قرار وزاري أصدره وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين بالموافقة على القواعد التنفيذية للائحة نظام الحماية من الإيذاء، واشتملت على عدة جوانب لمكافحة العنف الأسري مثل الاستغلال والإساءة الجسدية والإساءة النفسية والتهديد بالإيذاء والولاية والسلطة والمسؤولية والعلاقة الأسرية والإعانة والكفالة.
اللائحة وضحت الأهداف التي تقوم بها الوزارة عن طريق وحدات الحماية الاجتماعية، ومنها ما يتعلق بإجراء البحوث الاجتماعية والنفسية للحالات المتعرضة للإيذاء، والعمل على تأهيلها بما يضمن مساعدتها على الاستقرار والتكيف مع أوضاعها الأسرية والاجتماعية.لاشك أن صدور مثل هذه الأنظمة له دور كبير في الضبط الاجتماعي، ومواجهة العنف الأسري الذي بدأ يتفاقم لاشك أن صدور مثل هذه الأنظمة له دور كبير في الضبط الاجتماعي، ومواجهة العنف الأسري الذي بدأ يتفاقم ويستهدف ضحاياه في الضعيفين الطفل والمرأة.
لكن هذا لا يغني عن دور المؤسسات الدعوية والتربوية والإعلامية، في التوعية والتثقيف والتربية، فنحن بحاجة إلى خطين متوازيين: الأول يعمل على الفرد من داخله في تنمية ضميره ووجدانه ووازعه الديني وحسه الإنساني، والثاني يوفر آليات التعامل مع الإيذاء من قبل المؤسسات الاجتماعية ووحدات الحماية الاجتماعية.
والإسلام يقدم منظومة تشريعية وأخلاقية ليس فقط في الحماية من الأذى، وإنما في بذل الندى واللطف والإحسان في صوره المادية والمعنوية كافة، ولنتأمل هذا الحوار لتوضيح ذلك نورد حديثا رواه أبو ذر رضي الله عنه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت دلني على عمل إذا عمل العبد به دخل الجنة قال: فقَالَ: «يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مَعَ الإِيمَانِ عَمَلا ؟ قَالَ: يَرْضَخُ (يعطي) مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ، قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا لا شَيْءَ لَهُ ؟ قَالَ: يَقُولُ مَعْرُوفًا بِلِسَانِهِ ، قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ عَيِيًّا لا يُبْلِغُ عَنْهُ لِسَانُهُ ؟ قَالَ: فَيُعِينُ مَغْلُوبًا، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لا قُدْرَةَ لَهُ ؟ قَالَ: فَلْيَصْنَعْ لأَخْرَقَ، قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ أَخْرَقَ ؟ قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ: مَا تُرِيدُ أَنْ تَدَعَ فِي صَاحِبِكَ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ، فَلْيَدَعِ النَّاسَ مِنْ أَذَاهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ كَلِمَةُ تَيْسِيرٍ ؟ فقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا، يُرِيدُ بِهَا مَا عِنْدَ اللَّهِ، إِلا أَخَذَتْ بِيَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ». وفي رواية: قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال: «تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك». متفق عليه.
وعلى هدي هذا التوجيه النبوي يقول يحيى بن معاذ رضي الله عنه: ليكن حظ المؤمن منك ثلاثا: (إن لم تنفعه لا تضره، وإن لم تمدحه لا تذمه، وإن لم تفرحه لا تغمه).
والأذى المنهي عنه ليس الأذى الجسدي أو المادي فحسب، بل يدخل فيه الأذى المعنوي، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتناج اثنان دون واحد، فإن ذلك يؤذي المؤمن، والله عز وجل يكره أذى المؤمن». أخرجه الترمذي.
إن استخدام الضرب في لحظات الغضب يخرج عن حد التأديب إلى حد التعذيب، وهذا ما نهى عنه الإسلام، يقول أَبُو مَسْعُودٍ الْبـــَدْرِيُّ: «كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوْطِ فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ قَالَ فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي فَقَالَ: اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللَّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ».
وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة نهى الإسلام عن ضربها دون سبب مشروع، فعنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى ذُبَابٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لاَ تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ». فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ ذَئِرْنَ (اجترأن) النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَرَخَّصَ فِى ضَرْبِهِنَّ فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ »، وهو إعلان خطير في حق الرجال الذين يفرطون في إيذاء زوجاتهم إذا ينزع عنهم الخيرية والفضل.
وإنصافا للقضية أقول: ليس بالضرورة أن يكون الرجل هو المتهم دائما بالأذى، فقد يكون للمرأة كيدها العظيم، ويكون رجلها هو الضحية { فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.