توقع خبراء عقاريون بالمملكة وصول حجم الاستثمارات المالية الجديدة بسوق العقار السعودي إلى ٣ تريليونات ريال، وذلك بدفع من مشروعات قطاع الإسكان وملحقاتها، مما سيحفز الاستثمارات الأجنبية والمحلية للعمل بقطاع الإسكان والاستفادة من هذه السيولة.
وقال الخبير العقاري الدكتور علي بوخمسين: إن السوق العقاري السعودي سوف يشهد قفزة جبارة، مشيرا الى أن مستجدات الوضع في هذا السوق ستشكل عامل جذب قويا لمختلف شركات الاستثمار والتطوير العقاري بالعالم.
وأكد بوخمسين أنه لكي نستطيع أن نفهم ونقيم هذا الجذب بحجمه الحقيقي، لا بد أن نعرف قيمته المادية، حيث يتوقع أن يصل حجم الاستثمارات المالية الجديدة التي ستضخ في السوق العقارية السعودية بين ٢- ٣ تريليونات ريال في الفترات المقبلة، وذلك في قطاع الاسكان وملحقاته وهذه ستحرك شهية الكثير من شركات الاستثمار والتطوير العقارية الاجنبية، التي ستسعى جاهدة لدخول السوق، والتي من المفترض أن تتبلور في قالب أكثر تنظيما، لا سيما بعد صدور منظومة قوانين التمويل العقارية، والتي لم تفعل كما يجب حتى الآن إلا أن العجلة تتحرك ببطء، وأن صدور شروط أهلية الحصول على إسكان التي تسربت مؤخرا، مؤشر على قرب انطلاقة حركة البناء قريبا.
وأضاف: «من المعروف حالياً أننا بالمملكة لا نمتلك شركات تطوير عقارية تتناسب مع حجم الطلب المستقبلي المتوقع، بل هي لا تلبي حتى حجم الطلب الحالي فضلا عن المستقبلي، وطبعا لديهم مبرراتهم المعروفة من صعوبة التمويل لقطاع الانشاءات، وتوفير العمالة الكافية وغيرها، ولكن مما لا شك فيه أن القفزات المتوفعة في قطاع مقاولات البناء سيرافقها نمو متسارع لشركات هذا القطاع، والتي حتما ستلجأ لاستقطاب شركات أجنبية تتحالف معها تحت مظلة نظام الاستثمار الاجنبي؛ لتستطيع تلبية المستحقات الجديدة».
«توجد فجوة إسكانية بين العرض والطلب، وتوجه الحكومة لردم هذه الفجوة بدأ من إنشاء وزارة الإسكان» وأوضح الخبير العقاري أن حجم أعمال هذا القطاع سيتضاعف، وذلك ظرف يجب الاستفادة منه غير السعي لتوفير فرص توظيف للشباب السعوديين، مبينا أنه لا يمكن القول بتوظيفهم كعمال بناء، بل أن هذا القطاع سيحتاج مئات الوظائف من المهندسين والمشرفين والاداريين والمحاسبين، بما يشكل فرصة للاستفادة من توطين أكبر كم ممكن من وظائف هذا القطاع.
واشار الى انه الدراسات المنشورة انه متوقع ان ٦٥ بالمائة من المواطنين يحتاجون لتملك مساكن خاصة بهم، لا سيما فئة الشباب، وهؤلاء فتحت الأبواب أمامهم حالياً عبر برامج تمويل الاسكان البنكية، أو البرامج المشتركة بين البنوك وبين الصندوق العقاري، ولكن الجديد المرتقب هو ما ستعلنه وزارة الاسكان عن مشاريعها الاسكانية الجديدة، وانها هل ستملك المواطنين المساكن الجديدة مباشرة، أو هل ستخيرهم بين أرض وقرض، وهل ستكون هناك شركات تمويل عقارية جاهزة للتعاطي مع الوضع الجديد المرتقب؟ مبينا انه كل هذا سيتبين بالمستقبل القريب.
تجميد الأراضيوأوضح رئيس لجنة التثمين العقاري بغرفة جدة، عبدالله الأحمري، أن وزارة الاسكان ألقي عليها حمل ثقيل وحتى هذه اللحظة لم تنفذ القرارات التي شرعتها مثل (أرض وقرض)، فقد آن الأوان لأن تخرج الوزارة مشاريعها على أرض الواقع على أساس أن تطمئن المواطنين الباحثين عن سكن، وكبح جماح الأسعار التي تضخمت بالمملكة.
وأشار الأحمري إلى أن وزارة التجارة أعلنت مؤخرا، عن السماح لشركات التطوير العقاري بالبيع على الخارطة، وهذا سيعمل -أيضا- نقلة نوعية في قطاع العقار، ناهيك عن مشاريع وزارة الاسكان التي يعلق عليها المواطنون آمالهم والمسئولون بأنها تلبي حاجة المواطن، ويكون لدينا اكتفاء ذاتي بالنسبة للإسكان.
وقال: إن المملكة تتميز بمساحة كبيرة، وعدد السكان يزداد باستمرار، ومن هذا اتضح أن العدد في قوائم الانتظار لدى الوزارة وصندوق التنمية العقارية يفوق الـ (3)ملايين مواطن، واعتقد أن الاحتياج كبير، والعطاء قليل، ولكن عند البدء في توزيع الأرض والقرض، فذلك سيسهم بحل المشكلة، ونستوعب الأجيال القادمة من السكان.
وبالنسبة لما كشفته مصادر مطلعة عن آلية الاستحقاق، قال الأحمري: إن ذلك سيؤثر بلا شك على أداء السوق، حينما تكون واقعا ملموسا ومصاحبة لتنفيذ الـ (500) ألف وحدة سكنية، ومشروع أرض وقرض وبرنامج الرهن العقاري وغيرها من البرامج التي شرعتها الدولة مؤخرا، وبهذا ستكون رسالة واضحة لأصحاب العقارات سواء الذين يجمدون ممتلكاتهم داخل النطاق العمراني، أو الذين يجمعون أراضي منح المواطنين الذين اجبروا في وقت سابق على بيعها لعدم وجود خدمات ومرافق بأن يعيدوا بيعها، وعدم تمسكهم بها في أسعار تحول دون تصريفها.
وأشار إلى أن بعض شركات التطوير العقاري تهتم للأرباح، على أساس أنها تخدم الفئة المتوسطة وأصحاب الدخول المرتفعة، ولم تقم ببناء وحدات تخدم الشريحة الأقل، وبالتالي اعتادت هذه الشركات على الأسعار المرتفعة وليس لديها استعداد للتخلي عن أرباحها التي كانت تتقاضاها في السابق، ولكن في ظل وزارة الاسكان وإعطاء الإملاءات للمطورين بأن يبنوا بكلفة معينة على أساس أن تتكيف مع القيمة التي تدفعها الدولة للمواطن لامتلاك وحدة سكنية، فالفرق شاسع بين ما ينتجه المطور وما تمنحه الدولة، فحينما يقترض المواطن من الدولة (500) ألف ريال ومن المصارف نفس المبلغ، فهنا يدخل المواطن في دوامة الديون.
آلية الاستحقاقوقال الخبير الاقتصادي طلعت حافظ: إنه توجد فجوة إسكانية بين العرض والطلب، وتوجه الحكومة لردم هذه الفجوة بدأ من أمرين: الأول إنشاء وزارة الإسكان، والآخر ببناء (500)ألف وحدة سكنية بقيمة (250) مليار ريال على مدى (5) سنوات، ويتوقع ان يكون النمو على الوحدات بما يعادل (100) ألف وحدة، وسيستمر ذلك لعدة اعتبارات منها أن الشباب يشكلون 60 بالمائة من المجتمع، وبالتالي هناك حاجة متنامية للسكن، كما ان الإيجارات تستقطع 40 بالمائة من دخل الفرد، وعندما يتم تأمين المسكن فهنا يتم توفير تلك النسبة بشكل مباشر، وبالتالي امتلاك سكن يعني امتلاك أصل منتج اقتصادي يعود بقيمة رأس مالية.
وأوضح حافظ أن حجم المشاريع السكنية على الافراد في ظل أنظمة التمويل الجديدة ومن بينها التمويل العقاري ونظام الرهن العقاري المساند لها سيكون -بلا شك- بيئة جاذبة للاستثمارات ليس فقط على المستوى المحلي من مطورين، وإنما سيجذب الشركات العالمية، وبالذات التي تتميز ببناء المساكن الميسرة (البروتبل هاوس) الملبية لحاجة الفرد، فنحن بحاجة لجذب الشركات ذات الأفكار الخلابة، وتشترك مع الشركات السعودية في هذا الأمر أكثر من السيولة والأموال.
وأكد أنه يجب أن تكون هناك بوابة تفصل بين المهام التي لها علاقة بالقطاع العقاري، مثل التطوير والتسويق والتشييد، وخلق كيانات متخصصة كل في مجاله، وبالتالي سيصبح السوق أكثر احترافية وجذبا للاستثمار.
وعن دور آلية الاستحقاق في تغيير أداء السوق، قال الخبير الاقتصادي: «مهما كانت المعايير التي ستصدرها وزارة الإسكان، سواء في توزيع الوحدات السكنية التي تم بناؤها أو مشروع أرض وقرض فستكون عادلة ومتكافئة مع احتياجات المجتمع، وستنظر الوزارة بعين احترافية للاحتياجات وطرق التوزيع».