عاجل
DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

لوحة لمحمد شهدي

يشبه خريطة إيطاليا..

لوحة لمحمد شهدي
لوحة لمحمد شهدي
أخبار متعلقة
 
صديقه متذمر دائماً، ساخط على الجميع دون استثناء، عندما تشتغل لديه آلة التعليق المزعجة فإنها لا تتوقف حتى يعلق على كل الأشياء بسخرية لاذعة. غير أن ذلك لم يمنعه من معانقة صديقه المتذمر بفرح غامر، عانقه كما لو أنه كان ميتاً لكنه عاد إلى الحياة فجأة. رقص أمامه كزنبرك مجنون، لقد حصل تطور مهم جداً في عمله كما قدر، سرد عليه ما حفل به يومه من أعمال مهمة في الساعات الأربع الأولى من دوامه، لكن ليس هذا بالشيء المهم في تقديره لأنه يعلم أن صديقه طالما سخر من تفانيه في العمل، طالما قال له إنه مثل كل الموظفين الصغار الأغبياء الذين يشبهون خريطة إيطاليا، كالجزمة تماماً في أي إدارة فاسدة مشابهة. إنهم يكدون في العمل ويكدحون كالبغال الفتية فيما الرؤساء وحدهم هم الذين يحصدون النتائج. ما يقوله صديقه مؤلم دائماً، لكنه شر لا يمكن تجنبه، وبما أنه كذلك فإن تحمله إياه أصبح مع مرور الزمن كالدرع الذي يتقي به المحارب الطعنات القاتلة. الآن، الشيء المهم الذي أراد أن يقوله لصديقه هو أن مديره المباشر اصطحبه قبيل انتهاء الدوام إلى المدير العام، وبين يدي هذا الأخير، حصل من مديره المباشر على تزكية لم يكن يحلم بها طوال خدمته، لقد أوصى بأن يحل مكانه كنائب له في الأيام الثلاثة التي سيتغيب فيها عن العمل. أخذ يرقص أمام صديقه المتذمر بينما هو يحكي عن نظرات الحسد والحقد التي امتلأت بها أعين زملائه في العمل، قالها بسرعة وهو يلهث، وراح يصرخ كالأطفال من شدة الفرح. ولما استكمل دورته الراقصة حول صديقه الذي بقي صامتاً لا يتحرك منه سوى عينيه الساخطتين، سأله وقد أمسك بيده اليمنى: قل لي هذه المرة بأمانة ودون تعليقات جارحة، ألست جديراً بهذا المنصب؟ بربك ألا أستحق الكرسي الذي يجلس عليه مديري؟ انظر إلي بتمعن، هيئة مدير بالضبط، ليس أقل. لذلك يحسدني زملائي على مظهري. أكتافي مناسبة جداً لحمل مسؤوليات مدير، لو كنت في إدارة أخرى لكنت منذ زمن طويل أتمتع بهذا المنصب بجدارة فائقة، لكني على أي حال حصلت عليه أخيراً، صحيح لمدة ثلاثة أيام لكن التجربة ستكون رائعة. إنني أشبه في الحقيقة ... وراح يتأمل السقف، ويقيس المسافة بين زواياه وأطرافه، واستمر في صمت قصير يحدق في منتصف السقف، دفعة واحدة، وفي شكل ثابت. وشيئاً فشيئاً أرخى بصره إلى صديقه الصامت وقد تذكر أنه سيقولها لا محالة، لا يمكن تجنبها على الإطلاق، علم أنه وصل إلى النقطة النهائية دون حذر، بسبب فرحه الغامر وانفعاله العاطفي المتفجر كالبركان ليس هناك مفر من سماعها. لو حرك شفتي صديقه المغلقتين لكانت الكلمة هناك، جاهزة للانطلاق كعادتها إلى سمعه، تماماً كما سمعها من قبل : إنه يشبه خريطة إيطاليا.