DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

العرب والغذاء.. كيف ننتج ما نأكل؟

العرب والغذاء.. كيف ننتج ما نأكل؟

العرب والغذاء.. كيف ننتج ما نأكل؟
العرب والغذاء.. كيف ننتج ما نأكل؟
أخبار متعلقة
 
على الرغم من ان مشكلة الغذاء اصبحت من المشكلات العالمية، التي بذل فيها العديد من الجهود الدولية إلا أنها أصبحت قاصرة فى مواجهتها، الأمر الذى يستلزم من الدول العربية التفكير جديا فى حلول عاجلة لمواجهتها.

«اليوم « طرحت هذه التساؤلات على مائدة عدد من الخبراء الاقتصاديين والأكاديميين والمهتمين بهذه القضية: كيف تواجه الدول العربية وخاصة دول الخليج مشكلة نقص الغذاء؟ وهل الاستيراد هو الحل للتغلب على مشكلة المياه اللازمة للزراعة؟.خطة طويلة المدىاتفق الخبراء على ضرورة إعداد خطة طارئة واستراتيجية طويلة المدى لانتاج الغذاء وتحقيق الأمن الغذائى فى الوطن العربى ، تركز على قطاعات الحبوب والزيوت. من جانبه يقول الدكتور محمد عبد الحليم عمر المدير السابق لمركز الاقتصاد الاسلامي بجامعة الازهر واستاذ الإقتصاد بكلية التجارة: لقد بدأت المشكلة الغذائية تظهر بشكل واضح منذ بداية الستينيات من القرن الماضى حيث أدى تزايد الطلب الكلي على الغذاء بمعدلات أكبر مما متاح عرضه نقص في نسبة المعروض من الغذاء، ولعل من أهم العوامل التي أدى لتزايد الطلب على الغذاء، التضخم السكاني للدول النامية بصفة عامة والدول العربية بصفة خاصة . وأكد ان من أهم سمات أزمة الغذاء المعاصرة فى الدول العربية عدم توافر الاستثمارات الكافية لإستغلال الموارد المتاحة سواء كانت زراعية أو خامات طبيعية، وبالتالي فإن ضعف معدلات استغلال التكنولوجيا الحديثة فى الانتاج والاعتماد على الأساليب التقليدية فى الزراعة وما ينتج عنها من انخفاض فى انتاج المساحة المتاحة من الاراضي.

إن الدول الكبرى بدأت تستخدم الغذاء كسلاح سياسي للضغط على الدول مثلا عن طريق إعانات القمح الأميركي المقدمة لبعض الدول العربية ومنها على سبيل المثال مصر، وبالتالي فإنه من ضرورات الأمن الاستراتيجي العربي أصبحت الحاجة ماسة لدعم الأمن الغذائي لافتا الى ان الوطن العربي لا يملك المخزون الاستراتيجي الكافي من الغذاءتكامل مطلوبوأضاف: إذا اخذنا في الإعتبار أن بعض الدول العربية تتمتع بالإمكانات الزراعية والاراضي الخصبة ووفرة المياه، فيما تزخر الأخرى بوفرة في الايدي العاملة المدربة، وبعض الدول تمتلك النفط والغاز والأموال اللازمة لإنتاج ما نحتاج إليه من الغذاء، وبالرغم من هذا كله إلا أنه الى الآن لم تخطُ الدول العربية خطوة جديّة نحو تحقيق التكامل الاقتصادي فى مجال تحقيق الأمن الغذائي والاقتصادي، وأن السبب فى هذا يرجع إلى غياب الإرادة السياسية في تلك الدول التي يجب توحد ارادتها على اتخاذ القرارات وطرح البدائل للوقوف أمام نفوذ الدول الكبرى التي تسيطر على سوق الغذاء فى العالم وتتحكم بالتالي في مصير الشعوب الأخرى حتى لا تملك قرارها.سلاح سياسيومن جانبه يقول الخبير الاقتصادى المعروف الدكتور حمدي عبد العظيم استاذ الاقتصاد والرئيس السابق لإكاديمية السادات للعلوم الادارية: إن الدول الكبرى بدأت تستخدم الغذاء كسلاح سياسي للضغط على الدول مثلا عن طريق إعانات القمح الأميركي المقدمة لبعض الدول العربية ومنها على سبيل المثال مصر، وبالتالي فإنه من ضرورات الأمن الاستراتيجي العربي أصبحت الحاجة ماسة لدعم الأمن الغذائي لافتا الى ان الوطن العربي لا يملك المخزون الاستراتيجي الكافي من الغذاء، الذي يجنبه الكوارث الطبيعية والضغوط السياسية، الناجمة عن استخدام بعض القوى الكبرى للغذاء كسلاح لتحقيق بعض أهدافها في العالم العربي، فمن لا يملك غذاءه لا يملك قراره. ويرى الدكتور عبد العظيم إن تحقيق الاكتفاء الذاتي عن طريق استيراد السلع الغذائية من الخارج بدلا من إنتاجها محليا للتغلب على مشكلة المياه اللازمة للزراعة سيظل سيفا مسلطا على رقاب هذه الدول العربية بالرغم من أن الوطن العربي يملك الكثير من الموارد الطبيعية، ومقومات إنتاج الغذاء التي تتوقف على كميات المياه اللازمة للزراعة خاصة إذا أخذنا بنظرية الميزة النسبية، حيث إن بعض الدول العربية تتميز بوفرة في الاراضي الزراعية الخصبة وتوفر كميات المياه مثل السودان وغيرها تتميز بالايدي العاملة والبعض الآخر لديها الأموال اللازمة للاستثنمار في القطاع الزراعي. ويؤكد الدكتور عبد العظيم أن الأمن الغذائي فى الوطن العربى مهدد ،وذلك لعدة أسباب أهمها: أن التجارة العربية البينية، مازالت ضعيفة جدا ،وهذا ما يشكل عائقا أمام تحقيق أهداف أي أمن غذائي عربي مستدام، فضلا عن الأخطاء البيئية، التي أدت في بعض الأحيان إلى انتشار ظاهرة التصحر والجفاف في كثير من البلدان العربية.عجز غذائيأما الدكتور محمد ابراهيم منصور استاذ الاقتصاد ومدير مركز دراسات المستقبل التابع لمجلس الوزراء المصري فقد أكد أن الدول العربية تعيش الآن عددا من الظروف الاقتصادية والسياسية التي تتحكم في مصيرها ومن أهم هذه الظروف، عدم قدرتها على تحقيق أمنها الغذائى وهو ما يستدعي اللجوء إلى الاستيراد لتغطية العجز , مما ينتج عنه العديد من المشكلات الاقتصادية حيث إضعاف الأرصدة من العملة الصعبة وتعزيز المديونية والتبعية السياسية والاقتصادية للخارج.ويتابع الدكتور منصور قائلا: إن الوطن العربي يعيش حالة من العجز الغذائي تزداد حدتها يوما بعد يوم فالمتاح من المواد الغذائية لا يكفي لتغطية استهلاكها . ويضيف الدكتور منصور أن مشكلة الامن الغذائي تتمحور حول بعدين أساسيين هما إرتفاع أسعار المواد الغذائية وكذلك إنخفاض الإنتاج الزراعي فى الوطن العربي، فإنه يجب على أية دولة عربية مواجهة تلك التحديات عن طريق تبني سياسات اقتصادية ملائمة لها نحو أمنها الغذائي.وأضاف: إن ندرة الموارد المائية وتركيز السياسات على تنمية العرض دون ترشيد الطلب، وتواضع التقدم التقني في الإنتاج الزراعي العربي، وضعف الخدمات الزراعية المساندة كل هذا أدى الى تفاقم الفجوة الغذائية في الوطن العربي. وتابع الدكتور منصور حديثه قائلا: ولما كانت الموارد المائية أحد أهم المحددات الأساسية لإنتاج الغذاء في الوطن العربي فإن النجاح في تنمية هذه الموارد رهن للتعاون العربي في مجالات تطوير تقنيات إعادة استخدام المياه، والتعاون في مجالات تنمية موارد الأحواض المائية المشتركة. تحدي المواردأما الدكتور علي مسعود أستاذ الاقتصاد بجامعة أسيوط فيرى قضية الأمن الغذائي العربي تأتي على رأس قائمة التحديات الرئيسة التي تواجه الدول العربية ،وأنه على الرغم من الموارد الطبيعية المتاحة والمتوافرة في الدول العربية متمثلة في الأرض والمياه والموارد البشرية، إلا أن الزراعة العربية لم تحقق الزيادة المستهدفة في الإنتاج اللازم لمواجهة تزايد الطلب على الغذاء ، وبالتالى إتساع الفجوةالغذائية، و الدول العربيةأصبحت تستورد معظم احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسة من الخارج. وأضاف: إن الدول العربية بدأت تشعر بخطورة وأبعاد أزمة الغذاء، في وقت متأخر نسبيا على رغم أن المشكلة كانت موجودة منذ زمن بعيد، وأن منظمة الأغذية والزراعة العالمية نبهت إليها منذ وقت مبكر، ودعت الجامعة العربية لإنشاء المنظمة العربية للتنمية الزراعية، دراسة المشكلة، ومحاولة ايجاد الحلول المناسبة لها وانه بالفعل قامت هذه المنظمة بتقديم عدد من المشاريع الهامة لتحقيق الأمن الغذائي العربي إلا ان غياب الارادة السياسية قد عرقل تنفيذ هذه المشاريع. ويرى الدكتور مسعود أنه لابد للعرب من التفكير فى ايجاد حلول لمشكلة الأمن الغذائي و تفعيل ما لديهم من منظمات وآليات وفوائض نفطية وغير نفطية، ودفعها للاستثمار المنتج في المكان المناسب والوقت المناسب.

القضيّة.. أمن غذائي أم اكتفاء ذاتي؟تباينت أسباب فشل العرب فى الاعتماد على مواردهم الذاتية حتى أصبحوا أكبر مستورد للغذاء فى العالم .. فقد أكد علماء التغذية أن المشكلة تكمن فى استبدال المواطن العربى لأغذيته الأصيلة بأغذية أخرى مستوردة لا تتناسب معه بينما رأى أساتذة القانون الدولي أن هناك هروبا استثمارىا من الدول العربية بسبب الاضطرابات السياسية التى تعاني منها الدول العربية  بينما رأى اساتذة الاقتصاد ان انخفاض مخصصات الدول العربية للبحث العلمي لا يزيد عن نصف فى المائة من الناتج المحلي لهذه الدول هو السبب فى أزمة الغذاء بينما يرى آخرون أن هناك قيودا على التبادل التجاري بين البلدان العربية. عدد من الخبراء الاستراتيجيين، أضاف: إن الدول العربية تعاني كثيرا من نقص الغذاء بسبب عوامل كثيرة منها ظاهرة التصحر والجفاف،مؤكدين أن الوطن العربي يملك جميع الامكانات والطاقات التي تساعده علي زيادة الانتاج الغذائي، ولكن بشرط أن يتم استغلال هذه الامكانيات وحسن استخدامها .عملية منظمةفي البداية يشير الدكتور أحمد ابراهيم محمود الخبير الاستراتيجى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،  أن المشكلة الغذائية العربية لم تأت من فراغ وليست أزمة مفاجئة بل جاءت عبر عملية منظمة تمت في إطار سياسات محدودة ومقصودة من قبل الإمبريالية العالمية وطوال سنوات عديدة، وهذه العملية شملت جميع الدول العربية التي تسعى إلى تحقيق إستقلالها الإقتصادي وصيانة إستقلالها السياسي . التكاتف قبل خطر المجاعة ويوضح أنه يجب على الدول العربية التوحد معا قبل التعرض لخطر المجاعة الذي أصاب بعض الدول الأفريقية، بالإضافة الى دعم الحكومات للقطاع الزراعي وعدم اهماله، والعمل على إيجاد صيغة تكامل عربي مشترك، تبدأ من تفعيل منطقة التجارة العربية الحرة إلى الاتحاد الجمركي إلى سوق عربية مشتركة، ثم اتحاد اقتصادي يقود إلى اتحاد نقدي ثم سياسي، كما نجحت أوروبا في ذلك خلال خمسين عاما.النمو السكانيويؤكد الدكتور عصام الحناوي مستشار البيئة السابق في الأمم المتحدة، أن هناك عوامل كثيرة وراء نقص الغذاء في الوطن العربي رغم وجود امكانات وطاقات لو تم استغلالها لن يصبح الوطن العربي بحاجة الى الاستيراد من الخارج، ومن هذه العوامل ظاهرة التصحر والجفاف وارتفاع معدلات النمو السكاني في الدول العربية وهو يعد من  أعلى معدلات النمو في العالم وسيادة النمط الاستهلاكي في العالم العربي وهو نمط يمثل فيه الغذاء المادة الاستهلاكية الرئيسة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى توجيه أي زيادة في الدخل إلى الطلب على الغذاء أكثر من أية سلعة أخرى.

الخبز أصبح مشكلة يومية..مواطنون يتجمعون للحصول على رغيف (الصورة من أمام أحد المخابز بالإسكندرية عصر الثلاثاء)

جانب سياسيويضيف: إن مشكلة نقص الغذاء لها جانب سياسي وهو رغبة الدول الامبريالية فرض سيطرتها على الدول العربية، وعدم إتاحة الفرصه لها لتحقيق استقلالها السياسي والإقتصادي ،حيث تقوم الدول المصدرة للمواد الغذائية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية بتحقيق أغراضها السياسية عن طريق تصدير المواد الغذائية والأمثلة كثيرة على ذلك. معوقات الإنتاج الغذائي من جهتها، قالت نجوى عبد المجيد الأستاذ بالمركز القومي للبحوث: إن الدول العربية تواجه عددا من المعوقات التي تقف حائلا أمام زيادة إنتاجها الغذائي منها ضعف الاستثمار في مجال البحوث الزراعية العربية، وعدم استقرار السياسات الزراعية، وهو الأمر الذي يؤدي إلى ضعف الاستثمارات الموجهة للقطاع الزراعي، والفقر المائي أيضا  في الدول العربية ينعكس على القدرة الإنتاجية. وتطرح عبد الحميد مجموعة من الحلول لتجنب خطر المجاعة وزيادة الانتاج الغذائي منها استخدام التقنيات الزراعية الحديثة لزيادة الإنتاج مما يحقق الأمن الغذائي العربي، و تفعيل دور المجال البحثي في المجال الزراعي وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الزراعية المتاحة، و تنمية التعاون والتكامل العربي في مجال الاكتفاء الذاتي ،حيث يمكن القيام بأنشطة تسويقية للمنتجات الزراعية من أجل تعميق التعاون العربي في مجال تجارة الغذاء.سياسات غير أخلاقيةوأشار اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي إلى أن من أهم أسباب مشكلة الغذاء في الوطن العربي  أن السياسات الاقتصادية العالمية لا تلتزم بأخلاقيات التعاملات الجارية، حيث الاحتكار والمضاربة غير المشروعة، بالإضافة إلى أسباب أخرى مثل الإهمال في تطوير سياسات الإنتاج الغذائي، وتطوير أساليب الترشيد الاستهلاكي، وأساليب الشراء الجديدة، بجانب التأثير المباشر لارتفاع أسعار النفط عالمياً، إذ أن معظم المنتجات الغذائية- إن لم تكن جميعها- تعتمد في كثير من مراحل إنتاجها على النفط، مثل استعمال آلات الزراعة وأدواتها، والتحويل إلى غذاء مباشر، والتغليف أو التعليب، والنقل، وغيرها. وقال مسلم: إن الدول العربية  يجب أن تقف بجانب واحد وتعمل على استصلاح الأراضي، وتحرم البناء على الأراضي الزراعية وما تم ازالته مؤخرا في مصر هو أمر جيد،  وبجانب ذلك أيضا يجب أن ينال القطاع الزراعي دعما من الحكومات مثل القطاعات الأخرى .ندرة المياهوأكد الدكتور‏محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والري السابق ورئيس المجلس العربي للمياه، أن الأمن الغذائي أصبح من أهم التحديات التي يواجهها العالم العربي في القرن الحالي في ظل ندرة مائية في بعض الدول وأطماع خارجية من دول أخرى أدت إلي قيام بعض هذه الدول باستيراد‏90%‏ من احتياجاتها الغذائية مما يجعلها رهينة لسياسات واتجاهات الدول الأجنبية المصدرة والتي تمثل من‏7‏ الى‏8‏ دول علي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا وغيرها من الدول الأوروبية‏. ويحذر وزير الري الأسبق  الدول العربية من خطر الخضوع للدول المصدرة، طالبا الوطن العربي بالتوحّد ورسم خطط وسياسات للنهوض بالانتاج الزراعي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي رافضا سياسات الدول المصدرة التي تستخدم الغذاء لتحقيق أغراضها السياسية . أما الدكتور صلاح الجندى أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، فقد أكد أن الدول العربية تتمتع بامكانات هائلة ،حيث تبلغ مساحة الوطن العربى حوالي 14 مليون كيلو متر مربع وتبلغ المساحة القابلة للزراعة حوالي 200 مليون فدان يستغل منها نسبة14 % فقط ،كما أن الدول العربية خاصة الخليجية منها غنية جداً بالمعادن والمواد البترولية وتقوم باستثمار اموالها في الخارج وكأنها تساعد استثمارات الدول الأجنبية ،كما يوجد الوطن العربي 153 مليار متر مكعب من المياه كما يمتلك العرب 55 مليون رأس من الجاموس و250 مليون رأس من الأغنام والماعز.التوزيع الأمثلويقول د. أحمد فوزي أستاذ القانون الدولي جامعة بني سويف، إن مشكلة الاستيراد الكبير داخل بلاد العرب من الخارج، تكمن فى عدم الاهتمام الكافي بزراعة المحاصيل الزراعية والاتجاه الى الانشطة التجارية وأنشطة الاستثمار العقاري والصناعي بشكل أوسع ،وهذا هو بداية الخطأ الذي وقعت فيه غالبية الدول العربية لأن الدول الصناعية الكبرى رغم تقدمها الصناعي الا انها استغلت هذا التقدم فى النهوض بالزراعة وتطوير الحاصلات الزراعية لأن من لا يملك قوته لا يملك قراره . هناك جانب آخر يكمن في معاناة معظم الدول العربية من نقص المياه، فمثلاً نهري دجلة والفرات ،نجد هناك تحكم تركي كبير في هذين النهرين مما أهدر كمية كبيرة من المياه وأدى ذلك بالطبع الى القضاء على كمية هائلة من الأراضي القابلة للزراعة ،كذلك استيلاء اسرائيل على مياه نهر الاردن والليطانى وغير ذلك، كما بدأت مصر والسودان أيضا في الدخول في مشاكل كثيرة في الفترة الأخيرة مع دول المنبع ومن هنا يتضح أن منابع المياه العربية كلّها في دول غير عربية مثل تركيا واثيوبيا، مما أدى بالضرورة الى نقص المياه . هذا بالاضافة الى مشكلة التصحر، فهناك دول عربية كثيرة تعاني من المساحات الصحراوية الشاسعة وعدم استصلاح أراضي جديدة، وهذا أخطر ما يواجه الدول العربية فى مشكلة نقص الغذاء في الوطن العربي هذا الى إقدام الدول  العربية الى الاستثمار فى المجالات العقارية والصناعية وبعده عن الاستثمار في المجالات التقليدية وعلى رأسها الزراعة. الحلول منها ما هو يختص بالجانب الحكومي، حيث لابد أن تعمل الحكومات على استصلاح أجزاء كبيرة من المساحات الصحراوية التي تغرق فيها ووضع خطط لزراعة الأغذية والسلع الأساسية التي تأكلها لأن هناك دولا عربية لا تنتج أي شيءٍ ولو قليل مما تأكله . والعمل على تحلية المياة المالحة للتغلب على مشكلة نقص المياه العربية وضرورة الاعتماد على الري بالتنقيط بدلا من الري بالغمر.. وعدم البناء على الاراضي الزراعية وخاصة في مصر.

مبادرة الملك عبد الله للإستثمار الزراعي أوجدت مخزونا استراتيجياعانى العالم نقصاً شديداً في مؤونة عدد من السلع الغذائية الأساسية في عام 2008 م ما أدى لزيادة الطلب وبالتالي حدث ارتفاع في أسعار هذه السلع. ومن المتوقع استمرار هذا الإرتفاع. ومواجهةً لهذه الأزمة قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بإطلاق مبادرة متعلقة بتشجيع ودعم الإستثمارات الزراعية للقطاع الخاص السعودي في الدول الزراعية الصديقة والشقيقة. واستجابة لهذه المبادرة قام على الفور مجموعة من رجال الأعمال المتمتعين بالحس الوطني و الخبرة اللازمة في هذا المجال بإطلاق الشركة الدولية للإستثمار الزراعي والغذائي والتي تهدف إلى تحقيق الأهداف المرجوة من هذه المبادرة، والتصدي لمشكلة الأزمة الغذائية، باتخاذ إجراءات مناسبة، وتأمين العيش الرغيد للوطن وتحقيق الأمن الغذائي. الإستراتيجية إيجاد مخزون استراتيجي آمن من السلع الأساسية مثل: الأرز والقمح والشعير والذرة وفول الصويا والثروة الحيوانية، بما يحقق الأمن الغذائي للمملكة ويحول دون نشوء أزمات غذائية مستقبلية، بالإضافة إلى الحفاظ على استقرار أسعار المواد الغذائية بصفة مستدامة. مهام المبادرةـ تحديد الدول المستهدفة للاستثمار الزراعي الخارجي. ـ التعرف على الأسعار ومدد استئجار الأراضي بالدول المستهدفة ـ الاتفاق مع الدول على المزايا والضمانات والحوافز الممنوحة للمستثمر السعودي.التصدي للمشكلةتبنت الحكومة عدداً من القرارات والإجراءات بهدف التصدي لمشكلة الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي من خلال «مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج» تمثلت في : ـ  تشكيل لجنة وزارية من كل من وزارة التجارة والصناعة ووزارة الزراعة ووزارة الخارجية ووزارة المالية، انبثق عنها فرق عمل فنية، بهدف القيام بخطة عمل واتخاذ إجراءات مناسبة للمساهمة في تحقيق الامن الغذائي للمملكة. ـ  بناء وإدارة مخزون استراتيجي للسلع الغذائية الرئيسة بالمشاركة مع القطاع الخاص للتعامل مع الأزمات وتقلبات الأسعار. ـ  تبني الحكومة لاتفاقية إطارية مع الدول المضيفة لتشجيع الاستثمارات السعودية الزراعية .

 بعد إنساني منزّه عن الأهداف السياسية وتخصيص جزء من الإنتاج للدول المضيفة

ـ تحديد الدول المستهدفة بالاستثمار الزراعي السعودي الخارجي. ـ التعرف على المزايا والضمانات والحوافز الممنوحة للمستثمر الزراعي السعودي في الدول المضيفة. ـ تبني الدولة لبعض الحوافز والتسهيلات المناسبة لقيام الاستثمارات الزراعية في الدول المستهدفة بالاستثمار الزراعي، مع إمكانية تنفيذ عقود شراء المحاصيل الزراعية.إنسانية المبادرةـ  المبادرة الزراعية تحمل بعداً إنسانياً كونها تهدف إلى زيادة إنتاج الغذاء في العالم، خاصة من السلع الغذائية الأساسية ، وان جزءًا من الإنتاج سوف يخصص للدول المضيفة، مما يساهم في تحقيق أمنها الغذائي. ـ المبادرة ليس لها أهداف سياسية، والمملكة في جميع مبادراتها الخيرية والاستثمارية، بمنأى عن التوجهات السياسية. السعودي في الخارج :ـ اختيار الدول ذات الإمكانات الزراعية الجيدة، والأنظمة الاستثمارية الجاذبة. ـ أن القطاع الخاص هو المستثمر الرئيس، واستعداد الدولة لتوفير الحوافز المناسبة. ـ إمكانية مساندة الدولة من خلال الصناديق المعنية في تمويل البنية الأساسية إذا لزم الأمر. ـ وضع آليات لضمان حق تصدير بعض المحصول الناتج للمملكة بأسعار عادلة. ـ بناء وإدارة مخزون استراتيجي للسلع الغذائية الأساسية بمختلف مناطق المملكة. ـ حرية اختيار المحاصيل المزروعة والتي حددت من خلال هذه المبادرة. ـ توقيع اتفاقيات ثنائية مع الدول المضيفة وكذلك عقود امتياز تضمن تحقيق أهداف الاستثمارات وحمايتها ، وان تكون الاستثمارات طويلة المدى. ـ توفر جميع الموارد اللازمة للزراعة بما فيها الأراضي الخصبة والمياه الوفيرة ومدخلات الزراعة. دعم وتشجيع الدولة للاستثمارات الزراعية الخارجية : ـ وضع آلية لاستلام المحاصيل المنتجة بالخارج، بالأسعار العالمية العادلة التي تحقق هدف المستثمر وتساعده على استمرار استثماره . ـ وضع آلية خزن استراتيجي للسلع الأساسية للتعامل مع الأزمات وتقلبات الأسعار. ـ إمكانية تمويل تكاليف مشاريع البنية الأساسية المرتبطة بهذه الاستثمارات. ـ صدور الأمر السامي بإنشاء الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني في الخارج (شركة مساهمة سعودية تحت التأسيس) المنتجات الأساسية المستهدفة : ـ الأرز والحبوب الزيتية، القمح، السكر،  الشعير، الأعلاف الخضراء،  الذرة، المنتجات الحيوانية والسمكية، و فول الصويا.

عوامل نجاح المبادرةـ  الدولة تساهم في رعاية الاستثمار الخارجية وتقدم الحوافز والمزايا للمستثمر. ـ إنسانية المبادرة، فالاستثمار ليس هدفه فقط الربحية التجارية الباهظة. ـ الاستثمار الزراعي استثمار طويل الأجل ، وليس أموالا ساخنة للمضاربة. ـ المملكة لديها خبرات كبيرة ومميزة في الاستثمار الزراعي جاوز الثلاثين عاما. ـ الاهتمام بتكوين البنية التحتية الذاتية للمشروعات، وليس مجرد ضخ الأموال، أو إيرادات وتكاليف فقط. ـ الاهتمام بالبحث والتطوير ، وبناء قواعد البيانات والمعلومات. ـ أن تبين العقود وفق أسس عادلة، تراعى مصالح أصحاب الأرض، والعمالة المحلية. ـ أن تكون العقود واضحة، تتسم بالشفافية، والإفصاح. ـ أن يكون الاستثمار ضمن خطط احتياجات الدول المضيفة الغذائية والتنموية وان يساهم فيها. مقومات الاستثمار الزراعي الخارجي : ـ الاستقرار السياسي والاجتماعي. ـ الاستقرار التشريعي والتنظيمي. ـ الاستقرار الاقتصادي العام والعمل بمبادئ الاقتصاد الحر. ـ وفرة المواد الطبيعية ( المناخ المناسب والتربة الخصبة ووفرة الموارد المائية). ـ توفر ورخص الأيدي العاملة. ـ الموقع الاستراتيجي. ـ الأنظمة التي تكافح الفساد الإداري. ـوجود حوافز مشجعة للمستثمرين. ـوضوح وشفافية أنظمة الاستثمار. ـ السوق المشجع محلياً وإقليميا ودولياً. ـ العلاقات السياسية الوثيقة مع المملكة. ـ  الإعفاء من دفع رسوم الجمارك على البضائع التي يتطلبها رأس المال أو مواد الإنشاءات والزراعة. ـ إعفاءات من ضريبة الدخل لمدد مناسبة لمشاريع التصنيع أو الزراعة.التحديات والمعوقات :ـ طول الإجراءات عند الرغبة في دخول المستثمرين في الاستثمار. ـ عقبات في التطبيع الفعلي لبعض بنود قوانين الاستثمار والتفسيرات التابعة لها. ـ استحداث قوانين وتفسيرات جديدة تؤثر سلبا على الاستثمارات، خاصة ما يتعلق بقوانين الجمارك والضرائب مما يضيف أعباء جديدة وذلك خلال فترة الإعفاء الممنوحة للمستثمرين. ـ بطء وطول الإجراءات الجمركية وتعقيد إجراءات تطبيق الامتيازات الممنوحة بقانون الاستثمار مما يؤدي إلى عدم تمكن المستثمر من الاستفادة منها. ـ الأعباء الضريبية المفروضة على الإنتاج الزراعي من العوائد المحلية وتبرعات هي في جوهرها ضرائب لان المعاملات لا تكتمل إلا بعد دفعها. ـ تباين وتعدد الرسوم المفروضة على المستثمر والضرائب المحلية المتعددة والمساهمات التي يتم تحصيلها خلال مراحل العمليات الإنتاجية المختلفة مما تشكل عبثا ماليا إضافيا على المستثمر. ـ عدم وجود شفافية في تطبيق قوانين الاستثمار. خاصة فيما يتعلق بتخصيص الأراضي الزراعية حيث يقوم المستثمر بدفع رسوم تصديق وتسجيل الأرض ورسوم العقد لكل فدان وفي مجملها عالية القيمة. ـ ضعف البنية التحتية في مناطق الإنتاج الزراعي والحيواني اللازمة لتشجيع المستثمر وتتمثل في ضعف شبكات الري وما يتطلبه إنشاؤها من تكاليف استثمارية عالية وعدم وجود الطرق المعبدة والسكك الحديدية، والطاقة الكهربائية والخدمات المساعدة والقنوات التسويقية. ـ عدم وجود أراضي مخططة وجاهزة للاستثمار الزراعي ( خريطة استثمارية ودليل زراعي ). ـ مشاكل الحيازة الزراعية وتسجيلها ومشاكل ملكية الأراضي. ـ عدم التزام المستثمرين بإرسال التقارير الخاصة بأداء المشروعات حتى يتم ربطها بالإعفاءات الضريبية وتجديدها سنوياً ـ بطء التنفيذ للمشروعات من جانب المستثمر مما يؤدي لطلب مد فترة سريان الإعفاءات خاصة الضريبية. ـ تكلفة الخدمات الأساسية والتي تشكل عبئاً إضافياً على المستثمر خاصة خدمات الكهرباء والمياه والمواد البترولية والتي هي في حالة تصاعد مستمر. (المصدر: موقع وزارة التجارة والصناعة السعودية)

أزمة الفجوة الغذائية من أهم تحديات الوطن العربيثمة فجوة غذائية فى الوطن العربى  إلى حد يمكن وصفها بالأزمة وهو ما بات يشكل واحدا من أهم التحديات التى تواجه المنطقة فعلى الرغم من توافر الموارد الطبيعية من الأرض والمياه والموارد البشرية فإن الزراعة العربية لم تحقق الزيادة المستهدفة فى الإنتاج لمقابلة الطلب على الأغذية واتسعت الفجوة وأصبحت الدول العربية تستورد حوالى نصف احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسية. وعلى الرغم من تمكن أغلبية بعض الدول العربية من تحقيق الاكتفاء وفائض تصديرى فى بعض السلع الغذائية كالخضروات والأسماك وتحقيق بعضها زيادة فى إنتاج الحبوب والمحاصيل الأخرى الا أن قيمة الفجوة للسلع الغذائية الرئيسية استمرت فى الارتفاع واستمر العجز فى عدد من  المحاصيل الرئيسية حيث تستورد الدول العربية حوالى نصف احتياجاتها من الحبوب و63 فى المائة من الزيوت النباتية و71 بالمائة من السكر وتشكل هذه السلع حوالى 76 بالمائة من قيمة فجوة السلع الغذائية الرئيسية.غير كافٍوحسبما يقول الدكتور ثامر العانى مدير إدارة الدراسات والعلاقات الاقتصادية بالجامعة العربية لـ» اليوم « فإنه على الرغم من أشكال التعاون والتنسيق التى تحققت بين الدول العربية فى مجال تطوير التعاون الاقتصادى بشكل عام وتنفيذ المشروعات الزراعية المشتركة وتسهيل تبادل السلع الزراعية والاستفادة من نتائج الأبحاث الزراعية عبر المنظمات العربية والأقليمية العاملة فى المجال الزراعى إلا أن هذه الجهود لم تساهم بالقدر الكافى فى تحقيق الأهداف المنشودة فى إنتاج السلع الغذائية الرئيسية لتوفير احتياجات الأعداد المتزايدة من السكان فى حين تشير الإمكانات المتوافرة فى الدول العربية الى أن المجال ما زال واسعا للاستفادة من الميزات التى تتمتع بها المنطقة العربية لتحقيق الأمن الغذائي.

أن معظم الدول العربية تمتلك قدرات استثمارية كبيرة لكنها فى حاجة الى مناخ مناسب تتوافر فيه الإطر القانونية والتشريعية الملائمة والخدمات الاساسية فى مناطق الإنتاج الزراعىمعوقات التكاملويلفت الدكتور العانى الى أن ثمة معوقات ما زالت تؤثر سلبا على صعيد التكامل العربى باتجاه سد الفجوة الغذائية وتتلخص فى عدم توافر المناخ الاستثمارى المناسب بما فى ذلك إصدار التشريعات والقوانين اللازمة وتفوير البنى الأساسية الضرورية ومنح الميزات التفضيلية للمشروعات الزراعية بالاضافة الى عدم التوصل الى التوليفة المناسبة بين الموارد فى الدول العربية بسبب عدم توفير حرية انتقال عوامل الإنتاج لدرجة مقبولة تكفل سوق إقليمية عربية تتفاعل فيها هذه الموارد لجذب الاستثمارات فى المشروعات الزراعية وفى الوقت نفسه تعانى معظم الدول العربية من التشابة فى أنماط الإنتاج الزراعى بسبب عدم الاستفادة من الميزة النسبية التى يختص بها كل بلد عربى وهو ما يضعف قدرة الدول العربية على المنافسة فى الأسواق الخارجية  ومع ذلك فإن  الدكتور العانى  لديه تصور بأن تحقيق التعاون والتكامل فى الوطن العربى يرتبط بتوافر الموارد والإمكانات التى يعزز استثمارها المصالح المشتركة مما ينعكس إيجابا على مجمل الأوضاع الاقتصادية وتحسين مستوى المعيشة فى الدول العربية خاصة أن الوطن العربى يمتلك الكثير من القدرات التى تمكنه من توفير احتياجاته الغذائية وتحقيق فوائض للتصدير من السلع الغذائيةالنباتية والحيوانية التى تتميز بها المنطقة العربية مشيرا فى هذا السياق الى أن الدول العربية تمتلك مساحة شاسعة من الأراضى الزراعية التى لاتستثمر ويقع القسم الأكبر منها حيث تتوافر موارد المياه ففى السودان وحده هناك حوالى 70 مليون هكتار من هذه الأراضى التى يمكن استثمارها لتعزيز الامن الغذائى فى الوطن العربى وعلى سبيل المثال تقدر الفجوة الغذائية العربية من القمح بحوالى 25 مليون طن وهى تتطلب زراعة حوالى 5 أو 6 مليون هكتار وتحتاج الى حوالى 50 مليار متر مكعب من المياه اذا تم الرى بالطرق التقليدية الحالية وحوالى 25 مليار متر مكعب اذا تم الرى بالطرق الحديثة كما أن هنا إمكانيات واسعة للتنمية الرأسية وذلك عبر تحديث أنماط الإنتاج الزراعي التقليدى وتطوير أنظمة البحث الزراعى كما يتوافر فى الدول العربية ثروة حيوانية كبيرة يمكن مضاعفة إنتاجها عدة مرات.

المناخ المفقودوينبه الدكتور العانى الى أن معظم الدول العربية تمتلك قدرات استثمارية كبيرة لكنها فى حاجة الى مناخ مناسب تتوافر فيه الإطر القانونية والتشريعية الملائمة والخدمات الاساسية فى مناطق الإنتاج الزراعى ومن الميزات الهامة التى تسهل التكامل العربى – كما يضيف- توافر السعة السوقية فى الوطن العربى حيث بلغت قيمة الواردات الزراعية من الخارج حوالى 5ر46 مليار دولار وفق آخر الاحصائيات المتاحة بينما بلغت الصادرات الزراعية حوالى 9ر13 مليار دولار. ويقول: إن هناك قرارا سياسيا عربيا للتغلب على الأزمة الغذائية أو ما يسمى علميا بالفجوة الغذائية وكانت البداية فى القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التى عقدت بالكويت فى يناير 2009 حيث أولى القادة العرب اهتماما خاصا بموضوعات الأمن الغذائى والأمن المائى وحماية البيئة وتنشيط الاستثمار فى هذه المجالات وذلك من خلال اعتماد مشروعات محددة لتحقيق التنمية الزراعية وتنمية الموارد المائية فى الدول العربية وأهمها مشروع البرنامج الطارئ للأمن الغذائى ومشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية ووضع استراتيجية للأمن الغذائى كما اتخذت القمة توجها عمليا لدعم مشاركة القطاع الخاص فى التنمية والاستثمار فى مجال إنتاج الغذاء من خلال توفير مليارى دولار توضع فى حساب خاص فى الصندوق العربى للإنماء الاقتصادى لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى ينفذها القطاع الخاص فى الدول العربية ومن المقرر أن تحظى هذه البرامج والاستراتيجيات بانطلاقة قوية فى قمة الرياض الاقتصادية والتنموية التى ستعقد فى شهر يناير المقبل والتى تقوم الجامعة العربية بالتنسيق مع الجهات السعودية المختصة بالاعداد لها حاليا.أبعاد وطنيةووفق رؤية الدكتور يسري العزباوى الباحث بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية، فإن ثمة أبعادا وطنية وأقليمية ودولية تساهم فى تعميق أزمة الغذاء فى العالم العربى ولكنه يلقى باللائمة بالدرجة الأولى على الدول العربية ذاتها التى غاب عن تفكير حكوماتها السعى الحثيث لتحقيق نوع من التكامل الحقيقى فيما بينها على صعيد القطاع الغذائي بالرغم من الواقع  المرير الذي يحتم قيام هذا التكامل ولعل ذلك كما يقول يعكس غياب الرؤية أو بالأحرى الإرادة السياسية مما جعل الدول العربية والتى يمتلك بعضها المساحات الشاسعة من الأراضى الخصبة القابلة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية الضرورية لحل الفجوة الغذائية القائمة فى حين يمتلك بعضها الآخر القدرات المالية والاستثمارية والبعض الثالث لديه فائض  العمالة القادرة على القيام بأعباء العملية الزراعية ولكن البعد الدولى يلعب بالطبع دورا مهما فى تعطيل الجهود العربية الرامية لسد الفجوة الغذائية وهنا يشير الدكتور العزباوى الى جملة من الملاحظات المهمة أولها أن الدول المنتجة للحبوب تصدر الى العالم العربى أردأ أنواع هذه الحبوب خاصة القمح وكثيرا ما كشفت الأجهزة الرقابية فى المنافذ الجمركية - فى مصر على سبيل المثال – أقماحا غير قابلة للاستهلاك الآدمى وإنما هى مخصصة لإطعام الحيوانات. المعضلة الكبرى تكمن – حسب منظورالدكتور العزباوى – فى أن الوطن العربى بات يفتقد الى استراتيجية للتكامل والشراكة فى قطاع الإنتاج الزراعى وبالذات فيما يتعلق بالحبوب وكل ما اتفقت عليه الحكومات العربية منذ تأسيس النظام الأقليمي العربى لم يغادر الوثائق أو الأوراق التى حملت الاتفاقيات المبرمة فيما بينها وبالتالى لم يتحقق فى أرض الواقع مشروع واحد فى المجال الغذائي.غياب الإرادةورداً على سؤال حول سبب التركيز على غياب الإرادة السياسية الوطنية، قال العزباوي، أحسب أن غياب هذه الإرادة هو المحرك الأساسى للأزمة  فلو كانت متوافرة على النحو المطلوب لتمكنا من تجاوز تداعياتها التى تفاقمت  فى السنوات الأخيرة ولعلى ألفت فى هذا الصدد الى أن البيئةالاستثمارية فى أغلب الدول العربية أعطت الأولوية لقطاع الخدمات والقطاع العقارى  وقطاع الاتصالات دون أن توجه اهتماما يذكر لرزاعة الحبوب الاستراتيجية فضلا عن أن المزايا الممنوحة فى قطاع الزراعة أقل بكثير من القطاعات الأخرى وهى فى معظمها غير إنتاجية وذلك ناتج فى تقديرى عن غياب الإرادة السياسية لدى صانع القرار الاستثمارى والذى هو بالضرورة صانع القرار السياسى والذى يفضل أن تكون حساباته لصالح إرضاء أطراف دولية  مثلما حدث فى مصر فى عهد النظام السابق فقد كان يتصور أنه بمنعه توسيع المساحات المخصصة لزراعة القمح لتحقيق قدر من الاكتفاء الذاتى فضلا عن حثه القيادة السودانية على تقليص زراعة القمح يعمل على تجنب عداء الولايات المتحدة التى ارتبط بها عضويا واستراتجيا فى المنطقة وفى العالم.قمة الرياضويدعو العزباوى القمة الاقتصادية والتنموية التى ستستضيفها الرياض فى يناير المقبل الى أن توجه جزءا من جدول أعمالها الى إيجاد الحلول العملية لإنهاء الفجوة الغذائية فى الوطن العربى فى ضوء القاعدة التى تقول إن من لا يمتلك قوته لايمتلك صوته وقراره وبالتالى فإن القادة العرب  مطالبون بالتفاعل مع رغبات شعوبهم  التى تجلت فى  ثورات الربيع العربى التى  ركزت على الكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية والعيش فضلا عن الديمقراطية وتحقيق الاستقرار والأمن وكل ذلك كما يضيف محدثنا لن يتحقق الا عبر توافر درجة عليا من الاكتفاء الذاتى من الغذاء والذى يقود بالضرورة الى التغلب على معضلات صحية اجتماعية أخرى عديدة فى المنطقة العربية ومن ثم فإن قمة الرياض مدعوة الى وضع جدول زمنى لحل الازمة الغذائية من خلال إصدار قرارات قابلة للتنفيذ وذلك يصب فى خانة بقاء القادة العرب فى مقاعدهم إذا عملوا على التعامل بفعالية مع هذه الازمة وفى رأيه لا يجب  أن تقتصر جهود حل هذه الازمة على الحكومات والقادة وإنما يجب إدخال رجال الأعمال وقطاع المال الخاص للاستثمار فى مجال الغذاء الى جانب تفعيل الأدوار التى تقوم بها منظمات المجتمع المدنى العاملة فى القطاع الزراعى والفلاحى وتنيسق حركتها حتى تكون قادرة على بسط توجهاتها الرامية الى تضييق الفجوة الغذائية وفى المقابل فإنه يتعين على الحكومات العربية صياغة الاستراتيجيات التى ترمى الى جذب الاستثمارات فى القطاعات الإنتاجية وفى مقدمتها القطاع الزراعى الذى كابد خلال العقود الأخيرة قدرا كبيرا من الإهمال ولعل ذلك يبدو شديد الوضوح فى فترة حكم مبارك لمصر بينما وجه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اهتماما كبيرا للزراعة ضمن الخطط الخمسية التى نفذها فى حقبتى الخمسينيات والستينيات من القرن الفائت ومن قبله محمد على الذى وضع الزراعة الى جانب الصناعة كمحور مهم من محاور مشروعه لبناء مصر الحديثة.