ما شاهدناه من جامع الفردوس في الرياض، يوم الجمعة الفائت، يعد مؤذيا وجارحا لشعور كل إنسان يحترم آدمية نظيره الإنسان، فما بالك بالمسلم الذي يُفترض أنه يوقر أخاه المسلم الذي يشاركه مكان الصلاة وخشوعها وترفعها ونقاءها. وقد توقعت شخصيا أن يحدث ماحدث، بعد دعاء الخطيب على السيسي وتأييد قلة من المصلين له، نظرا للشحن (العاطفي) الذي مارسته بعض الأسماء والرموز المحلية تجاه ما يجري في مصر العزيزة.
لقد كانت ميادين الرأي في وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية تشبه في كثير منها ميادين اعتصامات الإخوان في مصر، أي أنها لم تكن عاقلة ولا سلمية على الإطلاق. ولم تناقش الآراء، في هذه الوسائل، المسألة من باب أن لي رأيي ولك رأيك والمهم هو حفاظنا على لحمة وطننا ومكاسب أمتنا قدر الإمكان. بل إنني أزعم أن أشخاصا بعينهم، من خلال استدعائهم لشعار رابعة وألفاظ وجمل من خطب ثعالبها، أمعنوا في التحريض على بعض المواقف من مجريات الأحداث هناك وصوروا للناس، بجرأة بالغة، أن هناك مؤامرة تحاك ضد الإسلام.
وهذه، بطبيعة الحال، هي بضاعة الإخوان: نحن الإسلام والإسلام نحن، ومن أرادنا بسوء فقد أراد الإسلام بسوء.!! وقد قلت في مطلع هذه الأحداث ان هذه لغة (خوارجية) يوظفونها لتبرير أفعالهم المنكرة وتمرير أجنداتهم الحزبية الضيقة وتحقيق مكاسبهم.. توظيف الدين أثناء الانتخابات الرئاسية بعد الثورة هو الذي أوصلهم إلى حكم مصر، لكن اكتشاف كذبهم وتدليسهم وأجنداتهم، في المقابل، أسقطهم من العرش الذي لم يكونوا في يوم من الأيام يحلمون باعتلائه.
والآن، وقد كتب الله سقوطهم المدوي فكريا وسياسيا، لا يملكون هم وأذيالهم في الأطراف العربية من أمرهم سوى التحريض وتكويم حطب الفتن التي يشعلونها بلا هوادة. لكن ما أنا وكثيرون غيري، في مصر وفي كل البلدان العربية، واثقون منه أن الساعة التي نعيشها الآن هي ساعة الاستيقاظ والوعي والحذر من كل التربصات التي تريد بنا وبأوطاننا شرا.