DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

د. العدواني وحسن البطران «اليوم»

اختلفوا حول فاعليتها الأدبية.. القصة القصيرة جدا تثير الجدل بين الكتاب والنقاد

د. العدواني وحسن البطران «اليوم»
د. العدواني وحسن البطران «اليوم»
أخبار متعلقة
 
القصة القصيرة جدا التي أثارت الجدل في الآونة الأخيرة بين النقاد والادباء.. وطرحت تساؤلات منها: هل يتمتع كاتبها بروح الإبداع؟ وهل تستطيع تحقيق المتعة والتشويق كما في الرواية أو القصة القصيرة؟ هل هي جنس جديد سوف يفرض نفسه على الساحة الأدبية؟ وهل يمكن للذواقة العربي التي هيمنت عليه الحكاية الطويلة والملاحم الشعرية أن يجد لهذا الفن موقعا في دائرته الإبداعية؟ وما مدى الاهتمام بهذا الجنس الجديد من الأدب في ساحتنا الثقافية العربية؟»، تلك الاسئلة حملناها الى مجموعة من القاصين والنقاد، من الذين شاركوا في مؤتمر للسرد عقد مؤخرا بمكتبة الاسكندرية، وخصص دورته للقصة القصيرة جدا مستضيفا ابرز كتابها من المملكة والعالم العربي.  لا تحترم القواعدفي البداية يرى الدكتور معجب العدواني، أستاذ النقد والنظرية بجامعة الملك سعود بالرياض، أن معظم كتاب القصة القصيرة جدا، نصوصهم لا تحترم القواعد وسلامة اللغة، وهذا أمر يجعل النص يفقد وهجه وبريقه، وهي علة أصبحت تسري بين بعض الأقلام، فتورث اللامبالاة باللغة وقواعدها، وهذا من مساوئ الرقمنة الالكتروني، وسرعة النشر، وقلة المراجعة، فمثلا نلاحظ إهمال همزة القطع وبعض علامات الترقيم وانتهاكا لبعض القواعد، كسوء استعمال حروف الجر ووظيفة العطف أو عدم الحذف للإضافة، وفي القصة القصيرة جدا يصبح الإيجاز واجبا لازما، وهي مسألة لا يجيدها الجميع وبخاصة من ليس لهم اهتمام بضروب البلاغة وعلم البيان، وأنماط الفصاحة وطريقة الكتابة الفنية، فكل الجمل لديهم صالحة، ما دامت تفي بالمعنى وتبلغ الرسالة، وينسى هؤلاء أن المسألة ليست في الإيصال فقط، بل في الطريقة والأسلوب وذاك هو الإبداع الحقيقي لأنه  ليس فكرة منظومة نسقية بل هو الدلالة في حالة تشكلها، والأشكال في الإيجاز نوعان.. إيجاز إيجابي يفسح المجال للتخيل وتعدد القراءات، وإيجاز مخل.. يجعل النص صعب الفهم، عسير التأويل لانعدام كيانات التخيل والبنية الممكنة للنص وأرى أن سهولة النشر التي أصبحت متيسرة في (النت)، وتعليقات المجاملة لا تفيد في شيء.. سوى أنها تجعل القاص ينساق لرياح السرعة، و ذلك مما يسيء إلى العملية الإبداعية، ولابد من التروي وتقبل النقد النزيه.  ليست اختصاراويقول الدكتور خالد عزب رئيس قطاع المشروعات بمكتبة الإسكندرية: تسعى مكتبة الإسكندرية إلى دعم أجناس الأدب، والقصة القصيرة جدا ليست اختصارا ولا ايجازا لجنس آخر، بل هي مستقلة بنفسها وليس من الضروري أن تكون دائما غامضة، فالمهم صدق التعبير وفنيته، وليس المقصود الغموض من أجل الغموض فهذا دليل عجز وليس دليل تفوق وإبداع.  وأجد أن النقد في حد ذاته عملية إبداعية، لأن القراءات والفهم والاستيعاب، والثقافة وسعة الادراك.. كل ذلك يختلف من إنسان لآخر، فما أحوجنا الى أن نعرف كيف يفكر غيرنا وكيف يحلل؟ وكيف يستوعب الأفكار؟ وكيف يعيدها شرحا وتفسيرا وتوضيحا ونسقا جديدا؟ النفوس التي لا ترحب بالنقد، وأقصد النقد البناء الذي يراعي الإيجابي والسلبي فهي نفوس عليلة ناقصة، تعشق ذاتها في نرجسية وتتلذذ بأخطائها في شكل حب تملكي أناني، وهذا لعمري لا يفيد المبدع في شيء، بل على العكس من ذلك سيجعله يكرر نفسه، ويعيش دوامة نمطية لا يحيد عنها، وفي ظل غياب أو قلة النقد والمتابعة. حري بالقاص ألا يطمئن، ويجتهد في التماس النقد اجتهاده في الإبداع.كاتب القصة القصيرة جدا مغرم باقتناص اللحظات المنفلتة من محمية التاريخ، صيد ثمين فعلا لا تصيبه إلا الرصاصات، والقصص القصيرة جدا مشحونة بالوميض الذي يحيلنا إلى الضوء الأسرع في الكون على مستوى الرحلتين (الزمان والمكان) لأنه  ليس فكرة منظومة نسقية بل هو الدلالة في حالة تشكلهامعادل جماليويرى القاص المغربي محمد محقق نائب رئيس الرابطة العربية للقصة القصيرة جدا، أن هذا الجنس الأدبي رغم إسرافه في القصر فهو مسترسل في حكيه ومواكب لحصيلته ولعل مهرجان «الناظور العربي» الذي نعمل على اقامته سنويا يعتبر أرضية وقارة تستقطب كل عام أبرز كتاب هذا الجنس، فبعد أن كانت الرابطة حلما، ها هي تتجسد على أرض الواقع بشكل ملموس في وقت وجيز، وتتحول من فكرة إلى بذرة ثم إلى شجرة حاملة مشروعات طموحة ومنتجة لفعل إبداعي مغاير، وطارحة ممكنات سردية جديدة وممكنات سردية جسدتها القصة القصيرة جدا، والتي نعتبرها معادلا جماليا للتطورات المذهلة والمتلاحقة التي عرفها عصرنا الحديث في كل نواحيه، ونروم أن تغدو دوحة ملتفة الأغصان لكي تضاف إلى حديقة الادب العربي، ومن ثم المساهمة بمد جسور التواصل والوئام بين مختلف الكتاب العرب والتشجيع على الخلق والابتكار وزرع قيم الحداثة والتحرر.  أسس المنطقوقالت القاصة الأردنية امتنان الصمادي: ان القصة القصيرة جدا تمثل عالم الكلمات المحسوبة، هي إبداع في جبة علم ترتكز على أسس المنطق وترفض لغة الخيال والعاطفة.. في نظري هي قريبة من علم الرياضيات حيث نتعلم كيف نصنع مجموعات من عناصر الكلمة تتعايش في مجال تعريفي بخاصيات مشتركة وفق خطوط سرد متعامدة وزوايا لرؤي مختلفة منها الحادة والقائمة والمنفرجة، ومن الرياضيات نترجم التماثل المحوري والمركزي إلى مفارقات مرعبة ونرى في القصر الشديد امتدادا إلى ما لا نهاية، وكلما استحضرنا تقنية الاختزال نرى عددا كسريا ينتقل تدريجيا من نقطة إلى أخرى كلما كان هناك قاسم مشترك بين البسط والمقام، نقط الحذف أعتبرها العدد المجهول داخل المعادلة، وعلى القارئ الوصول إليه، والمتتاليات الهندسية قصص قصيرة جدا، السرد الدائري شكل هندسي. وتضيف الصمادي: المضمرات تقابلها أحيانا الاحتمالات، وهذا أعتبره سلاحا منشودا بابتكاره للغة تواصلية مع عالم رقمي عنيف وخط دفاع أخير عن هوية الإنسان الحديث.  وتكمل: أحيانا كثيرة تأتي الفكرة عادية جدا، ولكن ميكانزمات السرد وطرق الحكي وتوظيف اللغة القصصية.. تجعل من النص قصة لا تنسى، ترسخ بعض المثل والقيم والتميز الأخلاقي، ولكنها صيغت في إطار مختلف.  الضوء الأسرعويرى القاص السعودي حسن البطران أن القصة القصيرة جدا هي الأقرب إلى طبيعتنا، فهي الجراب الذي يساعدنا في حمل ثقافتنا العربية على ظهورنا بنوادرها ودعابتها، والقصص القصيرة جدا تتمثل في الصراحة التي هي على اللسان والقلب.  ويقول: علينا أن نكشف أسرارنا للقارئ، والاختصار يصل بنا إلى هذا، لأن الثرثارين هم أشد حرصا على الأسرار، فهم يتكلمون كثيرا ولا يقولون شيئا، وأرى أن كاتب القصة القصيرة جدا مغرم باقتناص اللحظات المنفلتة من محمية التاريخ، صيد ثمين فعلا لا تصيبه إلاالرصاصات، والقصص القصيرة جدا مشحونة بالوميض الذي يحيلنا الى الضوء الأسرع في الكون على مستوى الرحلتين (رحلة الزمان والمكان)، وبعض النصوص تولي اهتماما بالغا للفكرة، على عكس باقي المكونات القصصية الأخرى، فالفكرة مهما بلغت من الجدية والعمق والأهمية، لا تصنع قصة وحدها.. بل السرد ومكوناته الفنية هو الأساس، وأرى أن المستقبل للقصة القصيرة جدا. فن اللغةوترى القاصة التونسية فاطمة بنت محمود، أن ثمة  اختلافا بين القصة القصيرة جدا والومضة أو الشذرة، وأن الخلط وقع عند بعض الكتاب، اذ ان القصة القصيرة جدا تسمح بتطور الحدث بشكل مختصر، بينما الومضة تحتفظ بالحدث خاما،  وتطرحه في صيغة تأمل أو تساؤل، ولهذا لا نعجب أن نجدها في سطرين أو أقل من ذلك، والشذرة شيء مختلف تماما وهي الأقدم، وقد ظهرت عند اليونان وبالضبط عند «هبوكراتيس» في كتابه «أفوروزمي»، وهي فن اللغة بامتياز، وتقع بين الشعر والفلسفة، وهي محكومة بالعقل وليس بالاحساس من غير قواعد تقيدها، وهي حسب فريدريش (فن يخاطب المستقبل والأجيال القادمة ويظل معاصروه عاجزين في أغلب الأحيان عن فهمه أو تقبله). القصة القصيرة جدا، هي قاسم بين الشذرة والومضة ووارث طبيعي للقصة القصيرة، فأخذت من الأولى غموضها واحتجاب دلالتها، وأخذت من الثانية تلميحها وإيماءها، بينما ورثت من الثالثة غواية السرد ومن ثم كان تفردها وتميزها، حتي بدت وكأنها تكتب لفئة من القراء أعني الذين لهم القدرة على التخيل وتحفيز الفكر، وهي مثلها مثل الشعر الحديث، فطريقة كتابتها المختلفة التي تعتمد الحذف والإضمار والرمز والإشارة لتجعلها شيئا خاصا، خاصا جدا إلا المبسوطة منها.

محمد محقق ود. خالد العزب