في حوار لـ «آفاق الشريعة» مع أ.د. عبدالحميد أبو سليمان ـ حول أوضاع الأمة الإسلامية وأسباب تراجعها وابتعادها عن المنهجية الإسلامية، والغزو الفكري، وغيرها من المواضيع التي أجاب عنها بكل شفافية، وأشار إلى أهمية إصلاح التعليم والإعلام والابتعاد عن التقليد الأعمى للغرب وتخليد أفكارهم حتى تعود الحضارة الإسلامية لسابق عهدها ـ فإلى الحوار :
الشرق الأوسط - مادور المعهد العالمي للفكر الإسلامي في منطقة الشرق الأوسط ؟
المعهد العالمي للفكر الإسلامي مؤسسة علمية تأسست في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1981م على يد عدد من المسلمين الذين درسوا وأقاموا في الولايات المتحدة الأمريكية، منهم محدثكم، والمعهد له الآن 18 فرعاً على مستوى العالم، في بريطانيا وباريس وماليزيا وتركيا ومصر والسودان والأردن والمغرب وغيرها من الدول.
ويمنح المعهد درجة الماجستير في الفكر الإسلامي المعاصر بالتعاون مع الجامعة الإسلامية في لبنان، وجامعة اليرموك بالأردن، بالإضافة إلى درجة الماجستير في التربية بالتعاون مع جامعة المغرب، والآن في مصر يوجد تعاون مع وزارة الأوقاف والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لعمل دورات تدريبية تربوية لتوجيه الأسرة، وبرامج دبلومات مدتها عام كامل للدعاة، ونقوم بإعداد دبلوم التربية للآباء والأمهات مدتها ثلاثة أشهر.
الشريعة في الإعلام العربي- ما دور الإعلام في تطبيق المنهجية الإسلامية في الدول العربية ؟
فاقد الشيء لا يعطيه، مازلنا لم نهتم بالإعلام والتعليم، ولذلك أصبح الإعلام ليس له قيمة ولا معنى، بل ترفيهي من نوع ساقط؛ فالأخبار تُذاع لمصالح وليس لمصلحة الأمة الإسلامية، ولا بد من وجود مؤسسة إعلامية مثل BBC وأكبر منها في المؤسسات الإسلامية، مهمتها تعريف الناس بمصالحهم، فهذا لم يعد دور الإعلام الخاص والحكومي فقط، وهناك بعض الأدبيات الساقطة التي تعرض بغرض إثارة الشباب وإقباله على المشاهدات، لذا نحن بحاجة لإصلاح التعليم والإعلام والتربية حتى نصلح كافة الأمور .
كذلك أسواق المال؛ إسرائيل تسيطر على الولايات المتحدة ودول أوروبا، فغير منطقي أن يحكم عشرون مليوناً أسواق المال بالعالم كله، بسبب السيطرة على التعليم العالي والإعلام وأسواق المال، وليس كل هذا بالعمل بل بالتزيف استطاع الصهيوني أن يسرق أموال العالم الإسلامي في أيام معدودة، ولذا فهو يستطيع شراء كل السياسيين بالولايات المتحدة، ولن يصل أحد للحكم إلا بدعم من صهيوني، ولذلك يقومون باختيار أسوأ شخصية لتكون رئيساً للولايات المتحدة لتخدم مخططاتهم، فأكرر إذا لم نصلح التعليم والإعلام والاقتصاد وسياسته فلن نستطيع مواجهتهم .
الغزو الفكري- كيف نواجه الغزو الفكري ؟
لا يترك ذئب شاة، عندما انهارت الحضارة الإسلامية أصبح الغرب أقوى وافترسوا العالم الإسلامي بالغزو العسكري، وكانوا لا يستطيعون هزيمة المسلمين بسبب الفكر الجيد، لكن الآن لدينا فكر مشوّه، حيث أصبحنا نخلد أفكارهم ونقلدها، علما بأنه لا يتفق مع رؤيتنا الإسلامية، وأصبحنا في حالة ضعف يسمح بالغزو الفكري، وبدأنا نخلد علوم الغرب ليس في الحقائق العلمية، وفي نفس الوقت غير متحمسين لهذه الأفكار، فأصبحنا في حالة ضياع، وعلينا أن نفهم ديننا ورسالة الإسلام، ونصلح تعليمنا، ونصلح تربية أبنائنا، وإلا فسنبقى في هذه الحالة وسوف نعاني أكثر .
تراجع العالم الإسلامي - ما أسباب ابتعاد العالم الإسلامي عن المنهجية الإسلامية ؟
سبب التراجع في العالم الإسلامي هو اتباع المنهجية الغربية والابتعاد عن الإسلامية، لأن كل منهجية تقوم على رؤية كونية على أساسها تختار الأدوات، فرؤية الغرب هي الجانب الآخر من الرؤية الإسلامية، ولو لم نسترد رؤيتنا الكونية، ونرى الأدوات اللازمة لتفعيلها، فستقوم أي جهة للخروج بالأمة من واقعها، والأمة الإسلامية الآن لم تصبح أمة بل أفرادا، بينما من المفترض أن تقوم على تناصف الأحوال، أما بالنسبة للوضع الآن فقد أصبح هناك أنانية شديدة، وما نفهمه عن الإسلام اليوم لا علاقة له بالإسلام، وقد يكون ضد الإسلام .
تقدم الغرب-ما أسباب تقدم الغرب على الدول الإسلامية ؟
التقدم في الغرب يرجع إلى الإتقان في العمل والبحث الدائم، والإنتاج العلمي الذي يقدمه الغرب هو إسهام هائل استفاد منه العالم الإسلامي، لكن الإشكالية تكمن في التوظيف، فيجب الفصل بين الإنتاج العلمي وتوظيفه .
ولمعالجة هذا التراجع في العالم الإسلامي يجب العودة إلى الرؤية الكونية الحضارية القرآنية، ومعرفة الأصول، وأن نسأل أنفسنا: من نحن؟ لماذا نحن موجودون؟ ما هي هويتنا ورؤيتنا ؟.