جانب من الندوة (اليوم)ـ عبدالله الثميري:أرى أن وسائل الاتصال الحديثة، خلقت مشكلة كبيرة في الأوساط الأسرية، حيث اهتم الناس من مقتنيي هذه الأجهزة ببرامج الاتصال مثل واتساب ومواقع التواصل الاجتماعي، وبات كل فرد من أفراد الأسرة يمسك بجواله ويعيش في عزلة تامة عن بقية أفراد الأسرة، لا يدري كل منهم بأحوال الآخر أو أخباره، والدليل على ذلك أن خدمة الإنترنت إذا انقطعت عن أسرة ما، نجد أفرادها يتركون الجوالات وأجهزة الاتصالات الحديثة ويجتمعون مع بعضهم البعض مضطرين!، وبمجرد أن تعود الخدمة لأجهزتهم، يتفرقون من جديد، وكل منهم منشغل بجواله، ما يؤكد أن وسائل التقنية الحديثة تتحمل جزءاً كبيرا من مسؤولية التفكك الأسري في المجتمعات كافة.ـ فهد السويكت:أعتقد أن مخافة الله مهمة جدا فيما نتحدث فيه، وإذا خاف كل منا الله واتبع تعاليمه فلن يكون هناك جفاء بين أفراد الأسرة وستقوى الروابط الأسرية، التي سيحرص عليها كل شخص يشعر أن الله يراقبه في السر والعلن، وقد رأيت أناسا كثيرين يخافون الله، ويحافظون على ما أمر به سبحانه وتعالى، من صلة الرحم، وبر الوالدين، منطلقين من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف.ـ د. محمد إمام:أعتقد أن المادة مرتبطة ارتباطا لصيقا بالروابط الأسرية وصلة الرحم وأن هناك علاقة طردية بينهما، بمعنى أنه إذا زاد الفقر، زاد معه التفكك الأسري، وإذا زاد الغنى، زاد معه التفكك الأسري، فهناك أبناء تركوا آباءهم واخوانهم بحثا من الرزق في الدول الأخرى، ولو توافرت المادة لهم لما تركوا أسرهم، واتفق مع ما ذكره الزميل فهد السويكت أن مخافة الله وقوة الإيمان كفيلة بتقوية الروابط الأسرية، من أسس ومبادئ إسلامية يتمسك بها كل من يخاف الله ويؤمن بالله واليوم الآخر، فمخافة الله تجعل الغني يحافظ على إخراج زكاته في أوقاتها، وبالتالي يحافظ على الروابط الأسرية بأقاربه، ومخافة الله تجبر الشخص المؤمن على أن يحافظ على صلة الأرحام من باب كسب الثواب.ـ اليوم:كيف نحافظ على الروابط الأسرية ونقويها ونعزز من مكانتها في حياتنا خاصة في هذا العالم المليء بالمغريات والملهيات، خاصة وسائل الاتصال الحديثة؟ـ علي الكريديس:موضوع الروابط الأسرية قديم جديد، أي أنه يتجدد كل فترة تحت تأثير عوامل مستحدثة في بيئتنا، وأرى أن أساس تقوية الروابط الأسرية هو الأبوان، وتحديداً الأم التي تقوم بدور كبير ومهم في تربية الأطفال وتنشئتهم التنشئة الصحيحة والمتزنة، القائمة على صلة الرحم والتواصل مع الأهل والأقارب والأصحاب والجيران بشكل يدعم العلاقة بين الجميع، وهذا لا يمنع أن يكون هناك شواذ، بمعنى أنه قد ينشأ شاب يراعي صلة الرحم في بيت ليست فيه تربية صحيحة أو اهتمام بصلة الرحم أو العكس، وهذا الشاذ لا تبنى عليه القاعدة، وأشدد على أهمية تربية الأطفال في الصغر على أسس سليمة، تتوافق مع ما ينادي به ديننا الحنيف من صلة الأرحام والتكافل الاجتماعي والترابط الأسري، وللتغير من حال إلى حال، لابد أن تكون هناك خطة ذات مراحل وكل مرحلة لها أدواتها التي تضمن تحقيق الأهداف المرجوة.ـ طلال الحسن:حضرت محاضرة للدكتور عيسى الملا، الذي طلب من الحضور أن يحدد كل واحد منهم أهدافه وأمنياته في الحياة، ثم طلب منهم مرة ثانية أن يحددوا هذه الأهداف في حال إذا افترض كل منهم أن عمره المتبقي لن يتجاوز عاما واحدا بسبب مرض ما، فغير كل واحد منهم أهدافه وأمنياته في الحياة عما كان عليه الوضع في المرة الأولى، ومن هنا اتفق مع الزملاء في أن تحديد الأهداف يحتاج إلى خطة علمية ذات مراحل تؤثر فيها المدخلات، كما يحتاج إلى اتقاء الله ومخافته، فالطريقتان لا تنفصلان عن بعضهما.ـ ممدوح الدوسري:هناك إشكالية أحب أن أسلط عليها الضوء، وهي أن كثيرا من الآباء لا يعرف ماذا يريد، وليس لديه منهج يريد إيصاله إلى أبنائه القائم على تربيتهم، وبالتالي لا يمكن أن ننتظر تربية صالحة من هذا الأب لأفراد عائلته، وهنا أشدد على أهمية اللجوء إلى فن الانصات، وأن نستمع إلى أبنائنا وأن نناقشهم ونتحاور معهم على مدار الساعة، لاقناعهم بما نريد أن نوصله إليهم من نصح وإرشاد، وللأسف، الكثير من الآباء ليس لديه فن الإنصات، ولا يتمتع بآداب هذا الفن الذي نفتقد إليه هذه الأيام، فكل منا يريد أن يتحدث وأن ينصت إليه الآخرون، وقليل من يجيد فن الإنصات للناس، وخاصة أفراد أسرته، والغريب في هذا العالم، أن وسائل التقنية الحديثة عزلت الناس وأشغلتهم عن التواصل فيما بينهم، فلدى كل فرد من أفراد الأسرة ما يشغله ويسرق وقته، سواء في جوال أو لاب توب أو تلفزيون أو مواقع تواصل اجتماعي أو غيرها من مواقع الشبكة العنكبوتية.ـ خالد السويكت:ـ من أهم أسباب التفكك الأسري في أي مجتمع انفصال الزوج عن الزوجة، وإهمال الأبناء وبالتالي تشردهم، ويذهب كل منهم إلى حال سبيله وينسى اخوته، فلا يسألون عن بعضهم، ولا يتواصلون فيما بينهم، ومن هنا علينا أن نعالج أسباب الطلاق بين الزوجين، والمسارعة في إيجاد حلول تحول دون ذلك في المجتمع السعودي، خاصة أن أعداد الطلاق في مجتمعنا كبيرة وتتعالى عاما بعد آخر وفق الإحصاءات الرسمية.ـ جهاد العلي:أبناؤنا في حاجة إلى اتضاح الرؤية أمامهم، وفي حاجة أكثر إلى أن يفهموا ماذا نريد منهم حتى يعتادوا عليه، بمعنى آخر أن تكون هناك لغة مشتركة بين الآباء والأبناء، وأن يفهم كل منهما ماذا يريد الآخر، وإذا وجدت هذه اللغة المشتركة، نستطيع أن نحقق ما نسعى إليه من توثيق الترابط الأسري المشترك، وتعزيز صلة الرحم بين الأهل، وهذا يتطلب أن نربي الأطفال على الثقة والتربية القائمة على الأسس والمبادئ الإسلامية التي نادى بها الله في محكم آياته، وأوضحها رسولنا الكريم محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذه التربية تجعل الأبناء متمسكين بعقيدتهم ومبادئهم مهما كانت المغريات والتأثيرات الثقافية عليهم، في عالم يمور بالعديد من الثقافات المتداخلة، التي تخترق المجتمعات.
جانب من الحضورـ عبدالله الثميري:أرى أن انشغال الأبوين عن تربية أطفالهم ومراعاتهم سبب رئيسي ومباشر في التفكك الأسري وابتعاد كل منهم عن الآخر وانشغالهم بملهيات عدة لا يمكن مقاومتها، فقد ينشغل الأب بأعماله وسفرياته التي لا تنتهي، وتنشغل الأم بأمور بيتها وصديقاتها، دون أن تولي أي اهتمام بأبنائها، وهذا لابد أن يسفر عنه تفكك أسري لا محالة، سببه الأول الوالدان اللذان عليهما أن يعرفا حقيقة دورهما في هذه الحياة.ـ د. محمد إمام:تعليقا على حديث الثميري، أستطيع القول إن انشغال الآباء عن الأبناء يسبب مشكلات خطيرة للأبناء، ويهدد مستقبلهم وحياتهم، وأكبر مثل على ذلك، أنني كنت أتابع حالة طفل أصيب بالتوحد لأن أبويه انشغلا عنه وعن مراعاته والاهتمام به، ووصل عدم الاهتمام برعاية الأبناء في مجتمعنا حاليا، إلى حد لا يعرف فيه الأب السنة الدراسية التي يدرس فيها ابنه، وهناك آباء لم يروا أبناءهم منذ شهرين كاملين، علما بأنهم يعيشون في منزل واحد.ـ اليوم:بعد الحديث عن التفكك الأسري وتسليط الضوء على انشغال الأبوين عن رعاية أبنائهما، نريد أن نحدد على من تقع المسؤولية.. على الأب أم على الأم أم أنها مسؤولية مشتركة بينهما.. وما الحلول للحد من هذا التفكك؟ـ فيصل القحطاني:النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت، وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة»، ويقصد بالرعية هنا الزوجة والأبناء العمال الذين يعملون تحت سلطته، وأعظم أنواع الغش، هو الغش في دين الله وفي مبادئ الشريعة الاسلامية وديننا الحنيف، الذي ينادي بصلة الرحم والترابط الأسري، وينادي بمخافة الله التي يبنى عليها ترابط الأسر، وهو ما يتماشى مع قوله تعالى (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، والرسول الكريم يقول: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، وهذا يؤكد أن اتباع الهدي النبوي والتعاليم الإيمانية يعزز الأسرة ويرسخ ترابط أفرادها.ـ على الكريديس:هناك أخطاء يقع فيها الآباء عند تربيتهم لأبنائهم، تتسبب في فساد أخلاقهم وعدم ترابطهم، حيث تجد آباء يعتادون على تقريع أبنائهم والتدخل في شؤونهم وتفاصيل حياتهم، ولا يمنحونهم الحرية الشخصية في العيش، وهذا يسفر عن أطفال ليست لهم شخصية مستقلة، ضعفاء نفسيا، ونتائج ذلك عدم الترابط الأسري بينهم، وعندما يكبرون يفشلون في تربية أبنائهم، أعتقد أن الطفل في حاجة إلى حنان الأبوين بصفة دائمة، وهذا الحنان لا يحصل عليه الطفل وسط أسرة مفككة الأبوين، ولا أبالغ أن المشكلات التي عليها البعض اليوم، من كثرة الطلاق والبخل والشدة هي نتيجة أخطاء نشأوا عليها في الصغر.ـ طلال الحسن:أحب ان أعلق على الكلام السابق، بالتأكيد على أن الأطفال لا يحبون من ينهاهم عن فعل الأشياء، ومن هنا يجب على الآباء أن يحثوا أبناءهم على أن يفعلوا كذا وكذا بدلا من نهيهم من فعل كذا وكذا، الابن لا يحب فعل الأمر، ولكن يحب النصح والارشاد، وهذا لا يدركه الأب أو الأم، ويغالون فيه في بعض الأحيان، فيهرب الابن من أوامرهم وطلباتهم التي لم يعد يتحملها.ـ عبد الله الثميري:نحن نستخدم أساليب غير واضحة وغير سلسة بشأن تفهم احتياجات الأطفال ومتطلباتهم، وقد انتهجت نهجا في تربية أبنائي، حيث نسيت اني أبوهم، وتعاملت معهم على أني صديق لهم، أتبادل معهم الحديث باعتباري صديقا ولست أبا، لا أفرض عليهم أي أمر لا يرغبونه، أتناقش معهم للوصول إلى اللغة المشتركة بيننا، ابتعد عن فرض الرأي عليهم، واشعرتهم أنهم أصحاب الرأي الأول والأخير في تقرير مصيرهم، وقد أثمرت هذه التربية عن أبناء واثقين في أنفسهم.ـ اليوم:لم يقتصر الحضور في ندوتنا على المسؤولين والآباء إذ حرصنا على أن يكون من بين الحضور طلاب نستمع إليهم فيما يخص محور الندوة، وإلى أي مدى يتفقون مع ما قاله ضيوفنا بأن الأبناء هم انعكاس طبيعي للتربية.. وهنا نوجه سؤالنا إليهم ما هي مطالبهم من الآباء حتى يكونوا أبناء صالحين يحافظون على صلة الرحم والروابط الأسرية بينهم.. ونريد أيضا أن يحدثونا عن تجربتهم مع ذويهم فيما يخص محور الندوة؟ـ سعد الدوسري:لي تجربة جميلة ورائعة مع الوالد -يحفظه الله- فيما يخص العلاقة بيننا، فقد حرص والدي على أن يتعامل معي كصديق وليس كأب، كان يتحدث معي ويحاورني كزميل، نتجاذب أطراف الحديث في شتى المواضيع، وكنت أخبره عن كل ما يخطر ببالي، وهو ينصحني ويرشدني إلى الطريق الذي يجب أن أتبعه، لم أشعر أنه أب صاحب سلطة ورأي على ابنه، وهذا ما قرب العلاقة بيننا، وجعلها أقوى من ذي قبل، فلم تكن بيننا أسرار خاصة، لدرجة أنه كان يحرص على حضور الديوانية الشبابية التي كنت أحضرها مع أصدقائي، وأعتقد أن ما صنعه والدي معي هو نموذج جميل ويحتذى به في التربية السليمة للأبناء، وأدعو الآباء إلى اتباع هذا النموذج في التربية مع أبنائهم، لا بد أن يتقربوا منهم ويزيلوا أي حواجز بينهم، لأن هذه الحواجز تجعل كل طرف في واد عن الطرف الآخر، كما أطالب الآباء بأن يستمعوا إلى أبنائهم ويتفهموا مشاعرهم ومتطلباتهم الحياتية، مع مراعاة أن هذه المتطلبات تختلف عن المتطلبات التي كان عليها الآباء في السابق، وأن لكل جيل زمانه واحتياجاته، وأعتقد أن مشكلة الآباء أنهم يريدون أن يسجنوا أبناءهم في العادات والتقاليد التي تربوا عليها سابقا، لاعتقادهم أنها الأنسب لكل زمان ومكان، ولا يراعون أن الزمان يتغير وأن الاحتياجات تتبدل، وما كان يصلح في السابق، لا يصلح هذه الأيام.ـ عبدالله الثميري:أحب أن أنقل لكم تجربة عائلتي في تقوية الروابط الأسرية والمحافظة على صلة الرحم، وهذه التجربة ناجحة وأتمنى أن تنتشر وسط العائلات، وتتلخص هذه التجربة في حرص الأسرة الموجودة في المنطقة الشرقية على الاجتماع مرة واحدة في آخر خميس من كل شهر، في منزل أحد أفرادها، ويستمر الاجتماع عدة ساعات، تتخلله وجبات الطعام والجلسات العائلية، التي تقرب أفراد العائلة مم بعضهم البعض، يتجاذبون فيها أطراف الحديث، ويحكي كل فرد عما يجول في خاطره للآخرين، ويستمع إلى نصائحهم وتجاربهم، والحمد لله أن هذه التجربة مستمرة نحو خمسة عشر عاما، نلتقي في الموعد المقرر، ولا عذر لأحد في التخلف عن اللقاء، الذي أسفر عن تقوية الروابط الأسرية بين أفراد الأسرة الواحدة، والتعرف على بعضهم البعض، بين أبناء العم والخال والأقارب من الدرجة الثانية والثالثة، ليس هذا فحسب، فهناك اجتماع سنوي للعائلة، يحضره أفراد العائلة على مستوى المملكة، يتم الترتيب له بعناية فائقة، لضمان حضوره من جميع أفراد أسرة الثميري، وهذه اللقاءات عززت المحبة بيننا، وأسست لجيل جديد، يحرص على التواصل وصلة الأرحام والتكافل أيضا من خلال تأسيس صندوق يساهم فيه كل أفراد الأسرة، يلجأ له كل فرد من أفراد الأسرة في أوقات الطوارئ أو المواقف الصعبة، وآمل أن تحاكي بقية الأسر مثل هذه التجربة.
تفاعل مثرٍ من قبل الشبابـ حسن قناديلي:دعوني أذكر تجربتي في بيئة العمل داخل المطعم الذي أعمل فيه، فقد رأيت أن أعزز صلة الترابط بين زملائي في المطعم من خلال إنشاء صندوق، يخدم أصحاب الظروف الصعبة أو الطارئة، مثل الشباب المقبلين على الزواج وتأسيس المنزل فيمكنهم الاقتراض من الصندوق وتوفير احتياجاتهم، ومن ثم سداد ما اقترضوه فيما بعد، وقد نجح هذا الصندوق في توفير احتياجات الشباب في المطعم، ومنحهم إحساسا انهم أشبه بالأهل والأصدقاء لتعزيز التكافل بينهم.ـ اليوم:تحدثنا عن الأسباب التي تؤدي إلى التفكك الأسري وابتعاد أفراد الأسرة الواحدة عن بعضهم البعض.. والآن نريد أن نسلط الضوء على الحلول الناجعة للقضاء على هذه الأسباب وترسيخ العلاقات الأسرية وتقويتها مهما كانت الظروف والسؤال موجه إلى الدكتور علي.ـ علي الكريديس:قضية الترابط الأسري وتقوية العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة تحتاج منا أن نعود إلى الأصول والقواعد الأساسية التي جاء بها ديننا الإسلامي الحنيف، الذي حدد وبدقة متناهية كيف نحافظ على ترابطنا وعلاقاتنا كأسرة واحدة، وكأمة إسلامية مترابطة، فكانت هناك تعليمات في محيط الأسرة، يختص بها الأب والأم والأبناء، وهناك تعليمات في محيط الأمة الإسلامية، ويختص بها ولي الأمر والمسلمون كافة لتعزيز الترابط بينهم، وأرى أن بعض الآباء يقعون في أخطاء واضحة، فمنهم من يسعى إلى تسجيل ابنه في نادٍ ما لمزاولة الأنشطة الرياضية المحببة، ولكنه لا يسعى لتسجيل ابنه في حلقة تحفيظ القرآن الكريم، وبعض الآباء يتمنى أن يرى ابنه يتكلم الانجليزية بطلاقة، ولكنه لم يأت في باله أن يحفظ ابنه أحاديث رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، أو يتفقه في العلوم الشرعية أو اللغة العربية، وعلى كل أب أن يسأل نفسه هل حرص على أن يقرأ القرآن الكريم أمام أبنائه، هل دفعهم إلى الصلاة وشجعهم عليها كما يشجعهم على التعلم والمذاكرة، هل طلب منهم المشاركة في مسابقات القرآن الكريم، كما يطلب منهم المشاركة في الرحلات المدرسية والمسابقات العلمية، الابن إذا رأى أباه يقرأ الجريدة، فسيفعل مثله، وإذا رآه يضيع وقته في الجوال، فسيفعل مثله، وإذا رآه يقرأ القرآن الكريم، فسيقلده تماما، وهذا ما يجب أن يلتفت إليه الآباء، ويحرصون على أن يكونوا مثلا وقدوة حسنة لأبنائهم، وهنا أنصح كل أب وأم بأن تكون لديهما خطة ومنهج في تربية الأبناء، تعتمد هذه الخطة على مراقبة الأبناء ومعرفة كل ما يشغل أوقاتهم، ومعرفة أصدقائهم دون أن يشعروا، ونصحهم إلى ما يجب فعله، وأشدد على مراقبة الأسرة لفتياتها لأنهن أكثر تأثراً برفيقاتهن، ويجب على الآباء معرفة الطريقة التي ينفذون بها خطط التربية والمراقبة، للوصول إلى الأهداف المرجوة، والاهداف لا بد أن تتغير من مدة زمنية إلى أخرى، ومن مرحلة عمرية إلى أخرى.ـ طلال قناديلي:هناك تجربة اتبعتها في تربية فتياتي بصفة خاصة، إذ حرصت على أن أكون قريبا منهن، وأقوم بدور الصديق لهن، والحمد لله، أن الله وفقني في تربيتهن أحسن تربية، ونشأت العلاقة بيننا من الثقة التي منحتها لهن، وكنت أحرص على أن نجلس معا ساعات طويلة على مدار اليوم، وأحرص أيضا على الخروج معهن في رحلات ترفيهية طويلة لتوثيق العلاقة بيننا، وأترك لهن المجال لاختيار أماكن هذه الرحلات دون تدخل، ما زاد الثقة في أنفسهن، وهذا جعلهن يشعرن بأنهن محل ثقة ولابد أن يكن على قدر هذه الثقة أمامي.ـ عبد الله الثميري:أرى أن أهم ما يدفع الشباب إلى التربية الصالحة والنموذجية، التحفيز على أن يكونوا أبناء صالحين، هذا التحفيز ضروري جدا لتنفيذ مخططات التربية وبرامجها، وبدون هذا التحفيز، لن يكون لدينا جيل واعٍ ومثقف ونموذجي كما نأمل، ولا مانع من تحديد هدايا وجوائز للأبناء الذين يتمسكون بمبادئ صلة الرحم، وتقوية أواصر القربى مع ذويهم، وأشدد على أن الابن عندما يرى والده يصل رحمه، فسيقلده فيما يفعل، أما إذا رأى أن اباه لا يزور أهله ولا يصل رحمه، فسيفعل مثله.ـ ممدوح الدوسري:من الحلول التي أراها مفيدة وأنصح بها، أن يتفق الزوجان على المشاركة في وضع منهج التربية النموذجية، وأن يتشاركا في تنفيذه على أرض الواقع، على أن يكون لكل منهما دوره الذي يقوم به، ويكمل دور الطرف الآخر، وأن يتعاونا في رسم مخطط حياتهما بالشكل الذي ينبغي، وأن يعملا على وضع حزمة من الأهداف وراء برنامج التربية، وأن يلاحظا ما تم إنجازه من هذه الأهداف وما لم يتم انجازه، ولا مانع أن يراجع الأبوان خطتهما إذا ثبت عدم جدواها في إيجاد أجيال نموذجية، ووضع خطة بديلة أكثر جدوى، وعلى جميع الآباء أن يدركوا أن الأبناء أمانة في أعناقهم، وعليهم العناية بهذه الأمانة وفق التعاليم الإسلامية ومنهج رسولنا الكريم محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم-.-بسام ابراهيم: يجب أن تهتم الأسرة بمبادئ التربية الخلقية من حيث الخير والشر، ومن حيث احترام القيم والتقاليد الاجتماعية، والتمسك بالفضائل، والمعايير الاجتماعية السائدة، وتنشئة الأطفال على العادات والصفات الخلقية المرغوبة، والابتعاد عن العادات السيئة، وتثقيف الآباء في الأمور الدينية حتى ينشئوا أبناءهم على المبادئ الدينية، والمعتقدات السليمة، ويتكون لديهم الضمير الإنساني عن طريق العبادات، والتمسك بالفضائل الدينية.- د. حازم عايد: إن العلاقات الأسرية النموذجية هي تلك القائمة على مخافة الله تعالى، والتفاهم بين أفراد الأسرة يرفرف عليهم التسامح ويجمعهم الحب، لغتهم الحوار وأسلوبهم العدل والتشجيع والدعم والمشاركة تجمعهم نعمة مشكورة، وتمسيهم قصة مأثورة، إن غلط أحدهم كان الاعتذار له شعارا وإن كان الأكبر، وإن أحسن الآخر كان الشكر له مذكورا وإن كان الأصغر، المرأة تعرف للرجل حقوقه وتراعي ظروفه المادية وإمكاناته فلا تكلفه ما لا يطيق، والرجل يقدر احتياجات المرأة العاطفية والمادية فلا يبخل عليها بما يجد، وخير الناس خيرهم لأهله.-د.ممدوح الدوسري:يجب التوعية بوظائف الأسرة، وكيفية تنظيم الحياة العائلية من النواحي الاقتصادية، وتدبير شؤون الحياة، والمحافظة على الحقوق والواجبات الاجتماعية، وإدرك الآباء والأمهات أهمية التربية الثقافية للأبناء، بتشجيعهم على القراءة والاطلاع، وتدريبهم على استخدام اللغة الصحيحة كتابة وتعبيراً، والاهتمام بوضع سياسة للتوعية الأسرية، تشمل دورات تدريبية للزوجين وتعتني بأسس الاختيار وتدعيم فكرة الزواج المتكافئ، توعية الذكور والإناث بأدوارهم الأسرية المستقبلية، وتثقيف الزوجين في حل المشكلات الأسرية، وتحمل المسؤولية الكاملة من جانب أي من الطرفين فيما يتعلق بسلوكياته الخاطئة، وتفعيل دور المؤسسات الحكومية والأهلية في التوعية الأسرية، وتفعيل دور الاستشارات الأسرية في المجتمع.