إلى السيدة الفلسفة:
- لماذا لا تمرين بربوعنا؟ ماذا يروعك منها؟ لماذا تتدفق أنهارك غربا وشرقا وسحابك يروي كل بلدان العالم، حتى إذا لاحت لك أرضنا وقفت، وكفت أنهارك عن التدفق وسحابك عن الانهمار؟ لقد سبق أن أتيت إلى أرضنا على قدم واحدة من أرض وثنية.. فلماذا وقد أصبحت الأرض كلها أرضا (علمية) خارج كل التقسيمات أشحت بوجهك الجميل عنا؟ لماذا يا أم العلوم؟
- لأني -كما قيل عني- ابدع المفاهيم وأسمح للفكر أن ينقدها حتى الزوال.. وأرضكم تتمتع بغابة من المفاهيم الثابتة والرافلة بحلل الماضي المجيد، وأنتم تكبلون الفكر.. بل تصبون العمى في عينيه حتى لا يرى واديا معشبا يسمى النقد، فأحس حين أقترب من دياركم برعدة جامحة من الرعب تملأ جوانحي فألوذ بالفرار.نعم، هذا صحيح، ولكن لي محبين مثلك يتشبثون بصداقتيإلى السيد الشعر:
- يقولون: إن بينك وبين العلم عداوة متناقضين، فكلما احتل العالم ساحة ذهنية أصبت بالذعر وانطويت على جمرك.. وأنا من الرافضين لهذه المقولة.. فأنت فيض وجداني لا يوقفه أي سد.
كان الناس في الماضي ليس أمامهم للتعبير عن أنفسهم ومطامحهم إلا أنت، فيأتونك من كل فج عميق، أما الآن فقد تعددت الآفاق وانفتحت الأبواب العلمية والفكرية والترفيهية، فتعددت الاختيارات.. وهذا صحيح ولكنك ما زلت شابا، وقد سقى شجرتك بالماء شعراء سابقون في حديقتنا الشعرية، منهم: محمد الثبيتي، علي الدميني، عبدالله الصيخان، غيداء المنفى، علي الفرج، جاسم الصحيح، وعبدالوهاب ابوزيد وآخرون وأخريات، وها هو جيل نابض يثري أرضك بالأغصان كما قال الشاعر الناقد محمد الحرز في مقال متفائل عن الجديد.. فهل تشعر بذلك؟
- نعم، أشعر به، وأنا مطمئن الى أن العلم من يستطيع احتلال أرضي كلها ما دام هناك في الإنسان نبع يسمى الوجدان.
إلى السيد الكتاب:
- كان الناس في الماضي يفرشون طريقك بالرياحين، وتنثر عليك معلقات المديح ولكن (المطبعة) قضت على (الوراقين) الذين كانوا يقدمونك للناس، ويشعلون في طريقك شموع القداسة.. ولكن ما هي حالك الآن؟ إني أرى عرشك يتهاوى فقد جاء الشيخ "جوجل" زاحفا بخيول لم تخطر بخيالك يوما وبسيوف مرهفة غير مرئية تسير إلى عنقك بسرعة الضوء.
- نعم، هذا صحيح، ولكن لي محبين مثلك يتشبثون بصداقتي.. ولكن السؤال: هل سيبقون؟