كانت العائلة تعدّ الدقائق لقدوم السائق الموعود من الهند، ووصل بعد طول انتظار ليكتشف رب الأسرة "الكفيل" أن السائق الموعود لا يصلح لمهنة سائق عائلة، فقد طالت معاناة الجميع حتى استخرج الرخصة وبدأ في القيادة على مضض! ووسط خيبة أمل الكفيل وتحسره اكتشف أن لدى السائق المزعوم مواهب وقدرات أخرى، فقد استطاع بمهارة وحذق أن يصلح المجاري الطافحة والمغسلة المنسدة! ووسط بلادته في السواقة وحذقه في تصريف المياه وفك عقد الأنابيب وتسليكها، أخذ السائق المستجد يبحث عن أعمال ليملأ بها وقت فراغه..بل ليهرب من معاناته في توصيل الصغار كل صباح للمدارس وجلب طلبات البيت.. أخذ السائق يبحث عن تحقيق ذاته في حل مشاكل الحي خدمة للمجتمع، لكنه وجد أن هذه الهواية تجلب له كذلك الكثير من المال، فأصبحت هيامه الجديد؛ فيسرع لتوصيل الصغار لمدارسهم مبكراً ثم ينطلق لإنجاز جدول زيارات السباكة صباحاً وعصراً ومساء في بيوت الحي وما حولها وما حول حولها.. ونجح السباك الحاذق في التوفيق إلى الحد البعيد بين متطلباته الوظيفية التي لا يطيقها وهي السياقة وما يتطلع إليه بشغف وهو السباكة.. أما كفيله فلم يلحظ عليه أي تقصير في عمله كسائق، فلم يتأخر قط في توصيله للأطفال أو جلب "مقاضي" الأسرة أو مشاويرها للأقارب وتأدية الواجبات الاجتماعية بل لم يك يتوانى في توصيلهم إلى أهلهم في المدن المجاورة والقريبة.. ولذا، لم يمانع الكفيل بأن يقدم سائقه خدمات السباكة حيث يسكن وفي الأحياء المجاورة.. ثم أتت ساعة الحسم، عندما بين "السائق السباك" لكفيله أنه بحاجة ملحة لمساعدته، فقد قام بأعمال السباكة لأحد الجيران مقابل 3000 ريال لكن الزبون يماطل، استغرب الكفيل من الطلب وكيف أن مكفوله يعمل بمقابل وبمبالغ تفوق راتبه بكثير! التقى الكفيل ومعه السائق بالزبون وبعد أخذ ورد دفع الزبون للكفيل 2500 ريال عداً ونقداً، وما أن غادر الزبون حتى سلم الكفيل المبلغ لسائقه فما كان من السائق إلا أن استل 500 ريال ودسها في جيب كفيله قائلاً: "هذي هديه حق بتشى".. الآن الكفيل يفكر في أن يفتتح لسائقه محلاً للسباكة!