الاهتمام بالقطاع الخيري علامة حياة للمجتمع، فهذا القطاع هو القطاع الثالث من قطاعات بناء الدولة، وإنما ننجح ونتقدم ونحمي مجتمعنا من الانحدار بعنايتنا بفقرائنا وتقديرنا لمن يقوم على شؤونهم. في المملكة اليوم ما يقرب من ٦٢١ جمعية خيرية تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية،
والعاملون في هذه الجمعيات دورهم مهم ومحوري وهم يقومون عنا بعبء لا يطيقه كل أحد، فمواجهة الناس والصبر على أذاهم وتتبع بيوت الفقراء والاطلاع على أحوالهم أمر متعب ومرهق. الغريب أني قد حصلت على معلومة من خلال شكوى وصلتني من هؤلاء الموظفين أنهم يعيشون في قلق وعدم أمان لا على مستقبلهم ولا على مستقبل أبنائهم إن كان لهم أبناء - فمن الذي سيتزوج براتب لا يتجاوز ٣٠٠٠ ريال؟ - المعلومة الغريبة أن موظفي الجمعيات الخيرية في المملكة يعملون على وظائف غير رسمية وبرواتب لا يوجد لها سلم واضح، فالأمر متروك لاجتهادات مجالس إدارات الجمعيات الخيرية، لذلك تجد تفاوتاً بين رواتب موظفي جمعية وجمعية أخرى على حسب دخل الجمعية ورحمة مجلس إدارتها، بل وتجد تفاوتاً غير مبرر بين رواتب موظفي الجمعية نفسها. يعني من الممكن أن يكون راتب الموظف اليوم ٢٠٠٠ وغداً ينزل إلى ١٠٠٠ ريال، وإما أن يعجبك الوضع أو توكل على الله واتركه! ومن الممكن أن تضاف على ظهر الموظف مهام جديدة بنفس الراتب ولا يحق له أن يقول كلمة واحدة! كما أن معظم - إن لم يكن كل - موظفي الجمعيات الخيرية لا يعرفون معنى علاوة سنوية ولا بدل غلاء، ولو أراد قرضاً لا يستطيع الحصول عليه! كل هذا مع أن الدوام على فترتين صباحية ومسائية وفي مقابلة الناس الذين سيخسرون علاقاتهم مع معظمهم إن طبقوا عليهم المعايير التي هم ملزمون بتطبيقها. نطالب الجمعيات الخيرية بالكثير لعظيم الحاجة إليها وننتقد عملهم عندما نرى خطأ أو تقصيراً أو عائلة لم يصلوا إليها، وهذا من حقنا، وسنقوم بذلك، لكن في المقابل أليس من واجبنا أن نعطي هؤلاء الرجال حقوقهم؟ كنا نريد تكريمهم وتقديرهم وإعطاءهم المكانة اللائقة بهم، لأن كل عاقل يعلم بأننا إنما نُنصر ونتقدم وننجح بضعفائنا والقائمين عليهم، لذلك حسب غيرنا للعاملين في القطاع الخيري كل ساعة قدموها من أجل المجتمع، بينما نحن نطالب بما هو حق لهم وللأسف.
اقبلوا اعتذاري أيها الرجال عن نفسي على الأقل.