أعترف، كما يقول محبوه، أنني مشغول بالدكتور محمد العريفي أكثر من اللازم. وقد اكتشفت ذلك أكثر حين فكرت بخطبته القادمة عن الجهاد، أين سيلقيها بعد أن تبدلت الحال بالأهل والعشيرة.؟ بعضهم إقترح الصومال وبعضهم إقترح جنوب إفريقيا وبعضهم قال يعود ليخطب في مجالسنا وأنت غير مرحب بك. وأنا، طبعا، من غير أن تطردوني لست ذائبا في دباديب خطبه، بل إنني، بمنتهى الكرم، أترك لكم كل هذه الدباديب وعليها بوسة.
ما يهمني هو أن نقرأ الحدث، البارحة الأولى، من نافذتين، الأولى نافذة ما قل ودل والثانية نافذة الكلام اللي لا يودي ولا يجيب. وفي مشاهداتنا من النافذة الأولى يتضح أنه لم يكن هناك داع لكل هذه المسرحيات الخطابية التي أخرجها تنظيم الإخوان وقدمها رهط من تابعيهم في الأصقاع العربية. الناس تريد المفيد والمختصر، لأن الوقت لا يحتمل الانصهار تحت وابل من الكلمات الفارغة.
أما في مشاهداتنا من النافذة الثانية، وهي نافذة الكلام اللي (ما لوش معنى)، فستدلنا على أن الجوع، للرغيف والحرية، كافر والوعود الكاذبة أشد كفرا.. ولذلك كانت الملايين في مصر العزيزة ترفض، باطنا وظاهرا، هؤلاء المشايخ المستجدين الطارئين، الذين يزاحمون شيوخ الأزهر الشريف على المنابر. وكانت تعرف أن المسألة هي محض استقواء وارتماء غير حصيف في أحضان خطابية غير مصرية. ولم يكن بمقدور أي مصري، أو أي عاقل عربي، أن يقبل بهذه الحالة التي تستبدل الإمام المصري الأكبر بالإمام غير المصري الأصغر.!!
وهكذا دخل هذا الفعل الإخواني، المجرد من الذكاء، بشكل غير مباشر إلى قائمة تمرد، التي أشعلت فتيل التغيير السريع لتعيد إلى مصر العربية، مع ما ستعيده، وسطيتها وبهاء منابرها. والكل الآن، بالمناسبة، على طريق العودة إلى مربعه الأول. وغدا، وأنا أراهنكم على ذلك، ستسمعون من مربعهم مزيدا من شعارات الهلس التاريخية. ونحن لا يهمنا ذلك بعد الآن في قليل أو كثير.. كل ما نتمناه أن يرفع الله مراتب بلدنا ومراتب مصر والعرب أجمعين في العالمين.