ويبدو أن لبنان، يُراد له أن يدفع دائمًا ثمن الأخطاء السورية التي يرتكبها النظام في دمشق، طيلة عقود، بدأت من محاولات فرض الهيمنة السياسية، إلى محاولات جرّ اللبنانيين إلى نفس الخندق السوري الذي لا ناقة لهم فيه ولا جمل. مسلسلات التصفية والترهيب ضد الخصوم لا تزال جارية، إما علنًا أو سرًا، ولكنها ليست خافية على كل ذي عقلٍ وبصيرة، ومحاولات الإملاء والوصاية لا تزال بنفس الفكر القديم، عبر مجموعةٍ من المتنفذين ووارثي القصور السياسية، وقابضي المال السوري، أو من أولئك الخائفين أو المذعورين على زوال سيّدهم والحاكم بأمرهم في دمشق، وربما لن نعدم مستقبلًا من يخرج بعد السقوط المرتقب للنظام مدعيًا الأباطيل. مؤامرة ميشيل سماحة الأخيرة، ومخططات بث الفُرقة بين اللبنانيين عبر نفس الأسلوب القمعي بالاغتيالات والتصفيات، كشفت ما يحدث على الأرض اللبنانية بجلاء، كذلك الاصطفاف الجنوني بين حزب الله، ومدّعي المقاومة والصمود والمتاجرين بها.. تؤكد أن لبنان لا يزال الساحة الخلفية لتصفية الصراعات السورية، ومحاولات بث الفُرقة وتصديرها للفت الأنظار بعيدًا عما يحدث بالداخل السوري، نظام الأسد، حتى وهو في أحرج أوقاته، لا يزال يلعب نفس لعبته القديمة، القائمة على التحريض والاغتيالات المشبوهة، وتصفية حتى عملائه، ولا يزال حادث مقتل عماد مغنية في قلب دمشق لغزًا يعرف فكّ طلاسمه فقط المقرّبون من النظام أو عملاؤه المنتشرون سواء في سوريا أو في عواصم أخرى. اللبنانيون، خاصة بعض نخبهم السياسية، لا يزالون منزلقين في المخطط الدموي الذي يبثه بشار ونظامه، وللأسف فإن أغلبيتهم دُمى تحرّكهم المخابرات السورية، بأوامرها وأموالها وإشاراتها، وإذا لم يعِ اللبنانيون خطورة ما يقعون فيه، فإن بلادهم تسير نحو المجهول السوري الذي يريد إغراقهم في مستنقعه الدموي، ويُعيد شبح الحرب الأهلية التي أدمتهم طيلة عِقدين من الزمان، ولا تزال تطل برأسها عليهم بين الحين والآخر. وليعلم هؤلاء وهؤلاء، أن نظام الأسد لا يُريد بهم ولا ببلدهم خيرًا، وعليهم أن يفيقوا قبل فوات الأوان.. الأسد سيسقط آجلًا أم عاجلًا، وسيبقون هم يعضون أصابع الندم والحسرة.
ما يحدث في لبنان الآن، يؤكد أنه وبعد سبع سنوات من الخروج السوري من هذا البلد، إلا أن الطابور الخامس، لا يزال يلعب نفس الدور الذي كانت تلعبه الأصابع المخابراتية ومكاتب التنسيق القديمة، لفرض وصايتها الخبيثة.