لا يخفى على أحدكم أن الفترة التي نعيشها الآن هي فترة ازدهار الإنترنت والتواصل الاجتماعي الإلكتروني، أحيانًا نشعر بأن التكنولوجيا هي التي فرقتنا، ويستخدمها البعض لحيائه وعدم استطاعته الحديث مع الناس، وأحيانًا لفقده الثقة بالمجتمع. وفضل استخدام المنتديات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي تويتر والفيسبوك حتى ظهرت أجهزة الاتصال الذكية بكافة أنواعها، غير مبالٍ بأضرارها وتبعاتها، فما رأيكم في الحال الذي وصلنا إليه مع الأجهزة الذكية وأثرها على العلاقات الاجتماعية والأسرية؟
إيجابيات وسلبيات يقول الدكتور ممدوح الدوسري: في السابق كانت المعلومة تأتي للأب قبل الابن، أما في وقتنا الحاضر فتأتي المعلومة للابن قبل والده، والسبب الأجهزة الذكية والتواصل من خلالها، ولو أردت معرفة وإحصاء ايجابيات وسلبيات تلك الأجهزة والتحدث عنها لوجدناها كثيرة من كلا الجانبين، حيث إنّ الكأس إذا وضعت فيه الحلال فهو حلال، وإذا وضعت فيه الحرام أصبح حرامًا، هذا الأمر ينطبق أيضًا على الأجهزة الذكية فإذا استخدمت بطريقة صحيحة أصبحت مفيدة للمستخدم، والإفادة مبنية على كل شيء يحيط بالإنسان، ولو تساءلنا في البداية ما الإفادة الجسدية؟ والمضار من التقنية؟
من الناحية الايجابية للأجهزة الذكية التواصل مع الأهل والأقارب، ولكن بضوابط تجنبنا من الوقوع في الجوانب السلبية، ونحرص جدًا على تجاوزها، والأجهزة لها أبواب كثيرة وسأتحدث من جانب الأسرة، في بعض الأحيان أجلس مع أبنائي وأنشغل بجهازي، وللأسف الشديد صار هذا مدخلاً من مداخل الشيطان، وهذا عنصر سلبي أساسي؛ لأنه يفرق الأسرة، ولا توجد ضوابط، فمن المفترض ألا يظل رب الأسرة وقتًا طويلًا على الجهاز، من الناحية الجسدية من الممكن أن يؤثر هذا الأمر سلبيًا على خلايا المخ والعين، سواء كان الجهاز هاتفًا جوالًا أو التلفزيون وما شابه ذلك؛ لأن مدة التركيز لأكثر من خمس وأربعين دقيقة، وفي الأبحاث الجديدة يقال عشرون دقيقة متصلة يبدأ المخ في التشتت.
ومن السلبيات أيضًا ربما يمر عليك شيء غير صحيح وتقع فيه، وربما يسبب الاستخدام الطويل ضعفاً في الذاكرة، وضعفاً في النظر، ولا ننسى الشعاع الخارج من الجهاز وله آثار سيئة.
والأهم من هذا كله التواصل الروحي المفقود بين الشخص وأهله، وهذا الأمر من ضمن المشاكل التي تردنا بالمركز، يقول لي أحد الآباء: أجلس مع زوجتي وأبنائي وكل منهم عيناه على الجهاز، فقلت لهم: يا أبنائي ضعوا منكّس الرؤوس من أيديكم أريد أن أتحدث معكم، وهؤلاء الأبناء افتقدوا التواصل الخارجي فاستبدلوه بالأجهزة الذكية وهي من مسببات الاكتئاب.
التفكك الأسريآفاق الشريعة: ما مدى انتشار برنامج الواتساب والفيس بوك بين الشباب؟ويجيب على هذا التساؤل طلال المعيد، وقال: انتشار برنامج الواتساب والفيس بوك ملحوظ، وانتشر بشكل سريع جدًا، حتى إنك ترى الأطفال بعمر الثلاث سنوات يمسك الجهاز ويفتح البرامج رغم أنه لم يدرس ولم يتعلم، وقد أصبحت ظاهرة خطيرة تؤدي إلى التفكك الأسري بعض الأحيان، والبعد عن الإحساس بالآخرين، وتجد الوالدين في المنزل جسداً بلا روح، ومن وجهة نظري توجد سلبيات في تلك الأجهزة وتحتاج لرقابة شديدة، وعلى المربين أن يكونوا على اطلاع كامل بما تحويه هواتف أبنائهم من رسائل وصور وأرقام؛ ليطلعوا على ما فيها بين الفينة والأخرى؛ نُصحًا لهم، ورحمة بهم، وليكونوا على علم برمز القفل لأجهزتهم؛ لأن خلف هذه الأقفال في أحيان كثيرة ما لا يخطُر على البال.
التواصل اللفظي آفاق الشريعة: وهل تطور التكنولوجيا أمر سلبي أدى إلى ضعف العلاقات الأسرية؟بداية أكد محمد عسيري على ما ذكره الدكتور ممدوح، وأضاف: حتى برامج التواصل الاجتماعي لها سلبياتها وايجابياتها، واستخدامها يعتمد على الشخص نفسه، هو الذي يحدد السلبية أو الايجابية فمتى ما استخدمت بالطريقة الصحيحة سواء في الدين أو كافة المجالات التعليمية والرياضية، بالإمكان الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير في نشر العلم، وبالإمكان استخدامها بشكل سلبي أو شكل ايجابي؛ وللأسف أكثر الاستخدام الموجود سلبي وبشكل ملحوظ جدًا.
ثانيًا إجابة على السؤال: بالنسبة لأثرها على العلاقات الاجتماعية واضح بشكل كبير جدًا سواء داخل الأسرة أو المجتمع، أصبح الناس يكتفون في وقتنا الحالي بالرسائل في التواصل اليومي والعلاقات العائلية والأسرية وبعض الأمور، وحتى في أبسط العواطف تركنا التواصل اللفظي وأصبح عن طريق الرسائل فقط؛ وهذا يؤثر بشكل كبير، في الحقيقة حولنا أنفسنا إلى ناقل عواطف دون أن نشعر بها وبإحساس الأبناء والرجل وزوجته، بل أصبح البعض مجرد نسخ ولصق، لا يشغل نفسه بأن يعبر عن مشاعره الداخلية مع الآخرين، فالمجتمع والناس أشغلوا أنفسهم باستخدامها فقط للرسائل دون التواصل اللفظي رغم أنه الأعمق والأفضل من جميع وسائل الأجهزة الذكية.
دراسة أمريكية فاروق: هل من دراسة ونسب توضح مدى تأثير الهواتف الذكية على الفرد والمجتمع؟يجيب خالد القرشي بقوله: يوجد لدي دراسة لفريق بحث أمريكي من جامعة بني بريك هاند تقول: إن قضاء وقت كثير على الأجهزة يسبب احتمالية اصابة 50 % من الموت المبكر، وهذه نسبة مرتفعة جدًا.
بالإضافة إلى أن كثرة استعمال الأجهزة تؤدي إلى ضعف العلاقة الاجتماعية، وخلق الاكتئاب بنسبة 75 %، وانفصام في الشخصية بنسبة 25 %، والتوحد بنسبة 85 %، وهذه النسب والإحصائيات حسب الدراسة التي أجراها الفريق الأمريكي والمعتمدة من الجامعة البريطانية.
الشائعات والمبالغة وفي نفس السياق يضيف أحمد مدخلي أن أهم السلبيات أيضًا غياب الرقابة، وعدم شعور البعض بالمسؤولية، وكثرة الشائعات والمبالغة في نقل بعض الأحداث، وأيضًا بعض النقاشات التي تبتعد عن الاحترام وإضاعة الوقت دون فائدة، وظهور لغة جديدة في الآونة الأخيرة بين الشباب والشابات تجمع العربية والإنجليزية وهي ماتسمى (إنجليزي معرّب)، وهذه اللغة قد تؤدي لضعف لغتنا العربية.
الوضع الصامت فاروق: ما المواقف المؤثرة التي تحضركم وتتعلق بالأجهزة الذكية؟يقول عبدالله العتيبي: المواقف التي ألاحظها كثيرة لاسيما في المجمعات التجارية، حيث إن أكثر الناس يمشون ورؤوسهم للأسفل، وذلك بسبب انشغالهم بمراسلات الأجهزة الذكية، ونفس المشكلة نعاني منها في المجالس، فمعظم الناس منشغلون بجوالاتهم، حتى أن ميزة الوضع الصامت تحولت من الأجهزة إلى الناس، وأخطر من ذلك استخدامها أثناء قيادة السيارات مما يسبب حوادث، ونصيحتي هنا عدم منح الثقة بشكل مطلق للشاب أو الفتاة، وبالذات في المرحلة العمرية فئة الشباب والتي قد يستخدمها البعض منهم بشكل سلبي بل لا بد من وضع حدود، فلا ضرر ولا ضرار؛ والتقنين وتنظيم الوقت وحسن توزيعه دون أن يغلب الوقت الذي يخصص لاستهلاك ما تطرحه هذه الوسائل على حساب الواجبات والالتزامات الأخرى.
خطبة الجمعة والدردشةويؤكد معاذ حلاوني على ما ذكره الجميع، ويقول: هناك مواقف كثيرة وبحكم أنني إمام وخطيب مسجد أرى في كل صلاة جمعة وقت الخطبة بعض الإخوة من المصلين وفي أيديهم الهاتف الجوال يتواصلون ويكتبون رسائل ويدردشون، وأمثال هؤلاء يعتبر وجودهم بالجسد بلا روح، بالإضافة إلى أن هذا لا يليق؛ إذ إننا مأمورون بسماع الخطبة، وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من مسّ الحصى قد لغى)، نسأل الله السلامة والعافية؛ والقصص والمواقف على ذلك كثيرة ولا تخفى على الجميع، فمن المعروف أن ديننا الحنيف حثنا على الآداب والأخلاق الحميدة؛ حيث نظم آداب التعامل مع الغير، وكيفية تناول الطعام، والمشي في الأسواق وغيرها، ومع تطور الزمن ظهر الكثير من الأمور الجديدة مثل الأجهزة الذكية التي لم تكن موجودة عند القدماء وجاءت في عصرنا، فلابد من أن تكتب لها قواعد، وآداب، كما فعل القدماء في تنظيم وترتيب أمورهم وأولياتهم، وفي عصرنا لايكاد شخص إلا ويستخدم الجوال في يومه، ولكن استخدام الشيء بلا قيود ينتج عنه الكثير من الفوضى.
الصاحب ساحبويعود للحديث الدكتور ممدوح الدوسري، وأضاف: يوجد مثل عامي لدينا نردده أحيانًا وهو (الصاحب ساحب) والوضع الآن تغيّر؛ حيث أصبح الجهاز هو الذي يسحب ويدمر، حتى إنه يجعل الشخص يبتعد عن ذكر الله وعبادته للأسف الشديد، وقد جاءني شخص ممن أعرفه بصلاحه، وقال: ابني وقع في مشاهدة مناظر لا أستطيع ذكرها وكنت أريد قتله في وقتها، مع أنه من حفظة القرآن ولكن بسبب الضعف الأسري انجرّ الولد لتلك المناظر، وأخذوه لدار الأحداث، وعند ذهابي لزيارته وقابلته فلم يستطع رفع رأسه في وجهي، عندما قلت له: أنت يا حافظ القرآن وصلت إلى هذه الدرجة من الانحطاط مع نفسك؟ فقال: هي غلطة مواقع التواصل الاجتماعي والتعارف أوصلتني إلى ما أنا فيه.
إدمان تويتر ويضيف خالد القرشي دراسة أخرى بخصوص مواقع التواصل الاجتماعي، ويقول: لدي دراسة أخرى تقول: إن الإقلاع عن إدمان التويتر أصعب من الإقلاع عن الخمر عند مدمنيه، يعني من ابتلي بالتويتر صعب عليه تركه، ونحن لا نتدارك هذه الأمور ولا نعطيها أهمية على كبر حجمها.
أضرار وحلول وحول الاضرار والحلول يقول عبدالله القحطاني: بالنسبة لاستخدام الأجهزة في البداية لا بد أن نتيقن أن لها أضرارًا، ثم يجب وضع الحلول وتطبيقها.
وأرى أن هناك بعض الطرق المفيدة مثل : إغلاق الأجهزة أثناء التواجد مع الأسرة، والحرص على ان يكون جميع المتواجدين يشاركون نفس الفكرة، وأن يحدد ربّ الأسرة وقتًا مناسبًا وكافيًا للجلوس مع العائلة لتبادل الأحاديث والنقاش وتفعيل لغة الحوار، والتفاهم بين الآباء والأبناء يقلل بشكل كبير من تأثير المحيط الخارجي عليهم، بالإضافة إلى إيجاد خطوط عريضة داخل الأسرة يكون كل أفرادها على بينة بها؛ حنى يتم الالتزام بالمتفق عليه.
سوء الاستخدام والتوعيةآفاق الشريعة: هل ساهمت برامج التواصل الاجتماعي في ضعف العلاقات الاجتماعية؟يجيب على هذا التساؤل مزيد الشمري، وقال: مَنَّ الله علينا بالتواصل الاجتماعي عبر أجهزة الجوالات بأنواعها، وهي نعمة من نعم الله -عزّ وجل-، حتى إن كثيراً من المدرسين يتواصلون عبرها مع الطلاب بالواجبات والملاحظات والمعلومات، والمشكلة تكمن في سوء الاستخدام والتوعية عند الشباب، حتى إن استخدامهم للأجهزة الذكية عكس الجانب السلبي، وحصلت كثير من حوادث السيارات فـ50 % من الحوادث سببها استخدام الجوال أثناء القيادة، نعم؛ لها ايجابيات خصوصًا بين الطلاب، ولكن يوجد بعض النقاط التي يجب علينا نحن المدرسين أن ننوه وننبه عليها.
تداول المعلومات وأضاف ماجد الداوود أن تطور التكنولوجيا في برامج التواصل الاجتماعي قوي جدًا، وأصبح على أشكال مختلفة منها: البريد الالكتروني وتطبيق الواتساب ومواقع التواصل الاجتماعي تويتر وكذلك الفيسبوك، وهناك مثلًا مجموعات عائلية وشبابية وثقافية وعملية يتم تنظيمها عبر برنامج الواتساب، وأصبح تداول المعلومات يتم خلال ثوانٍ، وساهمت في زيادة الثقافة عند بعض الأسر وهذه من الآثار الايجابية، ولو كان هناك أي سلوك خاطئ فإنه يحتاج إلى توجيه وتوعية فقط؛ وهذا يدل على أن التقنيات الموجودة نستطيع أن نجعل لها هدفًا تربويًا هادفًا وراقيًا بثقافات متعددة.
ولا يخفى على الجميع أن التقنيات سلاح ذو حدين سواء عندنا في المملكة العربية السعودية أو دول الخليج العربي والعالم أجمع، وأذكر قصة حصلت في إحدى المجموعات، حيث ذكر أحد الزملاء فكرة معينة مخالفة للشريعة، فرد عليه زميل آخر، وقال هذا لا يجوز وهو من البدع، وكان من ضمن المتواجدين أحد المتخصصين في الشريعة الإسلامية، فقال: لأول مرة أسمع بهذه الفكرة وذكر بعض الأدلة والأحاديث حتى زاد العلم والثقافة والقناعة في هذا الموضوع.
السيطرة على النفسآفاق الشريعة: الساعات الطويلة في الجلوس على الأجهزة والمواقع الاجتماعية كيف نحدّ منها ومن زيادتها أو إدمانها؟يقول عبدالله القحطاني: لكي نحدّ من الاستخدام الطويل لأجهزة ومواقع التواصل الاجتماعي لا بد أولًا كما ذكرت سابقًا أن نؤمن بأن لها أضرارًا، والسبب أن يوقن الإنسان إذا علم بضرر في أمر ما؛ بدأ يبحث عن الحلول، ثم ينبغي أن نضع طرقًا للسيطرة على أنفسنا، ولنفترض أن ربّ الأسرة جعل وقتًا ما بين المغرب والعشاء للجلوس مع أسرته، بعضهم للأسف بمجرد أن توصله رسالة يبدأ بنسيان نفسه ومن معه، وحل هذه المشكلة ذكرته وهو إغلاق الجهاز أو التقليل من استخدامه في المشاركات والردود وتقليص ذلك، وأضرب مثالًا في مجموعات برنامج الواتساب، حيث يبدأ نقاش حول موضوع معين، فيبدأ الشخص بالمتابعة وينشغل بالردود وقد يكون الموضوع لا ينفع وفائدة منه، ومضيعة للوقت.
وأؤكد على أهمية أن يكون جميع أفراد العائلة أو من حول الشخص مشاركين في نفس الفكرة، فمن المستحيل أن يبدأ الإنسان وحده والجميع في عالم آخر، وأخيراً على ربّ الأسرة ألا يسمح لأبنائه باستخدام أجهزة الإنترنت لفترات طويلة، وينظم ذلك بقوانين وأوقات معينة.
آراء الطلاب آفاق الشريعة: ما الأمور التي تستفيدونها من الأجهزة الذكية؟سعد القحطاني: من إيجابياتها التواصل الاجتماعي، وتساعدنا لمعرفة الأخبار وتسلينا في أوقات الفراغ، وهي وسيلة للتواصل مع الأصدقاء بعد الدراسة.
حسين فؤاد: من الإيجابيات العثور على الشخص المطلوب بأسرع وقت، وسرعة الانتهاء من الأعمال في الشركات والمؤسسات، أما بالنسبة للسلبيات أولًا إضاعة الوقت بإفراط ، واستخدامها لنشر صور ومقاطع فيديو مخلة بالآداب والشريعة.
مشاري بورشيد: من إيجابيات التقنية الاستفادة منها مثلًا في التواصل مع المعلم لنقل المعلومات للطالب في أسرع وقت ممكن.
مطلق المطلق: يوجد فوائد متعددة، منها: إمكانية تواصل الأهالي مع أبنائهم المبتعثين للدراسة في الخارج، والاطمئنان على الطالب عند غيابه وإيصال المعلومات والواجبات له بطريقة سهلة وميسرة.
عبدالرحمن الثنيان: هناك بعض البرامج تبدو أنها تساعد الإنسان، وفي الحقيقة هي تصيب بأمراض نفسية كالتوحد والاكتئاب، وبعضها جيد كالواتساب؛ لأنه يساعد على التواصل مع الأهل والأصدقاء والأقارب.
صحة المعلومة وتعليقًا على آراء الطلاب يقول وليد الشروان بعد تأكيده على كلام من سبقوه من المختصين والمعلمين، وقال: التكنولوجيا الآن وفرت كثيراً من الوقت على الطلاب فبإمكانهم الحصول على المعلومة في ثوان ، أما قديمًا فكنا إذا أردنا المعلومة نذهب إلى المكتبة ونبحث عن الكتب والفهارس، وباختصار كانت العملية متعبة جدًا، ونحن الآن لا ننكر أننا نعيش في وقت التكنولوجيا وعصر السرعة ولا نستطيع أن نفصل أبناءنا أو أنفسنا من هذا العصر، ويجب أن نتماشى معه بشكل إيجابي وليس سلبيًا، وأنصح الطلاب فقط بالتأكد من المعلومات التي يحصلون عليها قبل نشرها أو تخزينها في بنك معلوماتهم.
آفاق الشريعة: ما مدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الشباب من الناحية الدينية؟يجيب على التساؤل الشيخ عاكف الدوسري، ويقول: التقنية الحديثة كما ذكر الإخوة سلاح ذو حدين، مثلما لها سلبيات فبالتأكيد لها إيجابيات، فالبرامج مثل الواتساب له تأثير سلبي على الشباب من الناحية الدينية؛ حيث يسبب استخدامه مشاكل ومواقف مع الآخرين، ويشغل عن أداء الفرائض أو التقصير فيها، والغيبة والنميمة بالحديث عن الآخرين والاستهزاء بهم دون علمهم، ثم التصوير والنشر، إضافة إلى تبادل مقاطع الفيديو والصور غير اللائقة، وعدم التأكد من صحة ودقة أي رسالة ومعلومة دينية وغيرها، والتخلي عن بعض القيم كالصدق والأمانة.
ويجب على الآباء والمربين أن يقوموا بتربية الأبناء على الحياء من الله ومراقبته، وتنمية الوازع الديني، وتوعيتهم بالمخاطر المترتبة على سوء الاستخدام في التقنيات المعاصرة؛ حتى لا ينزلقوا في مزالق الشهوة الوخيمة.
وصرف طاقتنا وبذل جهدنا في تسخير هذه التقنية للدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ فإن لها ثمارًا يانعة، وأجرًا -بإذن الله- باقيًا.
حلول وتوصيات الأثر النفسي ويعلق الدكتور ممدوح الدوسري على كلام الشروان: لا شك أن هذه البرامج تعطينا معلومات، ولكن بعض الأحيان الإغراء في الحصول على المعلومات يؤدي إلى أمر عكسي، وكما ذكرت الدراسة أن الإدمان على الأجهزة له أثر نفسي، والأمر أكبر مما يتصوره الشخص؛ لأنه فقدان تواصل روحي مع أهل وأحبة، ومن الممكن أن يوصل إلى أمراض نفسية تؤدي إلى الانتحار، وكل إنسان خصيم نفسه، والسؤال المهم كيف أحول هذا الإدمان المتأصل من ضار إلى نافع في حياة الإنسان؟ وأول توصية هي أن يتقبل الشخص ذاته، ومن ثم يبدأ بالعلاج التدريجي لترك هذا الإدمان.
إغلاق الجهاز ويكمل التوصيات زيدان الشمري، ويقول: توصياتي لربّ الأسرة أنه كما ذكر الأساتذة من قبلي أن يغلق الشخص جهازه تمامًا عند تواجده مع العائلة أو اجتماع أو حتى عند ركوب السيارة، حتى لا ينشغل بالرسائل التي تصله أو الاتصالات ثم يسبب خطورة لنفسه ومن حوله، ولا ينسى أن الزوجة والأبناء بانتظاره بفارغ الصبر فلا يصح أن يأتي للسلام عليهم، ومن ثم يبدأ بإمساك الجهاز والانشغال، فالتوقف لفترة من أجل إسعاد نفسه والآخرين لن يقلل من قيمته ولا وقته ولا عمله، بالعكس هو إدخال للسرور لنفسه ومن حوله.
التفاهم الأسري ويرى خالد القرشي أن الأجهزة والمواقع المذكورة هي نعمة من الله، لو لم نحسن استخدامها بالشكل الصحيح ستتحول الى نقمة، مثلها كالمال يكون للشخص نعمة أم نقمة، وفي مقولة للعالم الشهير اينيشتاين يقول: (أخاف من الزمن الذي تتغلب فيه التكنولوجيا على التفاعل البشري)، وهذا الذي حصل للأسف فلقاءاتنا في المجالس والتجمعات الأسرية والاجتماعية أصبح كلٌ مشغولاً بجواله ومحتواه، دون تفاعل أو حديث وهكذا سينتج جيل من الجثث، وأرى أن من الحلول المناسبة:
-الحوار بين أفراد الأسرة.
-المشاركة في حل المشاكل مع بعضهم البعض.
-تنظيم الوقت.
-التقليل من المكوث أمام الاجهزة.
-دخول الدورات التدريبية.
دور الإعلام ويضيف الأستاذ طلال الحربي: الأسرة هي عماد أساسي لصلاح كل مجتمع وكل بيئة اذا صلحت الأسرة وكانت منظمة صلح المجتمع بالكامل.
يجب أن تعي الأسرة أن الأبناء يمرون في مراحل نمو فيها اضطرابات معينة من مراهقة وغيرها، فيحتاجون مراقبة وتوعية، ولا بد في البداية أن ينصحوهم ويعطوهم هذا الجهاز مع مراعاة أن التوجيه بأن يكون استخدامه ايجابيًا، ووسائل الإعلام لها دور كبير في هذا النصح والتوجيه، ومثالًا على ذلك هذه الندوة التي تعتبر وسيلة إعلامية إيجابية، وفيها تثقيف يعود بالنفع والمصلحة للمجتمع، ولا يعني أن نغفل دور المسجد والمدرسة في ذلك.
صلاح الشخص ويذكر عبدالله القحطاني أن على الشخص أن يبدأ بنفسه ثم أسرته ثم المجتمع؛ لأن إصلاح المجتمع يبدأ من اللبنة الأولى وهو الشخص ثم الأسرة.
إشغال الأطفال ويؤكد وليد الشرمان على ما ذُكر، ويقول: لن أضيف شيئًا، وكما قيل بما أننا عرفنا السبب فقد بطل العجب، دائمًا المشاكل الاجتماعية التي تبدأ من الأسرة من قوامة الرجل، فينبغي أن يكون صارمًا في هذا الأمر ويحدد وقتًا، وكذلك وعي الأم وعدم الاستهانة بتلك المواضيع، والأهم اشغال الأطفال بغير التكنولوجيا.
دور الأب والأم وفي ذات السياق يقول الدكتور ممدوح الدوسري: دور الأب والأم تكمله المدرسة؛ لأن الأبناء يجلسون في البيت مع والديهم ساعة، وفي المدرسة 8 ساعات؛ فهناك عبء كبير على المعلمين أكثر مما يكون في البيت، علمًا أن واجب الأهل أكبر وليس كل جديد مفيداً، من الممكن أن يستخدم شخص الجديد ويفيده وفي نفس الوقت يستعمله أخوه فيضره.
توعية الشباب ويشارك أحمد الهلال في وضع الحلول، وقال: لا بد من توعية الشباب بالجانب السلبي لاستخدام وسائل الاتصال (الهاتف، الإنترنت) عن طريق وسائل الإعلام المختلفة المسموع منها والمقروء ونشر الوعي لدى الشباب بضرورة الاستفادة من وسائل الاتصال بشكل إيجابي عن طريق المحاضرات والمنشورات وكذلك عن طريق وسائل الإعلام نفسها.
وتنمية الإحساس بالدين والوطن والانتماء؛ حتى يكون المتلقي ذا مناعة قوية أمام كل ما من شأنه أن يجرده من انتمائه وأصوله، أو يخدش في عقيدته ودينه.
التربية الدينيةوأضاف مشعل المطيري لا بد من توعية الأسرة بأهمية التربية الدينية للأبناء وأهمية غرس الوازع الديني فيهم عن طريق إقامة المحاضرات والتوعية الخارجية للأسرة؛ فالتربية الدينية ترسخ في الإنسان مبادئه الأخلاقية، وعقائده الإسلامية، وتوجهه الأخلاقي؛ حتى يصان من كل انحراف، أو زيغ عقائدي، أو ديني وتفعيل دور الأسرة في الرقابة على الأبناء في حالات امتلاك الهواتف النقالة خاصة طلاب المدارس، وتوجيههم الوجهة الصحيحة أثناء استهلاك واستقبال ما تنتجه هذه الوسائل.
إشاعة الفاحشةوأكد سعدون النجعي أن الحل يكون بالتحذير من إرسال الصور والمقاطع التي فيها ابتذال أو خلاعة ومجون، أو تتضمن كشفًا للعورات، أو هتْكًا لأستار العفيفات الغافلات، أو تندرًا ببعض الناس؛ فإن في استقبال الصور والأفلام المحرمة ومقاطع الفضائح والعورات وتناقلها ونشرها إشاعة للفاحشة في الذين آمنوا، والله -تعالى- يقول: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».
والنكران على من أرسل لنا ما لا يليق، ونبين له الصواب؛ حتى لا يستمر في خطئه، وقد يكون غافلًا يحتاج إلى تذكير.
التجريح والأمانة ويختم عبدالله الربيع لا بد من مراعاة الأدب، فينبغي ألا تتضمن تجريحًا لدولة أو شعب أو قبيلة أو شخص، وألا تحوي كلمات بذيئة، أو نكات سخيفة، أو رسومات قبيحة، أو صورًا فاضحة، وينبغي أن تكون ذات معنى أو هدف.
ومراعاة الأمانة في استخدام مثل هذه البرامج، فلا نسجل صوت المتصل إلا بإذنه، ولا نلتقط صورة أحد إلا بإذنه، فمن فعل شيئًا من ذلك فقد خان الأمانة، والله لا يهدي كيد الخائنين.
ومراعاة الوقت المناسب عند التواصل، مجتنبين البكور وأوقات الظهيرة وآخر الليل؛ لأنها مواطن الراحة.
ترأس الندوة: فاروق احمد
الضيوف: طلال معيبد الحربي مدير مدرسة الزبير بن العوام
ماجد محمد الداود مدير حدائق البيان
زيدان شحاذ الشمري مدير المغيرة بن شعبة المتوسطة
ناصر الهلال مدير ثانوية الثقبة
د.ممدوح الدوسري مستشار تنمية أسرية
عاكف عبدالله الدوسري إمام وخطيب جامع منصور بن جمعة
عبدالله صنيتان العتيبي رجل أعمال
عبدالله سعد القحطاني معلم مصادر التعلم
معاذ محمد حلواني إمام جامع الزعبي بالخبر
عبدالله علي الربيع مرشد طلابي
خالد خلف القرشي معلم رياضيات
مشعل مرداس المطيري معلم إشراف حاسب آلي
أحمد علي مدخلي معلم لغة عربية
محمد عبدالله العسيري رائد نشاط
سعدون أحمد النجعي معلم تربية فنية
وليد خلف الشرمان معلم