نستكمل ما بدأناه في الأسبوع الماضي عندما قلنا إن هناك تبايناً في مستوى الخدمات المقدمة من المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة حالياً وأنها لا ترقى إلى المستويات العالمية بل لا ترقى إلى مستوى الخدمات المقدمة من المستشفيات الحكومية الأخرى التابعة لبعض الوزارات والجامعات وغيرها من القطاعات التي تملك خدمات صحية و لقد تحدثنا عن أهمية وجود مدير مؤهل ذي خبرة لإدارة المستشفى وضرورة إعطائه الصلاحيات المالية والادارية اللازمة وتغيير الطريقة التي يتم فيها ترسية الخدمات التي يحتاجها المستشفى وأن يتم تخصيص ميزانية مستقلة لكل مستشفى و سأحاول في هذا المقال أن أضيف على ماذكرت بعض النقاط المهمة لتطوير مستشفياتنا.
بداية أريد أن أطرح بعض الأسئلة على القارئ الكريم لتقريب الصورة وللقياس وهي: هل يمكن لأحد المصارف أن يقوم بتعيين موظف ليس لديه مؤهل مالي وخبرة كرئيس لأحد الاقسام المهمة في المصرف؟ هل سيخاطر المصرف بأمواله بتعيين مثل هذا الموظف؟ ثانياً : هل هناك خطوات عمل نظامية تدربَ عليها العاملون في هذا القسم لا تختلف عن خطوات العمل المتبعة في المصارف العالمية ؟؟ إذا كانت الإجابة بنعم وأن تعيين الموظف ذي المؤهل و ذي الخبرة ضروري في المصارف وأن تدريب العاملين في القسم على خطوات العمل النظامية عنصر حيوي في عمل المصارف فلماذا لا يكون كذلك في المستشفيات أم أن المال أهم عندنا من البشر؟!! لماذا نُعين في مستشفياتنا رؤساء أقسام وموظفين لايملكون المؤهل والخبرة ثم نطالب بمخرجات ونتائج وأداء مثل مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض أو مستشفى قايز بلندن أو مستشفى مايو كلينك بامريكا ؟؟ لا يمكن ذلك بل لا يجوز لنا أن نطالب موظف مستشفى وزارة الصحة بما لا يملك!! فأغلبية موظفي مستشفيات وزارة الصحة لم يخرجوا خارج نطاق أسوار مستشفياتهم ولم يتلقوا التدريب اللازمهذه الجهات التي ستتولى تطوير المستشفيات لن تُبقي من الموظفين الحاليين إلا الأكفاء أو القابلين للتدريب وستتخلى عمن لا تحتاجهم وستوظف من تحتاج وما ينطبق على الموظفين ينطبق على الكادر الفني من أطباء وتمريض و فنيين وغيرهم وبذلك لن تستمر مستشفياتنا ضماناً اجتماعياً للذين يتسلمون مرتبات من غير عمل يذكر . فهل نحن مستعدون؟؟أسوة بالموظفين في تلك المستشفيات العالمية. أليس من العدل أن نجلب لمستشفياتنا الحكومية أنظمة وسياسات العمل من تلك المستشفيات المتطورة ونوفر البنية التحتية اللازمة لتطبيق تلك الأنظمة والسياسات ومن ثم نقوم بنقل الخبرة اللازمة بتدريب موظفينا قبل أن نطالب مستشفياتنا بمستوى أداء مثل تلك المستشفيات المتطورة؟!! السواد الأعظم من رؤساء الأقسام والموظفين في مستشفيات وزارة الصحة يعتقدون أن مايعملونه هو الصواب بينما الواقع يقول إن الاعمال الإدارية والفنية المختلفة في المستشفيات أصبحت تخصصات علمية قائمة بذاتها و تدرسُ في الجامعات ومراكز التدريب لسنوات عديدة فمن البديهي أننا لن نرتقي بأداء مستشفياتنا ونحن لا نملك الكفاءات المؤهلة والمدربة للقيام بالعمل المطلوب. ما الذي يمنع أن نُسند تشغيل مستشفيات وزارة الصحة الرئيسية إلى جهات أو شركات عالمية مشهود لها بإدارة المستشفيات على طرق عصرية؟؟ لماذا نجد بعض المستشفيات من حولنا والتي تملك النظام والبنية التحتية ولديها الموظفون المؤهلون للقيام بالمهام الإدارية تستعين بمستشفى جون هوبكنز بامريكا للقيام بمهام الإشراف والتشغيل لمنشآتها الطبية بينما تُترك مستشفيات وزارة الصحة والتي هي في أمسِ الحاجة من غيرها للتطوير لتظل على وضعها البائس؟؟ ما الذي يمنع؟؟ ألسنا ننفق الملايين على مستشفياتنا وهي بهذا السوء فلماذا نصبر على هذا الوضع ولا نطلب المساعدة من غيرنا؟؟ نحن نعلم أن الأمور ليست سهلة لكنها ليست مستحيلة و تتطلب أولاً أن نتغلب على العقليات التي أكل عليها الدهر و شرب و التي تقف ضد التغيير و تقاومه ولو تم التعاقد مع جهات سواء جامعات أو شركات لإدارة وتشغيل مستشفياتنا فإن الأمر يتطلب كذلك أن نُطلق أيدي من يأتي لتطوير مستشفياتنا ولا نكبلها ولا نقفَ في طريقها بل نمنحُها الصلاحيات اللازمة لإنجازِ مهمتها مهما تطلب الأمر. كذلك ينبغي أن يدرك المواطن والمسئول سواء كان في وزارة الصحة أو خارجها أننا إذا أردنا مستوى أداء عالمي لمستشفياتنا فإن هناك ثمناً يجب أن يدفع ولا يخلو الأمرُ من تضحيات بعضها مؤلم، فهذه الجهات التي ستتولى تطوير المستشفيات لن تُبقي من الموظفين الحاليين إلا الأكفاء أو القابلين للتدريب وستتخلى عمن لا تحتاجهم وستوظف من تحتاج وما ينطبق على الموظفين ينطبق على الكادر الفني من أطباء وتمريض و فنيين وغيرهم وبذلك لن تستمر مستشفياتنا ضماناً اجتماعياً للذين يتسلمون مرتبات من غير عمل يذكر . فهل نحن مستعدون؟؟