احترام المرأة ليس مسألة نظرية، أو قضية هامشية في السلوك الجمعي- الاجتماعي، وإنما سلوك أصيل في العقل الاجتماعي ووجداننا الخاص، ويكفي النظر إليها كأم قائمة أو محتملة ومربية أجيال ورجال؛ لردع أي سلوكيات تهد استحقاقاتها من التكريم والانصاف، فعلا وعملا وليس قولا إنشائيا ونظريا، فهي عماد المجتمع، الذي يفترض أن تلعب فيه دورا حيويا ومؤثرا، من واقع كينونتها، كإنسانة لها واجبات عظيمة وأدوار كبيرة بحكم الفطرة والقواعد الإنسانية.أي عنف ضد المرأة، إنما هو جرم حقيقي، خاصة في مجتمعاتنا التي تأسست على حزمة من القيم هي الأرقى بين المجتمعات البشرية، ولكن ضعف وعينا بها، وانهيار التزامنا بها، قادنا إلى مساوئ وتساوينا مع مجتمعات عنيفةليس هناك من مبررات لأي مظاهر للعنف ضد المرأة!، وهذا العنف لا يقوم به أو يأتي إلا من شخص ناقص الفكرة النبيلة والصورة الجميلة لها، وفي مسارنا الديني -الذي نحتكم إليه في كل أمرنا- نجد أن هناك تكريما رائعا للمرأة، ينبغي أن يجنبها الانتقاص من احترامها، بل ويحميها من أي أفعال لا تليق بقيمتها ودورها في الحياة.
وإذا كانت الرجولة سلوك الرجال الذي يحتويهم، فأجدر بهم ألا يسمحوا لقوتهم الغضبية بأن تسيطر عليهم، وتنعكس فعلا شائنا وقبيحا بحق المرأة التي ما أهانها إلا لئيم، وما أكرمها إلا كريم، وحسبنا جميعا أن خطبة الوداع احتشدت بتشديدات على الوصاية بالخير على النساء.
أي عنف ضد المرأة، إنما هو جرم حقيقي، خاصة في مجتمعاتنا التي تأسست على حزمة من القيم هي الأرقى بين المجتمعات البشرية، ولكن ضعف وعينا بها، وانهيار التزامنا بها، قادنا إلى مساوئ وتساوينا مع مجتمعات عنيفة، فكان أن تم تحديد أيام؛ للتذكير بما يلحق بالمرأة من هوان واحتقار، مثل اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، والذي يصادف الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام، وكان أن أدى انتشار هذا العنف؛ إلى أن أقرت الأمم المتحدة ذلك اليوم قبل أربعة عشر عاما، ما يؤكد شيوع العنف على المستوى الدولي.
لا يخلو مجتمعنا من هذا النوع من العنف، للأسف! رغم الثابت الأخلاقي والاجتماعي والديني الذي لدينا، والذي أصبح متغيرا ومتحركا بصورة سلبية ومأساوية، وبدلا من أن تحظى المرأة بنوع خاص من التقدير والاحترام والحب في بيتها، أصبحت عرضة لأشكال من الاضطهاد والمعاملة القاسية وغير الأخلاقية، وحين ننظر في سجلات وإحصائيات وزارة العدل العام الماضي، نجد أن هناك (454) قضية عنف ضد المرأة؛ فيما بلغ عدد قضايا العنف ضد المرأة المسجلة ضد السعوديين (234) قضية، وضد غير السعوديين (220) قضية.
وللأسف مكرر!، بحسب المسؤولين العدليين، هناك زيادة في أعداد مثل تلك القضايا، تتناسب مع الازدياد المطرد في السكان، وأضيف إلى ذلك التقاطا إحصائيا آخر، حيث تلقت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في العام 2011م (370) شكوى عنف منزلي، ومن بين أكثر أشكال العنف شيوعا هو العنف الجسدي والعاطفي في الأطفال، تمثل الفتيات 62% من جميع حالات العنف ضد الأطفال، ومرتكب الجريمة هو الأب في 65% من الحالات.
والحال في مجتمع قائم على كثير من الأسس الأخلاقية والدينية، ينبغي أن يكون أكثر رقيا في تعامله مع شرائح ضعيفة، مثل: المرأة، والأطفال، ولكن ذلك لا يحدث، طالما توجد مثل هذه الإحصائيات التي يمكن أن نتخيل معها حالات مسكوت عنها، ولا يتم التبليغ عنها.
وفي جميع الأحوال، فإننا مطالبون بإعادة نظر اجتماعية لطريقة ومنهج تعاملنا مع المرأة، وحفظ تكريمها الذي هو من ثوابتها وحقوقها الأصيلة بصورة عملية، وليس أمرا نتحدث عنه ولا نفعله في الواقع، لأن بعض البيوت أصبحت تئن من صراخ التعنيف، وجدرانها أصبحت تسمع العالم كله وليس الجيران فقط.