تنشغل الأوساط المعنية بسوق النفط حين يتحدث وزير البترول السعودي بشأن وضع إمدادات السوق العالمية من هذه السلعة التي تهيمن السعودية طويلاً على سوقها باستحواذ يصل إلى نسبة 38.7% من الاحتياط العالمي وبحجم إنتاج يمول ربع الاحتياج اليومي في العالم؛ تردفه جملة سياسات مرنة ومتعاونة تنتهجها السعودية في السوق، تتوافق مع مجمل الظروف التي يواجهها العالم لضمان الإمداد من هذه الطاقة التي تُشكل عصب الاقتصاد العالمي، وقد كان لتصريح الوزير النعيمي -مؤخراً- وترحيبه بدخول النفط الصخري للسوق باعتبار ذلك إسهاماً في حفظ التوازنات العادلة التي تضمن المصالح المشتركة للمنتجين
السعودية وفي حالات قصوى لم تستخدم النفط كورقة سياسيةوالمستهلكين صدى، فوزارة البترول السعودية، وهي بيت خبرة عالمي متخصص في سوق النفط وتبعاته، لديها من سبل الاستقراء والرؤية ما يجعلها من الحصافة في الرأي في هذا الجانب، كما أن دخول مصادر إمداد لسوق النفط تخفف بقدر كبير على الدول الأكثر إنتاجاً والتزاماً بإمدادات الطاقة، كما أن الحديث عن بدائل الطاقة أو حتى بدائل مصادر الإنتاج النفطي ليست بجديدة لكبح جماح التمادي السعري المتصاعد لسوق النفط العالمية؛ تماماً كما استخدم نفط بحر الشمال في مراحل سابقة للتأثير في الأسعار وحتى النفط الصخري المتوفر بكثافة في كندا وبعض دول العالم؛ وعودة إيران إلى السوق بعد فترات الحظر الدولي لصادراتها، فالحديث عن هذه النفوط ليس بالجديد، فقد قرأنا كثيراً في بداية الثمانينيات عن ذلك عندما انشغل العالم بموضوع تأثر الإمداد النفطي بعد الثورة الإيرانية ودخول منطقة الشرق الأوسط في معترك مسلح بسبب الحرب العراقية الإيرانية، حيث عُرض النفط الصخري كبديل ممكن لتعويض الإمداد، هذا ويعرف العالم بموثوقية مدى الإلتزام التاريخي السعودي بضمان إمدادات السوق، كذلك تعرف مصادر المتابعة أن تقنيات إنتاج النفط السعودي تدعم تلك الموثوقية بقدر كبير خلافاً لغيرها من دول الإنتاج، كما أن العالم يحفظ للسعودية وقفاتها التاريخية ودعمها لتوازنات سوق النفط وسد أي عجز طارئ أو محتمل لمصادر الإمداد، بل ان تكلفة الإنتاج السعودي تظل منافسة قياساً بالعديد من مصادر الإنتاج ومواطنه الأخرى، ناهيك عن أن السعودية تعايشت بسلام مع ظروف حادة للسوق وأسعاره حين تدنت في فترات متعددة إلى حدود دنيا لا تتوافق مع اعتباره المورد الأساسي للبلاد كما حدث فعلاً في نهاية التسعينات الماضية، بل ان السعودية وفي حالات قصوى لم تستخدم النفط كورقة سياسية هي الأكثر تأثيراً في توازنات السياسة الإقليمية، بل ظلت تحافظ على قدر كبير من الايجابية لصالح العالم على حساب حضورها الاقتصادي المؤثر في مجريات العديد من القرارات العالمية المعنية بالمنطقة، وهي سياسة جديرة بالتعاطي معها باحترام وتقدير وهو ما تقابل به الورقة السعودية في جملة من القرارات العالمية وتوازناتها، عموماً الحديث عن بدائل النفط في شكله الاحفوري يظل ملفاً شاسعاً، تتداخل معه جملة من الرؤى والمواقف والأحداث العالمية، وتظل هذه الرؤية ضمن مدى الاستقراء المؤكد للمعنيين بشئون الطاقة ومستقبلها المرتبط دوماً بآلية الحياة اليومية، كما أن استهداف السعودية في مثل هذه الحالات المعنية بالنفط، يؤكد مدى حضور المملكة القوي والمستمر في سوق الطاقة، وهو ما يؤكد أيضاً الاستهداف الإعلامي للبلاد لجهات تتكسب من مجرد صناعة بهرجة لا تدعمها معادلات متكافئة.