في الوقت الذي يتخلص فيه المستثمرون من أسهم الأسواق الناشئة بمعدلات لم يسبق لها مثيل، فهم يتحولون الآن بصورة متزايدة إلى الأسواق الطرفية، أو أسواق التخوم، بحثاً عن قصة النمو التالية.
خلال السنة الماضية، لم يكن هناك من صناديق البورصة التي تركز على البلدان النامية ما هو أسرع نمواً من صندوق بلاك روك iShares في مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الطرفية 100، الذي توجد أكبر مقتنياته في الكويت وقطر. اندفعت الأصول الواقعة تحت إدارة هذا الصندوق 9 مرات، لتصل إلى 594 مليون دولار، وذلك بفضل مبالغ داخلة بلغت 465 مليون دولار وعوائد بنسبة 23 في المائة. في المقابل، شهدت أبرز صناديق بلاك روك وفانجارد في بورصات الأسواق الناشئة عمليات سحب للأرصدة من قبل المستثمرين برقم قياسي مقداره 26 مليار دولار خلال تلك الفترة، وفقاً لبيانات من تجميع بلومبيرج. وقد تراجع مؤشر مورجان ستانلي لأسواق «بريك» بنسبة 4 في المائة هذا الربع، على الرغم من أن من المتوقع أن يسجل أفضل أداء اسبوعي له هذا الأسبوع.
أسواق البريك (BRIC)، وهي الأحرف الأولى من أسماء البرازيل وروسيا والهند والصين، كانت هي التي أخرجت الاقتصاد العالمي من الأزمة المالية لعام 2008، لكن في الآونة الأخيرة كان المستثمرون يفرون من أكبر الأسواق النامية في الوقت الذي أخذ النمو يتعثر فيها. مؤشر هانج سينج للشركات الصينية هو الآن في مرحلة السوق الهابطة، وعانت البرازيل من أول تخفيض لمرتبتها الائتمانية منذ عقد، وتواجه روسيا عقوبات دولية بسبب استيلائها على القرم. من جانب آخر، هناك اندفاع في أسواق الأسهم في بلدان مثل كينيا، حيث تعمل اكتشافات النفط على دفع النمو، وفي فييتنام.
في مقابلة في مقر بلومبيرج في نيويورك، قال جيم راسل، الذي يساعد في الإشراف على أصول بقيمة 115 مليار دولار في US Bank Wealth Management: يبحث الجميع عن الصين المقبلة. من رأينا أن إفريقيا يمكن أن تكون إحدى هذه المناطق. أين هو الموقع الجغرافي للنمو؟ لا بد أن يكون في الأسواق الطرفية.
ارتفاع الأسهم ثلاثة أضعاففي السنوات العشر المنتهية بعام 2007 ارتفعت قيمة الأسهم في الأسواق الناشئة 3 مرات، حيث حققت عوائد تزيد على 4 أضعاف ما حققه مؤشر ستاندارد أند بورز 500، في الوقت الذي اندفع فيه النمو بفعل الطفرة في الطلب على المواد الخام وظهور الطبقات الوسطى. وفي الفترة الأخيرة تراجعت أسهم بلدان البريك بنسبة 7.1 في المائة في السنة الماضية –مقارنة مع ارتفاع بنسبة 19 في المائة في مؤشر ستاندارد أند بورز 500– حيث أخذ المستثمرون يفقدون الثقة في آفاق نمو تلك البلدان.
في وقت مبكر من هذا الشهر دخل مؤشر إيبوفيسبا البرازيلي مرحلة السوق الهابطة، بعد أن أدى التراجع الاقتصادي إلى قيام وكالة ستاندارد أند بورز بتخفيض المرتبة الائتمانية للبرازيل إلى أدنى مرتبة في السندات الاستثمارية. وفي حين أن الرئيسة ديلما روسيف حاولت تعزيز النمو الاقتصادي من خلال التخفيضات الضريبية والقروض المدعومة من البنوك التي تديرها الدولة، إلا أن المحللين الذي استطلع البنك المركزي آراءهم يرون أن النمو سيتباطأ إلى 1.7 في المائة فقط لهذا العام، بعد أن كان 7.6 في المائة في عام 2010.
نقل المستثمرون 81.2 مليون دولار إلى صناديق أسهم الأسواق الناشئة، الموجودة في الولايات المتحدة، على مدى الأيام الخمسة الماضية، وهو ما أدى إلى تقليص الأموال الخارجة على مدى السنة الماضية إلى 21.6 مليار دولار، وفقاً لبيانات من تجميع بلومبيرج. وفي 26 مارس أضيف مبلغ 144 مليون دولار إلى أبرز صناديق الأسواق الناشئة في شركة بلاك روك، وهو أول يوم يشهد تدفقاً داخلاً منذ أكتوبر. وقد ارتفع مؤشر مورجان ستانلي لأسواق بلدان بريك بنسبة 5.5 في المائة هذا الأسبوع، في حين ارتفع مؤشر إيبوفيسبا البرازيلي بنسبة 5.7 في المائة.
قال سام فيكت، مدير صندوق الأسواق الناشئة في أوروبا، ومقره لندن، في تعليق بالبريد الإلكتروني: «لعدة سنوات كنا نميل نسبياً إلى أن السوق ستكون هابطة في الأسواق الناشئة بصورة عامة وفي تركيا بصورة خاصة، لكن في الأشهر القليلة الماضية أخذنا نميل إلى أن السوق ستكون صاعدة. وأضاف أن المستثمرين الذين يخرجون الآن من الأسواق الناشئة يخاطرون بتكرار أخطاء الفترة 2009 حتى 2011، حيث تأخر كثير منهم فوق اللازم في المشاركة في الأرباح الكبيرة».
الكويت وقطريستثمر صندوق بلاك روك للأسواق الطرفية ما يزيد قليلاً على نصف أصوله في أوراق مالية من الكويت وقطر ودولة الإمارات. ولديه أيضاً حصص في عدد من الشركات من نيجيريا والأرجنتين وكينيا وفييتنام، وهي من بين أكبر مقتنياته.
ارتفع هذا الصندوق، الذي يجري تداوله في البورصة، بنسبة 7.1 في المائة هذا العام، مقارنة بارتفاع بلغ 0.7 في المائة في مؤشر ستاندارد أند بورز 500 وتراجع بنسبة 1.6 في المائة في مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة.
يقوم مديرو الأصول بشراء الأسهم في شركات البلدان الطرفية، حيث إنهم يسعون لتخفيف المخاطر من خلال الاستثمار في أوراق مالية لا تتحرك خطوة بخطوة مع الأسهم العالمية، وفقاً لما يقوله ديفد ويكهام، وهو كبير المتخصصين في المنتجات في قسم «إدارة الأصول العالمية» في بنك إتش إس بي سي، الذي يشرف على إدارة أصول بقيمة 427.8 مليار دولار.
يوجد مُعامِل ارتباط بنسبة 0.63 على مدى 5 سنوات بين مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة الطرفية وبين المقياس المرجعي للأسهم الأمريكية، مقارنة بمُعامِل ارتباط يبلغ 0.76 مع مورجان ستانلي للأسواق الناشئة، وفقاً لبيانات من تجميع بلومبيرج. يشار إلى أنه حين يكون مُعامِل الارتباط عند الرقم 1 فإنه يشير إلى المؤشرين يسيران جنباً إلى جنب من حيث الارتفاع والهبوط.
في مقابلة هاتفية قال كريستوفر وولف، كبير الإداريين الاستثماريين في قسم المصرفية والاستثمارات الخاصة التابع لبانك أوف أمريكا ميريل لينتش: «البلدان التي يطلق عليها تقليدياً على أنها من الأسواق الناشئة تعاني من تغيرات كبيرة طويلة الأمد، وقد استجاب المستثمرون لهذا بإعادة تخصيص محافظهم». يشار إلى أن ميريل لينتش يتولى إدارة أصول مقدارها 1.9 تريليون دولار من أرصدة العملاء. وأضاف وولف: «ربما تكون الأسواق الطرفية الآن في الموقع الذي كانت فيه الأسواق الناشئة في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينيات. نحن في الواقع ننظر الآن إلى نطاق زمني للفترة المقبلة يتراوح ما بين 10 سنوات إلى 15 سنة».