لا يعلم طفل (العدوة) وهو يكمل صورة بيت الرئيس الجديد لأم الدنيا، أن الدنيا نفسها تغيرت منذ أيام فقط .. وأن مصر نفسها أصبحت أماً (لدنيا) غير .. دنيا ينتقل فيها ابن القرية البسيط المجتهد والمغترب والمسجون أيام الثورة، إلى قصر الرئاسة، الذي تجري المياه والناس من تحته، والفارق أن هذا (التحت) صار اليوم فوق .. وفوق بما لا يقاس وما لا يتخيل.!! كيف يا ترى تنقلب الدنيا هكذا فجأة ؟ كيف يصبح بيت القرية البسيط جدا هوى لعيون الزائرين، بينما يصبح قصر الرئاسة مصابا بالاتهامات والشبهات والزهد ؟ كيف تحاك عباءات الزهاد من جديد بعد أن انقرضت؟ وكيف لا يبدو أحد، مهما بلغ فقره وهوانه، قادرا على قول رأيه وتحذير الرئيس من التقصير والاستهانة بمطالبه ؟ ما الذي حدث..؟ ليس لدي إجابة أو تفسير غير : الله أعلم .. الله أعلم في تدبير كونه، وأعلم حين ينقل الدكتور محمد مرسي من السجن إلى القصر .. وأعلم حين يضع على لسان الفقير ما عجز عنه الغني.
أحب (الرومانسيات) جدا.. ولذلك تأملت بشعور لا يخلو من نظرة وردية حالة بيت الرئيس المصري المنتخب، محمد مرسي في بلدته، قرية العدوة بمحافظة الشرقية. بساطة لا تسطيع مقاومة التماهي مع حضورها وعاطفتها : ثلاثة أدوار تتكئ على بعضها وتخلو من لمسة مهندس.. طلاء طيني لواجهة البيت.. وباب نُحت، فيما يبدو، من خشب أشجار القرية نفسها.. وأمام صورة البيت تكتمل البساطة بوقوف طفل بملابس قروية، ظهر في عينيه سؤال: لماذا أصبح هذا البيت فجأة محجا للإعلاميين والمصورين والفضوليين .. وأبناء المدن والقرى المجاوره؟