العلاقات السعودية الأمريكية علاقات استراتيجية، وفوق ذلك فهي علاقات مبنية على المصالح المشتركة والفهم العميق الحكيم لحاجة كل طرف للآخر. لهذا فإن هذه العلاقة غير قابلة للقطيعة، كما حاولت وسائل إعلام دعائية تصوير الجفاء بين الرياض وواشنطن، ببساطة لأن السياسة الخارجية السعودية، في الوقت الذي تقف صلبة وثابتة في القضايا غير القابلة للمساومة، فإنها سياسة رشيدة ولا تتحكم فيها المزاجيات أو الميولات الحزبية. لهذا السبب فإن موقف المملكة من الأمم المتحدة هو موقف ينحاز إلى أسس ومبادئ تتعلق بالضمير الجمعي للإنسان وايمانات الشعوب في كل مكان، خاصة حينما يشاهد السعوديون وقادتهم أشقاء سوريين يتلقون حمم القنابل من طائرات الأسد ورعاته بصدور عارية وصرخات لا أحد يسمعها في العالم الذي يصف نفسه بالمتمدن والمدافع عن حقوق الإنسان.
وكان عتب المملكة ينصب على مجلس الأمن والقوة الأمريكية المحركة التي لم تبد، في الأيام الماضية، اهتماماً لائقاً بالقضية السورية وأيضاً بالقضية الفلسطينية التي تحولت إلى ملف روتيني على الرغم من أنها تمثل مأساة تاريخية لشعب سلبت أرضه وشرد من وطنه.
ويبدو أن الموقف السعودي في الأمم المتحدة بدأ يثمر بتأكيدات متوالية من الدبلوماسيين الأمريكيين وعلى رأسهم الوزير جون كيري الذي شدد يوم أمس على أن العلاقات بين الرياض وواشنطن استراتيجية ومستمرة بنفس قوتها، وإن اختلفت الرؤى والأساليب، كما شدد على أن الولايات المتحدة الأمريكية تحرص على حلول للقضية السورية وملف ايران النووي والقضية الفلسطينية.
وزيارة الوزير كيري يوم أمس تدل على أن الولايات المتحدة الأمريكية تقدر الرسالة السعودية في مجلس الأمن. وأن البلدين ينكبان على مواصلة التعاون في سبيل النهوض بالقضايا المشتركة والالتزامات الأخلاقية تجاه الشعب السوري وسلامة المنطقة والحذر من إضافة أي مخاطر جديدة مثل المفاعلات النووية لايران، والنظر بقدر من المسئولية تجاه القضية الفلسطينية.
وواضح أن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تحتاج إلى مواجهة الأخطار الجديدة، المتمثلة في الجيوش الإيرانية التي بدأت تحتل مساحات واسعة من العالم العربي، مثل سوريا والعراق ولبنان واليمن، وتمارس حروبها الدموية الطائفية وتواصل رسائلها التهديدية لدول الخليج. وهذا يتطلب تعاوناً حقيقياً بين الدول الخليجية والولايات المتحدة الأمريكية، بهدف تحجيم إيران كي لا تستمر قوة مثيرة للقلاقل والمشاكل في منطقة حساسة، ليس لأنها منطقة منتجة للنفط فقط، وإنما لأنها منطقة تقع في قلب العالم وتمثل متحفاً تاريخياً ثميناً، ومنبعاً للرسالات السماوية وموئلاً للأنبياء عليهم السلام. ويتعين أن تحظى بالسلام كما أراد الله ورسله الكرام. ويقتضي ذلك أن تتحد القوى الفاعلة والمحبة للسلام ضد القوى المحرضة على العدوان والكره والحروب والنزاعات والفرقة، وهذه من أولى واجبات الشعوب وأمانيها، بما في ذلك الشعب الأمريكي والشعوب الخليجية. التدريب في الجمعيات الخيرية في مأزق كشف مصدر مسؤول - لم يعلن عن اسمه- في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني خلال الأسبوع الماضي عن منع الجهات الخيرية من جمعيات ولجان ومؤسسات والتي تنفذ برامج تدريبية مرخصة من استقبال أي دعم أو تبرع عيني أو نقدي باسم المنشأة التدريبية ، ومنعها من تقاضي أي مبالغ مالية من المتدربين على أن تنفذ جميع البرامج التدريبية بالمجان ودون أي رسوم.
ورغم أن الخبر ضم في طياته أن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني قررت بناء على ذلك إعفاء هذه الجهات من دفع المقابل المادي لجميع الخدمات والضمانات المصرفية والتي كانت تتراوح ما بين ألفي ريال للزيارات الإشرافية و120 ألف ريال للضمانات البنكية، إلا أن القرار بحد ذاته أثار موجة من الغضب لدى مجالس إدارات جميع الجمعيات واللجان والمؤسسات الخيرية والتي كانت تعتمد على هذه البرامج التدريبية كمورد مالي ضمن الموارد المالية المهمة لديها.
إضافة إلى أن تكلفة التدريب العالية في حال تحري الجودة العالية في مخرجات التدريب مما سيكلف هذه الجهات الخيرية مبالغ طائلة مما سيدفعها مستقبلا إلى إغلاق هذه المعاهد التدريبية ، وهو ما سيؤثر سلبا على الأسر المحتاجة المشمولة برعاية هذه الجمعيات ، والتي كانت تجد في هذه البرامج التدريبية متنفسا لأبنائها وبناتها ورافدا مهما من الروافد التي تعينهم على مواجهة الحياة بمؤهل يتناسب مع الوظائف المتاحة، لاسيما بعد أن أغلقت الجامعات أبوابها بحجة تدني نسبة القدرات والتحصيلي حينا، ولعدم توفر مقاعد شاغرة حينا آخر.
القرار الذي تم الكشف عنه دون إعلان صريح حتى الآن يحتاج إلى وقفة جادة ودراسة مسؤولة لأسوأ التوقعات خاصة وأن جميع الجهات الخيرية تعاني في الوقت الحالي من مشاكل عدة مع وزارتي العمل والتربية والتعليم فيما يخص القرارات الأخيرة مما ولد لديها عقبات خطيرة قد تهدد بإغلاق الكثير من أنشطتها في حال عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها حيال هذه الجهات.
وقفة جادة قد تعيد الأمور لنصابها الصحيح ، وتتيح لكل جهة أن تقوم بعملها الخيري بكل أريحية ووفق ضوابط محددة تحت مظلة وزارة واحدة هي وزارة الشؤون الاجتماعية فقط.