في عام 2004 ضربت أمواج تسونامي العاتية سواحل شرق آسيا، كانت ضمن المناطق المتضررة جزيرة آتشيه في إندونيسيا، هلك عشرات آلاف من البشر هناك غير أن طفلاً وحيداً عمره 7 سنوات يدعى مارتونيس كان في عداد الناجين ، فقد والديه واخوته.
نتمنى من المهندس فهد الجبير - الذي يضع فيه أبناء المنطقة آمالا كبيرة - التحرك العاجل من أجل وقف عمليات إزالة غابات المانجروف وبتوضيح رسمي من قبل الأمانة عما يجري من عمليات ردم في الدمام والخبر والقطيف يبين حجم الضرر الحاصل على البيئة البحرية.أما هو فظل متعلقاً بأشجار المانجروف طيلة 19 يوماً، ليكتشفه بالصدفة فريق إعلامي لقناة أجنبية كانت توثق المأساة، لتوثق حدثاً جديداً يمنح بصيصاً من الأمل في نجاة أحد الأفراد من جحيم الكارثة.
قصة مارتونيس ألهمت المنظمات والجمعيات المهتمة بالبيئة في إندونيسيا ، فجعلت من هذا الطفل أيقونة للتوعية بأهمية الحفاظ على أشجار المانجروف ( القُرم ) ، والعمل على التصدي لكافة محاولات القضاء على هذه النبتة.
تواصلت الجهود وتعاظمت من كافة شرائح المجتمع وبمشاركة من مسؤولين من مختلف المستويات الحكومية، ولا تزال الجهود حثيثة في إندونيسيا وغيرها من الدول للحفاظ على هذه النبتة النفيسة.
من جانب آخر لا يزال الجهل كبيراً بأهمية أشجار المانجروف في منطقتنا لقلة الوعي ولعجز الجهات المعنية والصيادين عن إيصال رسالتهم.
لا يزال الكثيرون يجهلون فداحة الكارثة المتمثلة في ردم مساحات شاسعة من البحر، وحجم الضرر الحاصل على البيئة البحرية.
لقد كان من تبعات هذه الكارثة إزالة أجزاء كبيرة من غابات أشجار المانجروف وتضرر بيئتها المناسبة للنمو، حيث يصعب لدرجة الاستحالة إعادة زراعة هذه النبتة في بيئة أخرى مختلفة عن الأرض التي تنمو فيها.
يذكر علي شعبان رئيس جمعية الخليج الأخضر - وهو من المهتمين بهذه القضية - إن ما تبقى حالياً من غابات أشجار المانجروف 7 بالمائة من حجمها السابق، وستتسبب إزالة الباقي من هذه الغابات - على اختلال التوازن البيئي وغياب الأداة التي تقوم بحماية الخليج - في التلوث بسبب تصريف مياه الصرف الصحي فيه وبسبب مهدرات النفط الناتجة عن ناقلات النفط والسفن الكبيرة.
وتكمن أهمية أشجار المانجروف في أنها تعد أيضاً بيئة خصبة ومهمة لمبايض الأسماك وحضانة الأسماك الصغيرة ولتكاثر الأحياء البحرية الأخرى مثل الربيان. كما تعد هذه الأشجار مأوى مثالياً للطيور المهاجرة التي أخذت أعدادها في التناقص ويتعرض بعضها للموت لعدم وجود المساحة المناسبة للعيش.
شركة أرامكو السعودية قامت بجهود مشكورة للتوعية بأهمية هذه الأشجار ، وقامت بعدد من الحملات لزراعة شتلات أشجار المانجروف في بيئتها الأصلية، إلا أن استمرار عمليات الردم الجائر وتجاوز كل القرارات الحكومية في الحفاظ على غابات المانجروف يكاد يذهب بجهود أرامكو السابقة أدراج الرياح، ما يجعلنا ندعو شركة أرامكو لإيمانها الكبير بأهمية هذه النبتة للتدخل والضغط من أجل وقف عمليات دفن البحر وإزالة مناطق غابات المانجروف.
نتمنى من المهندس فهد الجبير - الذي يضع فيه أبناء المنطقة آمالا كبيرة - التحرك العاجل من أجل وقف عمليات إزالة غابات المانجروف وبتوضيح رسمي من قبل الأمانة عما يجري من عمليات ردم في الدمام والخبر والقطيف يبين حجم الضرر الحاصل على البيئة البحرية.
مارتونيس اليوم أصبح شاباً يافعاً لم ينس فضل أشجار المانجروف عليه حين أظلته، ويتذكر دوماً كيف كان المانجروف طوقاً للنجاة له، إلا أنني أخشى من أن يزور مارتونيس خليجنا العربي فيرى تفريطنا في طوق نجاتنا.
أخشى من أن تعمل معاول ردم البحر على إزالة ما تبقى من بقية باقية من أشجار المانجروف ومن بيئة خصبة مثالية لزراعتها فنندم حين لا ينفع الندم.
أخشى من مستقبل مظلم، ينضب فيه نفطنا فنعود لبحرنا القديم النديم لنرى أن أسماكنا قد نضبت هي الأخرى بسبب اهمالنا.