هكذا يحلو للعديد من الناس وبخاصة المسؤولون القول في كل مرة يجري تداول الحديث في الإعلام أو في وسائل الإتصال الاجتماعي حول هذا الحادث او ذاك جراء تلك الآفات. هذا القول فيه جزء من الحقيقة لكن فيه تبسيطا ناجما ربما عن جهل أو حسن ظن، أو تضليل مقصود. كيف يمكن مقارنة ظاهرة الإفلات من العقاب، والتي تمثل ظاهرة في مجتمعاتنا وجزءا مهماً من الثقافة السائدة في مجتمعاتنا العربية الإسلامية بما يحدث من حالات الإفلات من العقاب في بلدان كأوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية؟
المسؤولية في لجم نوازع ونزوات الإفلات من العقاب تقع على الدولة واجهزتها بالدرجة الأولى لكن مسؤولية المجتمع هي الضمانة الاستراتيجية لمحاصرة الظاهرة ودرء شرورها والأداة الفعالة للمجتمع على هذا الطريق هي مؤسسات المجتمع المدني التي طال انتظار اقرارها.
يكفي لبيان عبث مقارنة كهذه معرفة ما جرى للسيد دومينيك ستروس كان. السيد ستراوس كان، كان رئيساً لاكبر مؤسسة مالية في العالم، صندوق النقد الدولي.كان ايضا مرشحاً مضمون النجاح عن الحزب الإشتراكي الفرنسي في انتخابات الرئاسة ضد سركوزي. تحرش جنسيا بعاملة فندق في نييورك قبل حوالي سنة من الآن ولا يزال (يجرجر) في اروقة المحاكم الأمريكية بعد الفضيحة و بعد استقالته من منصبه وانسحابه من معركة الرئاسة وهو اليوم يفاوض الضحية لتقبل تعويضا تصالحيا بستة ملايين دولار. في بلداننا المبتلاة بكل دمامل الآفات، يعرف القاصي والداني مظاهر الإفلات من العقاب التي تتكرر مشاهدها وتتفاقم مآسيها ليس فقط في المال العام بل وفي الأرواح والممتلكات وكارثة جدة لاتزال التحقيقات والفضائح فيها على قدم وساق. يحدث ذلك وغيره وبالأرقام والأسماء على مرأى ومسمع الجهات الرقابية والقضائية بالرغم من كل الجهود الكبيرة التي بذلت وتبذل في سياق المشروع النبيل للإصلاح الشامل الذي دشنه خادم الحرمين الشريفين - البسه الله ثياب الصحة والعافية- منذ أن كان ولياً للعهد. واذا كان شعار الدولة هو الأمن والأمان الذي يحظى برعاية ادارية ومالية استثنائية يواجه اليوم تحديات متنامية ومظاهر ضعف نتيجة لعوامل موضوعية تخص تعقيدات ظروف الداخل والمحيط، فإن عوامل الإفلات من العقاب تقف على رأس الأسباب التي تعيق مجهودات الدولة في مواجهة الوباء والحد من تفشيه وتوطين ثقافة تجريمه. المسؤولية في لجم نوازع ونزوات الإفلات من العقاب تقع على الدولة واجهزتها بالدرجة الأولى لكن مسؤولية المجتمع هي الضمانة الاستراتيجية لمحاصرة الظاهرة ودرء شرورها والأداة الفعالة للمجتمع على هذا الطريق هي مؤسسات المجتمع المدني التي طال انتظار اقرارها.