا الثمار الأولى للثورات العربية، إلا ان وصولهم إلى الحكم أوجد تناقضاً هاماً، تجسد في وجود هوة، وفارق كبير، ما بين اتساع القاعدة الاجتماعية للثورات، وتطلعات البيئة التحررية الحاضنة للثورات، وبين قصر النطاق السياسي للإخوان المسلمين في السلطة، ومحاولة فرضه على الناس، الأمر الذي كشف عن ضيق أفقهم الفكري والقيمي. وهو تناقض رئيسي ما بين مفهوم الثورات العربية، الحامل للتعددية والانفتاح والتحرر، وبين التصور الإخواني المغلق والأحادي والضيق.   ولم تكتف الجماعة بمحاولاتها الاستئثار بالسلطة في مصر، بل راحت تسوّق إدعاء مزيفاً، يفيد بأن جماعة الإخوان المسلمين، هي سبب نجاح ثورة 25 يناير 2011، في محاولة منهم ارتداء ثياب الثورة والادعاء بأنهم صانعوها، بينما يؤكد واقع الثورة أن نسبتهم في المشاركة لم تزد عن ربع عدد المتظاهرين، فضلاً عن أنهم دخلوا إلى "ميدان التحرير" متأخرين عن شباب الثورة، نظراً لالتزامهم أمام سلطات حسني مبارك بعدم المشاركة في تظاهرات الثورة، كنوعٍ من التعاون معها في ذلك الوقت، وإثباتاً لحسن النية حيالها.    بالترامن مع محاولات الاستئثار بالسلطة في مصر، راحت تخطط الجماعة لاستهداف امن واستقرار بلدان عربية أخرى، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان أنها، ومنذ مرحلة التأسيس، كانت تسعى إلى الهيمنة، إذ على الرغم من مرور أربع وثمانين سنة على تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، على يد حسن البنا في عام 1928، بوصفها جماعة دعوية دينية فقط، إلا أنها تغيرت مع مرور الزمن، وتحولت إلى جماعة سياسية، متعددة النشاطات الثقافية والاجتماعية. ولجأت إلى استخدام لغة السلاح؛ من أجل إسكات وإسقاط الأصوات التي تعارض ما تسميه "المشروع الإسلامي"، الذي يعني أن الهدف الذي تسعى إليه الجماعة هو السلطة، وراحت تمارس كل الممارسات الشرعية وغير الشرعية. وقد أثرت في الحياة السياسية للمنطقة العربية، رافعة شعار "الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد في سبيل الله أسمى أمانينا"، الأمر الذي أفضى إلى انتشار الأفكار المتطرفة لجماعة الإخوان بين أوساط الشباب المسلم. لكن حين فقدت الجماعة ممكنات نشاطها في البلدان العربية، خاصة بعد مواجهتها المفتوحة مع حكم عبدالناصر ومحاولة اغتياله، اتجه بعض أفرادها إلى دول أوروبا، لتنهض تلك الدول بمهمة احتضان الفكر السياسي الإخواني، وتوفير الملاذ الآمن لقياداتها السياسية.    ومع بداية ستينيات القرن العشرين المنصرم، انتقلت قيادات عديدة من جماعة الاخوان إلى بعض الدول الأوروبية، وعملت على بناء شبكات تنظيمية واسعة من أعضاء الجماعة في بعض دول أوروبا المتعاطفة معهم، وببطء وبثبات تم إنشاء شبكات تنظيمية كثيرة، مستغلة المساجد، والجمعيات الخيرية، والمنظمات الإسلامية، وبات الإخوان في بريطانيا وفرنسا وبلجيكا، وسواها، يشكّلون تحالفات إستراتيجية عدّة مع قوى سياسية أخرى، الأمر الذي أثار حفيظة قوى سياسية أوروبية، لذلك يأتي التضييق على جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا وفرنسا، وعلى سائر الجماعات التي تنضوي تحت لوائهم، ليشكل ضربة قوية بالنسبة إلى الإسلاميين، وخاصة التونسيين منهم. وإذا كانت بريطانيا قد استقبلت أغلب قيادات إخوان مصر، فإن باريس كانت ولا تزال قبلة العديد من القيادات الإخوانية الإسلامية التونسيّة. وقد تسبب ذلك في توتر العلاقة بين فرنسا وتونس في كثير من المناسبات، خلال فترة حكم حركة النهضة.     ومع مرور الزمن باتت جماعة الإخوان في أوروبا تمثل مجموعات كبيرة، تتلقى الدعم والتمويل من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، المنتشر في العديد من دول العالم، أما في البلدان العربية والإسلامية، فقد تراجعت شعبية الإخوان المسلمين، مع بقاء بعض الدول الداعمة لها. وجاء إدراج المملكة العربية السعودية، في السابع من مارس/ آذار 2014، جماعة الإخوان المسلمين على قائمة "الجماعات الإرهابية"، ليشكل ضربة قوية، تضاف إلى قرار الحكومة المصرية، في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2014، القاضي بإعلان جماعة الإخوان "جماعة إرهابية" وجميع أنشطتها "محظورة"، الأمر يلقي بظلال سوداء على مستقبل الجماعة، التي لعبت منذ النشأة الأولى على الوتر الديني لعامة الناس، محاولة استغلاله مراراً دون أن يكلل سعيها بالنجاح.