تشرفت الاسبوع الماضي بالمشاركة في الندوة التي عقدتها الامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بعنوان «إنجازات دول مجلس التعاون في مجال حقوق الإنسان» في فندق الريتز كارلتون بالرياض والاستفادة من الاوراق والمداخلات التي طرحها المشاركون.
افتتح الندوة معالي الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني بكلمة شرح فيها انجازات دول المجلس في مجال حقوق الانسان، وكيف ان المجتمع الدولي اشاد بكثير من انجازات دول المجلس من خلال مراجعة سجلاتها الحقوقية في مجلس حقوق الإنسان الدولي، وكيف ان كثيرا من دول المجلس تم انتخابهم لعضوية مجلس حقوق الإنسان منذ إنشائه عام 2006، وما زالت المملكة والكويت والإمارات أعضاء فيه حتى وقتنا الراهن.الجلسة الثانية كانت عن نظرة الغرب لدول مجلس التعاونقدمت الندوة خمسة أبحاث موزعة على ثلاث جلسات رئيسية، الجلسة الأولى: عن انجازات دول مجلس التعاون في مجال حقوق الانسان. ألقيت ورقتان كانت الأولى ورقة شاملة من معالي د. صلاح بن علي وزير شئون حقوق الإنسان في مملكة البحرين بعنوان «حقوق الإنسان في دول مجلس التعاون الإنجازات والتطلعات»، استعرض فيها معالي الوزير ما حققته دول مجلس التعاون الخليجي من إنجازات في هذا الملف الذي بات من أهم الملفات المطروحة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي. ولا يسعني في هذا الصدد وأنا أتحدث عن البحرين الحبيبة الا ان أرفع قبعتي احتراما وتقديرا للقرار الملكي الشجاع والجريء بتشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق حول الأحداث المؤسفة، وتشكيلها من أشخاص ذوي سمعة عالمية وعلى دراية واسعة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، ممن ليس لهم دور في الحكومة وبعيدون عن المجال السياسي الداخلي وقبول الدولة بتوصيات اللجنة والاستجابة لتنفيذها وفق برنامج زمني.
اما الورقة الثانية فكانت عن «تعاون دول المجلس مع الآليات الدولية لرصد حالة حقوق الإنسان»، استعرض فيها سعادة الدكتور ناصر الشهراني عضو مجلس الشورى آلية الاستعراض الدوري واستجابة كافة دول المجلس لهذا الاستعراض. وتجدر الاشارة الى أن آلية الاستعراض الدوري هي احد الاجراءات التي يقوم بها مجلس حقوق الإنسان، التابع لمنظمة الأمم المتحدة التي تستخدم لتقييم أوضاع حقوق الإنسان في جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. ويعد مجلس حقوق الإنسان أعلى هيئة حقوقية تابعة للمنظمة الأممية.
كنت قد كتبت مقالا بعنوان «استحقاقات المملكة بمقعد مجلس حقوق الإنسان الأممي» وذلك بعد انتخاب المملكة العربية السعودية عضوا في مجلس حقوق الإنسان لمدة ثلاث سنوات حيث استعرضت في المقال آلية الاستعراض الدوري وجهود المملكة في تعزيز منظومة حقوق الانسان. وبينت انه بلا شك هناك صعوبات وتحديات تواجهها المملكة فيما يختص بحقوق الانسان، وخاصة في بعض الملفات، إلا ان التزام المملكة على المشاركة في مجلس حقوق الانسان في جنيف ودعم الآلية الدولية للمجلس وفي مقدمتها آلية الاستعراض الدوري الشامل، يعبر عن جدية المملكة في اعطاء صورة صادقة وشفافة عن حالة حقوق الانسان فيها، وما تحقق من تعزيز لها على ارض الواقع، وقد عبرت عن ذلك التقارير التي تقدمت بها المملكة، والتي كان آخرها التقرير الثاني والذي يرصد التقدم المحرز في مجال حقوق الإنسان خلال الفترة من 2009 إلى 2013.
أما الجلسة الثانية فكانت عن نظرة الغرب لدول مجلس التعاون في مجال حقوق الإنسان، حيث قدمت ورقة للدكتور عمر الحسن رئيس مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية والسياسية، تحدث فيها الدكتور عن ثلاثة امور رئيسية: اولا: الانتقادات التي توجهها المنظمات المعنية بحقوق الإنسان لدول مجلس التعاون. ثانيا: معايير هذه المنظمات في تقييمها لحالة حقوق الإنسان في دول المجلس. ثم ثالثا: رؤية تقييمية للانتقادات والمعايير. ثم كرس الجزء الاخير لمناقشة ما سماه «خطط التحرك والمجابهة». وان كنت لا استطيع التعميم الا ان هذا المصطلح اعني «حقوق الانسان» برأيي اصبح في كثير من الاحيان يتم توظيفه توظيفا سياسيا كذريعة لانتهاك السيادة الوطنية. ومن اشهر الامثلة على ذلك هو الاستغلال السياسي لقضية دارفور من قبل بعض المنظمات الغربية (غير الحكومية)، وتصعيد ملف حقوق الانسان في حين تم غضَ طرف هذه المؤسسات والمنظمات الدولية عن الانتهاكات والفظائع والمعاناة المتفاقمة للشعب السوري والقتل المستمر بالوسائل العسكرية التقليدية وغير التقليدية من قبل هذا النظام المجرم طوال أكثر من ثلاث سنوات، واختزال الثورة السورية في تداعيات جريمة امتلاك الأسلحة الكيماوية. ومن هنا تأتي اهمية ورقة الدكتور عمر الذي عمل على تشريح المصطلح وفهم دلالاتها السياسية.
ثم بعد ذلك ألقى الأستاذ سعيد الفيحاني عضو اللجنة الاستشارية في مجلس حقوق الإنسان في مملكة البحرين, ورقة عمل بعنوان «إنجازات دول مجلس التعاون في ميدان حقوق الإنسان». ثم كرست الجلسة الاخيرة لمناقشة دور الاعلام في مجال حقوق الانسان، حيث ألقى معالي د. زيد الحسين نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية, ورقة عمل بعنوان «الإعلام وحقوق الإنسان من التواصل المشروع إلى التعاون المأمول». ولعلي هنا ونحن نتحدث عن دور الاعلام ان ابدي ملاحظتين هامتين.
الملاحظة الاولى ان الندوة كانت برأيي تحتاج الى مزيد من التغطية الإعلامية سواء الخليجية او العربية او حتى الاجنبية لحشد الزخم الاعلامي بما يليق بأهمية ومكانة هذه الندوة في تسليط الضوء على انجازات دول التعاون في مجال حقوق الإنسان.
الملاحظة الثانية هي دعوة سفراء الدول الاجنبية. تمنيت ان يكون هناك دعوة لسفراء الدول الاجنبية لتوضيح الصورة الحقيقية لحقوق الانسان في الخليج وتفنيد كثير من الاتهامات والادعاءات التي توجه الى دول الخليج جزافا من دون أدلة او سند حقيقي وملموس.
واخيرا اشكر معالي الامين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني على طرح هذا الموضوع المهم، ولا يفوتني ان اشكر قطاع الشؤون القانونية على هذا المستوى العالي في التنظيم والاختيار الموفق للمحاور والمتحدثين، واخص بالشكر المنظم لهذه الندوة سعادة السفير حمد بن راشد المري الأمين العام المساعد للشئون القانونية بالأمانة العامة لمجلس التعاون.