وهو في الطريق إلى العمل ، يفكّر كم سيمرّ عليّ في هذا العمل، وإلى متى ومتى سأنتهي من الإرهاق الذي يستمر ، خصوصاً أنه أعمل في جهة حكومة يطغى عليها نمط عمل روتيني. من جعله كذلك ؟ المواطن لن يجيب لأن الإجابة تسدّ بلعومه الذي يمكن أن يسدّه أي إجراء من مسئوله المباشر أو غير المباشر وعليه أن يحمد الله دائماً حتى وإن ذهب إلى العمل أو عاد منه ، أو وقف مشدوهاً بينهما.
في الجوازات وهو ينتظر كان يسأل لماذا لا تنتهي هذه الإجراءات، كان أيضاً يتذكّر أن جواز السفر يستغرق أكثر من أسبوع لاستلامه ويحمد الله على انتهاء هذه الأزمة، لكنه يفكّر بالحكومة الإلكترونية بما أن ليس هناك من يحاصره في مخيّلته التي تضيق كلما تذكّر الرقباء.
في الطريق قبل أن يصل يفكّر كيف سيصل وكل هذه الطرقات التي تحاول الجهات «ذات العلاقة» مثلما يقولون في التصاريح الرسمية للتمويه حول المسئولية، تحاول تعديل الأخطاء الهندسية التي اركتبتها وسترتكبها طوال تاريخها، ويفكر ببلعومه! سيارة تابعة للمرور تغلق المنفذ الوحيد المؤدي من طريق الخدمة إلى الشارع الرئيسي، وهذا الوصف للشارع وصف افتراضي لأنه لم يعد هناك فرق بين ما هو رئيسي وما هو فرعي، ويتذكّر أن المرور تنازل عن أحد أكتاف الطرق السريعة والمخصص للحالات الإسعافية أمام تباهي بعض السائقين في «سدّه» أثناء الزحام واستغلاله أثناء الفضوة. كان عليه أن يمرّ قبل أن ينتهي وقت العمل، وهو أيضاً لديه عمل عليه أن ينجزه! عليه أن يراجع «كومه» من الدوائر الحكومية لينهي إجراءات مؤجلة. الجوازات؟ سينسى حتماً أن الوصول لها في أي وقت هو مغامرة كبرى لأنه يؤجل كلما تذكّر أن عليه «المرور» بين كل الثقوب المفتوحة لكي يصل وستتصل عليه امرأة في الطريق وهي تجلس في البيت لتسأله «كيف صباحك؟» ويضحك وهو يراقب الرجل في السيارة بجانبه منشغلاً بأمر هاتفه الجوال. تذكّر أن هناك قراراً تم نسيانه، يعاقب مستخدم الهاتف الجوال أثناء القيادة وهو يتابع السائقين ينشغلون، حاول أن يحسب نسبة المتصلين وطلعت معه الحسبة مخيفة، هذا طبعاً كله من الفضاوة التي يعاني منها وعليه أن يتحمّل نتائجها! النسبة أكثر من 70 بالمائة وهي نسبة عشوائية لا يعتمد عليها رسمياً وتتمثّل عيناته بأنه اختيار من يمرّ على يمينه سواء كان مواطناً أم مقيماً، كان قد ارتكب هذا الإثم من قبل وبدأ في حساب عدد المقيمين إلى السعوديين بنفس الاستراتيجية. فكّر لماذا يستخدم مصطلح استراتيجية دائماً؟ لكنه تراجع عن الإجابة! في الجوازات وهو ينتظر كان يسأل لماذا لا تنتهي هذه الإجراءات، كان أيضاً يتذكّر أن جواز السفر يستغرق أكثر من أسبوع لاستلامه ويحمد الله على انتهاء هذه الأزمة، لكنه يفكّر بالحكومة الإلكترونية بما أن ليس هناك من يحاصره في مخيّلته التي تضيق كلما تذكّر الرقباء. صور النساء لدى كل المراجعين الذين يعبئون الأوراق المطلوبة لدى مقدمي الخدمات «مقلوبة» وهو يفكّر دون أن يسأل أحد. في نشرة الأخبار قتلى ، والنشرة الاقتصادية في الإذاعة التي تقول إن مؤشرات الأسهم على تراجع وخبر آخر يقول إن «إيران صنّعت زورقاً طائرا»، لم يضحك! كان عليه أن يمرّ بأي شكل لكي يصل إلى العمل لكن أخباراً مثل تلك تسمّم البدن المسموم أصلاً فهل سيذهب إلى العمل؟ هو لا يعني الوزارة بالتأكيد بل يعني مكتبه الذي يأخذ من وقته ما يقارب ثماني ساعات يومياً ولمدة خمسة أيام بينما تلاحقه الأقدار المخيفة «هو سمّاها أقداراً» لأنه يخاف من الرقباء. يأتيه اتصال وينهى اتصاله وهو لازال «يفكّر» ربما بالرحلة المؤجلة على الخطوط المحلية التي قابل رئيسها بالصدفة وهو يدخل فندقاً شهيراً وكان بوده أن يقول له مبارك عليك كل هذا الفشل، لكنه لم يفعل لأسباب شخصية. حينما وصل تذكّر أنه موظف حكومي عليه أن يخاف جداً قبل أن يكمل تنفّسه، أن يخاف من كل شيء لأنه ليس في مكانه وليس لديه أي احتمالات للتغيير.