ان التفسير الشعبي على اساس غلبة إرادة المتآمر على حرية المتآمر عليه يفسّر هذا الاستسلام شبه المطلق للمؤامرة. لكن عالمنا اليوم يقوم على المصالح و الهيمنة، ولا تقوم العلاقات الدولية اليوم على منطق سيد وعبد بالمعنى المطلق، بل بمعنى ماذا احصل مقابل ما أعطي. إن القراءة المتمعّنة للوثائق السرية كالتي تنشرها بريطانيا ووثائق ويكيلكس وبعض الوثائق السرية من السفارة الأمريكية المحتلة اوائل الثورة الإيرانية تشير الى ثلاثة جوانب مهمة: مفهوم المقايضة بحيث يقدّم طرف تنازلًا ليقدّم الآخر امتيازًا ما او يمنح كل طرف الآخر شيئًا هو بحاجة إليه.
الجانب الأكثر وضوحًا للمؤامرة هو توظيف العوامل النفسية والفكرية. حيث تشير الوثائق إلى أن هناك أناسًا حققوا مصالح لجهاتٍ اخرى دون قصد لجهلهم وحُمقهم فوقعوا في شرك عاشوا فيه ردحًا من الزمن ظنًا أنهم يُحسنون صنعًا. وتستغل الأجهزة السياسية في العالم المشاعر النفسية؛ لتحقيق المصالح. ولعل من أوضح صور المقايضة في العقد الأخير صفقة أمريكا مع صدام عرفت بالنفط مقابل الغذاء، والتي ضمنت له الديمومة مقابل تحكّم الولايات المتحدة بمفاصله الاقتصادية. وصفقة امريكا مع ايران في اواخر الحرب العراقية - الايرانية؛ لتعمل ايران لإطلاق الرهائن الأمريكان في لبنان مقابل صفقات من الاسلحة وتعديل في استراتيجية امريكا من الحرب القائمة. والجانب الآخر من أشكال المؤامرة استخدام ادوات الضغط لتحقيق المصالح كالمقاطعة الاقتصادية لثني ايران عن برنامجها النووي او التهديد بالحرب وغيره. وتوظف المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والناتو والصندوق الدولي اسلحة ضغط لتحقيق المصالح. والجانب الاكثر وضوحًا للمؤامرة هو توظيف العوامل النفسية والفكرية. حيث تشير الوثائق إلى أن هناك أناسًا حققوا مصالح لجهات اخرى دون قصد لجهلهم وحُمقهم فوقعوا في شرك عاشوا فيه ردحًا من الزمن ظنًا انهم يحسنون صنعًا. وتستغل الاجهزة السياسية في العالم المشاعر النفسية؛ لتحقيق المصالح. فالحقد والحسد والكراهية والطمع والحرص تمثل اجهزة غنية يوظف من خلالها البعض دون ان يشعروا لتوجيه اسلحتهم باتجاه من يُراد القضاء عليه. إن العلاقات في المسرح الدولي لا تنفك عن توظيف المشاعر النفسية لنيل أكبر قدر من المصالح مهما كان الثمن. ان تطوير التفكير الاستراتيجي والبناء النفسي للتخلص من الامراض النفسية والارتفاع بالقدرات العلمية والمعرفية هي الكفيلة بإخراج المجتمع من دائرة البعبع النفسي الى الواقع ودون ذلك فالفهم السائد للمؤامرة يبقى حقيقة يغتنمها الآخرون حيث: (تصبح الحقيقة من حيث كونها عاملًا اجتماعيًا ذات تأثير ضار عندما لا تتماشى مع دوافع التطور والتغيير فتصبح ذريعة إلى الكساد الفردي والاجتماعي، وحينئذ لا تكون ملهمة للنشاط، بل عاملًا من عوامل الشلل) وجهة العالم الاسلامي- مالك بن نبي.