فالنظام الذي جوبه بأكبر عملية هزّت كيانه في الداخل، وحصدت رؤوس خمسة من كبار قادته الإجراميين، بدأ يتصدّع سياسيًا ومن الخارج، بتوالي انشقاق بعض دبلوماسييه في عواصم عربية وأجنبية، ما يعني أن أيام نظام بشار باتت في العدّ التنازلي. لذا، لم يجد النظام المفلس، سوى أن يتوهّم تسويق أحاديث عن حكاية سمّاها «مؤامرة المجسّمات الخليجية» ليشغل المساكين وفاقدي العقول الذين لا يزالون يلتفون حوله خوفًا ورعبًا، كان مدهشًا ومثيرًا للسخرية في آن واحد، ما تشدق به الإعلام الأسدي قبل يومين، عندما عرض التليفزيون السوري الرسمي تقريرًا تناول فيه ما سمّاه «خطة قطر والسعودية ودول عربية لإسقاط النظام»، وهو المخطط الذي زعم أنه كشف من قبل الاستخبارات الصينية، وللتأكيد على عبقرية الاستخبارات الصينية في كشفها لذلك المخطط «الكوني» بحسب تعبير التليفزيون السوري، فإنها - أي الاستخبارات - استطاعت أن تعرف الاسم السري للخطة وهو «السقوط المدوّي». ليس هذا فقط، بل إن التليفزيون الرسمي اعتبر أن «ثمة مؤامرة قطرية سعودية ستتجلى بإنتاج سينمائي هوليودي ضخم جدًا تصل تكلفته إلى 36 مليار دولار» حيث «تمّ تكليف شركة أمنية أمريكية لبناء مجسّمات لمبان رسمية وساحات رئيسية في محافظات سورية بالأحجام الحقيقية»، ولدقة المعلومات فإن الإعلام السوري حدّد كل ما سيتم بناء مجسّمات له من «جبل قاسيون ومكتبة الأسد وساحتي الأمويين والعباسيين إلى مطار دمشق الدولي».! ولنا أن نتخيّل هنا عبقرية الاكتشاف الأسدي، الذي احتاج لـ»الأشقاء الصينيين» ليكشفوا له عن المؤامرة المزعومة، فما بالنا بخيبة «الأشقاء الروس» الذين فشلوا في اكتشاف التفجير الذي حدث في قلب العاصمة دمشق، وفي مكتب هو الأخطر مكانًا واستهدف أشخاصًا هم الأرفع من بين النظام. هذا الخيال الرائع، الذي يفترض أن المملكة وقطر يمكن أن تنفقا 36 مليارًا لديكورات شخص أصبح من الماضي، ولا يستحق حتى تكلفة اتصال دولي، لأن شعبه أصبح المتكفل به، والمنادي بسقوطه ومحاكمته على كل جرائمه، هو نفس الخيال الذي جعل من الإعلام السوري المغلوب على أمره، يستخف بعقول الناس، مكررًا للأسف نفس خطأ كبيرهم الذي استخف بشعبه، فقتله وشرده. النظام يلفظ أنفاسه الأخيرة، وليته يفعل شيئًا واحدًا صحيحًا قبل أن يركله السوريون بأقدامهم غير استمرار الأكاذيب واختلاق الأوهام.