اعتقد أننا نتفق في أن كل قانون وضع لفترة معينة من أجل مصلحة معينة، والقوانين البشرية ممكن أن تعدل وتطور بما تقتضي الحاجة. ومن القوانين التي اعتقد أنها بحاجة إلى إعادة النظر هي نظام عدد سنوات التقاعد المبكر للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
اقترح أن تخفض عدد سنوات التقاعد المبكر الحالية من خمس وعشرين سنة (300 شهر) إلى عشرين سنة (240 شهرا). ولعل هناك عدة أسباب تدعو إلى إعادة التفكير والدراسة في تحديد عدد سنوات التقاعد المبكر منها:
أولا: المساعدة في خفض نسبة البطالة وقد وصلت إلى 11,7% للسعوديين في عام 2013 ميلادية حسب مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، وزيادة عدد التوظيف حيث تكون عجلة تدوير الموظفين الجدد أسرع بخروج عدد من الموظفين القدامى الراغبين. إضافة إلى أن الموظف البديل الجديد سوف يكون أقل تكلفة من الموظف الحالي.يمكن النظر والاستفادة من أنظمة التأمينات الاجتماعية في الدول المتقدمةثانيا: ضخ دماء جديدة إلى المؤسسات والشركات، بدلا من تكدس العقول القديمة لمدة طويلة في القطاع الخاص، ونحن نعمل أن مع التطور التقني والمعرفي المذهل الحالي، أصبحت هناك فجوة بين التقنية الحديثة الحالية والجيل السابق الذي يحاول بخطوات خجولة مواكبة عصر توتير وانستغرام!.
ثالثا: الذين يتقاعدون مبكرا سوف يعمل البعض منهم لحسابه الشخصي في إنشاء مؤسسات صغيرة مما يؤدي إلى دعم للقطاع الخاص، وهذه المؤسسات سوف تستحدث فرصا ووظائف جديدة. وأما البعض الأخرى فسوف يتجه للعقار مما يساعد على حركة السوق العقاري وتوسعه بدلا من احتكاره من فئة معينة محدودة. وهناك قسم منهم ما زالت تراوده نفسه في الاستثمار في سوق الأسهم على المدى الطويل.
رابعا: من الطبيعي أن تحتاج القطاعات الخاصة إلى أصحاب الخبرة وهؤلاء يمثلون فقط 5 إلى عشرة في المائة من نسبة الموظفين، وهم الذين سوف يبقون في العمل لإتمام خدمة قد تتراوح بين ثلاثين إلى أربعين سنة، أما البقية فيمكن استبدالهم بالجيل الجديد الشاب والذي يقدر 60% من عدد السكان!.
خامسا: إن المؤسسة العامة للتقاعد المدني توفر خيار التقاعد المبكر عشرين سنة، ونظام التقاعد المبكر العسكري يتيح التقاعد المبكر بعد خدمة 18 سنة، فلماذا نظام التقاعد للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مازال متمسكا بنظام الخمس والعشرين سنة للتقاعد المبكر؟!. ولو قارنا لوجدنا أن موظفي القطاع الخاص يخدمون ساعات عمل أكثر، وقد يكون الجهد المبذول البدني والنفسي أكبر من القطاع العام المدني في الغالب، فلذلك هم أولى بالتقاعد المبكر من غيرهم.
سادسا: أما ناحية الفوائد المادية للموظف وللمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، فيكمن في أن يعاد النظر في المعادلة التي يتم بها حساب معاش التقاعد بما يؤكد المنفعة للطرفين، فلا يشترط أن تكون نسبة المتقاعد المبكر لعشرين سنة 50% من متوسط الأجور خلال السنتين الأخيرتين، بل ممكن أن تنقص أو تزيد حسب مصلحة الطرفين بمبدأ لا ضرر ولا ضرار.
سابعا: يمكن النظر والاستفادة من أنظمة التأمينات الاجتماعية في الدول المتقدمة في هذا المجال بما يصب في مصلحة الطرفين الموظف والتأمينات مع مراعاة تعديلها بما يتناسب مع ضوابطنا الاقتصادية والشرعية والوطنية.
اعتقد أنه آن الأوان لتحريك هذه القضية من جديد ودراستها جديا، وتفعيلها على الأرض الواقع.