مع كثرة التحويلات التي نعيشها ونصبح ونمسي عليها كل يوم وكل لحظة وخاصة في مدينة كبيرة كالدمام، أفكر ألف مرة قبل أن أنوي الذهاب لأي مشوار، فمثلا حين أتجه إلى الجامعيين أو الفيصلية أو المزروعية وغيرها، أحسب ألف حساب للزحام المتوقع فأفكر في أقرب الطرق وأقلها ازدحاما وقد يكون من المستحيل أن أجد طريقا يتصف بهاتين الصفتين، الأقرب والأقل ازدحاما، وهنا تبدأ الحيرة والمفاضلة، فيحضر كوب الشاهي من أجل تفكير عميق متزن، ولا تستغربوا اطلاقا، فإنه لا يمنع أن أتصل بأخ أو صديق وأسأله عن أفضل طريق يشتمل على هذين الشرطين.قد يظن البعض أني أكتب هذا من أجل الضحك أو من أجل ملء فراغ صفحة هذا المقال حتى أن احدهم سخر مني مرة وهو يقول (يعني تبي احداثيات؟ أنت بالبر يا أخ ؟)، صحيح البر أرحم من المدينة وتحويلاتها، على الأقل في البر سيارتك تسير ولا تتوقف، وفي أي اتجاه كما تريد وكما تشاء، ولا يضايقك أحد ولا يزعجك، أما في المدينة فالعكس تماما كل شيء يضايقك، الزحام والسرعة والقيادة السيئة والشوارع الأسوأ، كل هذا كوم وتعكير المزاج كوم آخر، فقد اكتشفت أن الشوارع لدينا عامل مهم من عوامل زيادة مكاسب المستشفيات والصيدليات، فهناك علاقة طردية في غاية الاهمية، فكلما ازدادت الطرق سوءا زاد ارتفاع ضغط الناس، وبالتوالي تزداد مراجعتهم للمستشفيات وكثرة الادوية من الصيدليات.
العجيب الغريب انه حتى أقرب الأماكن أصبحت تحتاج إلى تفكير في أفضل طريق يحتوي على تلك الصفتين اللتين ذكرتهما سابقا.
فمثلا حينما اتجه من منزلي الى عملي كنت خلال سنوات مضت اسلك طريقا واحدا ولكني غيرته قبل 6 أشهر بعد ان رفع ضغطي هو الآخر، على الرغم من أن الطريق الجديد أطول من السابق بمرتين أو ثلاث ولكنه أقل ازدحاما، والأهم أنني لا أتوقف فيه، فأنا من النوع الذي يهمه المسير وعدم التوقف حتى لو كان ذلك على حساب المسافة فلا مشكلة لدي.
ولكن للأسف غالبا ما يقع عكس ما طلبته حينما أجد الطريق بعيد المسافة مزدحما، الغريب العجيب أنني دائما أبتكر طرقا جديدة ولا أخبر بها أحدا حتى أنعم بها وحدي، ومع ذلك بعد فترة أكتشف ان الناس اكتشفوها وأصبحت مزدحمة حتى شككت أنهم يراقبونني ويسلكون نفس طريقي.
قد يظن البعض أني اكتب هذا من اجل الضحك او من أجل ملء فراغ صفحة هذا المقال، ولكني أجزم أن من يقول ذلك ليس ممن يستيقظون الساعة السادسة صباحا و«ينلطع» عند الاشارة الواحدة مرتين وثلاث في موجة الجيوش الزاحفة إلى المدارس من كل حدب وصوب.
طريقي من المنزل إلى العمل يستغرق في النهار ما يقارب 36 دقيقة بالضبط والتمام والكمال، أما لو سلكته في المساء فإن الوقت يقل ليصبح 14 دقيقة! هل لاحظتم الفرق، اني أمضي في الصباح ما يقارب 20 دقيقة واقفا، منتظرا، «منلطعا» عند اشارة واحدة أصبحت كالشوكة في حلقي، فبعد ان نجحت في تخطي كل الاشارات التي كانت عقبة في طريقي وتحايلت عليها بطرق أخرى وجدت ان هذه الاشارة التعيسة ليس لها حل عندي حتى الآن، رغم ما تأخذه مني من وقت وجهد واضطراب وقتل لصباحي الجميل، فهي أطول إشارة في التاريخ كما سماها أحد المارّة في إحداثيات برنامج انستغرام، تلك إشارة كوبري طريق الدمام الخبر السريع مع القشلة والتي تعتبر شريانا مهما للناس، غير ان الامر غير مهم أبدا لدى المسؤولين.
وبإذن الله ألقاكم السبت المقبل، في أمان الله.